جنين - قُدس الإخبارية: قال محافظ جنين، أكرم الرجوب، إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية "تلاحق السلاح الذي يعبث بأمن الفلسطينيين"، حسب وصفه، وأضاف في لقاء مع برنامج "حكي الناس" الذي يقدمه الزميل محمد الأطرش عبر إذاعة "علم" و"شبكة قدس"، أن "السلاح المقاوم يجب أن لا نراه، المقاوم لا يطلق النار على المقاطعة، ولا يؤذي جاره ولا يعبث بأمن الناس".
وأضاف: "جنين بلد مقاومة وهذا أمر لا نقاش فيه، أهلنا في جنين لا يستكينوا للاحتلال، مخيم جنين فيه رجال مقدامين ونحن لا نمسهم بالإجراءات الأمنية، من يريد أن يخلط بين الأمرين فهذا شأنه، إطلاق النار على المقاطعة يستدعي الوقوف أمام هذه الظاهرة، إذا كان المقصود بأن من يطلق النار على المقاطعة هو مقاوم، فهنا سنختلف، من يهين كرامة رجل الأمن أو يمس بجاره لا علاقة له بالمقاومة".
وقال: "لنا إجراءات في الميدان، عنوان الملاحقة واضح وهو سلاح الفلتان، من يريد أن يركب الموجة، على ماذا سنتحاور؟ لا ألاحق إلا سلاح الزعران والفلتان، أقول للمرة الألف سلاح المقاومة لا يشاهد في الشوارع، ولا يؤذي المجتمع الفلسطيني".
وتعليقاً على ما تصريحات نائبه وما تداولته وسائل الإعلام حول أن الحملة الحالية جاءت بعد ظهور مسلحين من كتائب القسام وسرايا القدس، في جنازة وزير الأسرى السابق وصفي قبها، قال: "قرار الحملة كان قبل الجنازة، الأحداث التي شاهدناها قبل كانت فيها مظاهر مسلحة أكبر من جنازة وصفي قبها، كان هناك مراجعة لدى الأمن حول ضرورة وقف التعديات على الأمن وكرامة الناس، بعض الإعلاميين الذين يريدون إرضاء عدد من الأحزاب، علقوا على ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية وكأنها هي من تحدد بوصلة الأمن الفلسطيني، وهذا غير صحيح، القرار صدر قبل الجنازة".
وأردف قائلاً: "لن يقع أي صدام مع أي كان، صدامنا مع الخارجين على القانون ومن يطلقون النار على المقاطعة وبيوت الناس، هذا ما يجب أن يفهمه الجميع، بوصلتنا نحن من نحددها، لا يحددها الاحتلال أو فصيل يريد شيطنتنا".
"لا مصلحة لأحد في الصراع الداخلي"
من جانبه، قال عضو لجنة المتابعة في المخيم، محمود السعدي، إن "قضية التسلح منتشرة في كل مناطق الضفة، والسلاح موجود بكثرة في أيدي الناس، خاصة لحاجة الناس لحماية نفسها في ظل غياب الرادع القانوني كما يجب، وتقاعس السلطة في حل قضايا القتل وغيرها أدت لتسلح بعض العائلات"، حسب تعبيره.
واعتبر أن الحالة في مخيم جني "استثنائية"، وأوضح: "ليس كل السلاح الموجود للمقاومة، توجد فئة تقاوم الاحتلال ومجموعات أخرى تقتني السلاح للمشاكل العائلية، أدخل إلى اليوتيوب وشاهد الأعراس وكميات السلاح الموجودة فيها، لماذا التركيز على مخيم جنين؟".
وتابع: "في كل مكان يوجد المقاوم والخائن والمحترم وغيره، علاقتنا مع المؤسسة الرسمية قائمة على الاحترام، لكن التحريض على المخيم غير مقبول، في البداية واجهنا التحريض من قبل الاحتلال الذي صدر عبر إعلامه أن المخيم فيه ترسانة عسكرية، ليبرر لنفسه أي مخطط في المستقبل، المحافظ لا يستطيع التصريح أن السلاح يطلق منه النار على المستوطنات والاحتلال، كي لا يمنح الاحتلال مبرراً للعدوان".
وقال: "في ظل الهدوء الذي تعيشه مناطق واسعة في الضفة، ظهرت جنين المقاومة التي لا تخضع للاحتلال، الاحتلال غير معني بتطورها إلى باقي المناطق، وتوجد تفاهمات بين "إسرائيل" ولمستوى السياسي الفلسطيني هذا الأمر أدى لضغط على السلطة، لوقف هذه الظاهرة، والمستوى الرسمي يحاول قدر المستطاع تهدئة الأوضاع".
وأكد أن "لا مصلحة لدى أي فصيل أن يراق الدم في صراع داخلي، الذي لديه سلاح يستطيع أن يستعملها في الطريق السليم لا في الاستعراضات ولا إطلاق النار في الهواء".
فتح: "جهات تحاول العبث بالساحة الداخلية"
وفي سياق متصل، قال أمين سر حركة فتح في جنين عطا أبو ارميلة، إن "كل الشعب الفلسطيني يتعرض لهجمة من الاحتلال، مخيم جنين جزء من الوطن يتعرض لهجمة شرسة، أبناء المخيم يقدمون الغالي والنفيس في المقاومة ويمنعون قوات الاحتلال من دخول المخيم، منذ 4 شهور لم يتمكن الاحتلال من اقتحام المخيم، وهذا شرف عظيم، الجيل الجديد سبق كل الأجيال في مواجهة الاحتلال، هذه حقيقة في المخيم وكل الوطن".
واعتبر أن الحالة الحالية من التوتر في المخيم والمدينة، سببها "أيادٍ تحاول العبث بالساحة الداخلية الفلسطينية، وتحاول حرف البوصلة في الوقت الذي توجد فيه مقاومة وتضحيات".
وكشف ابو ارميلة في مداخلة مع البرنامج، عن حوارات مع السلطة لحل الأزمة الحالية، وأوضح: "جلسنا مع المحافظ والأجهزة الأمنية والتنظيمات في المخيم، الكل يتداعى من أجل نمنع محاولات حرف البوصلة".
وشدد على أن "إطلاق النار على المقاطعة تجاوز لكل الخطوط الحمراء، عناصر الأجهزة الأمنية هم أبنائنا، وقد قاتلوا مع المقاومة، الإعلام الصهيوني يحاول صب الزيت على النار، الوضع طبيعي في داخل المخيم"، وأشار إلى "محاولات حثيثة من أجل تسليم المطلوبين الذين أطلقوا النار على المقاطعة، وإغلاق هذا الملف، وكل الفصائل موافقة على هذا الطلب، وقد أجمعنا على أن الرصاص يجب أن يكون ضد الاحتلال".
وقال: "أحد الإخوة مطلوب على خلفية معلومات أنه أطلق النار على المقاطعة، بعض المعتقلين نقلوا إلى أريحا، يوجد لدينا عقدة في جنين والمخيم من النقل إلى أريحا، توجد أجهزة أمنية في جنين فلتحقق مع المتهمين ومن يثبت عليه التهمة يحول إلى النيابة ومن يثبت أنه بريء يفرج عنه".
الجهاد: "نحتاج للحوار"
ويتفق القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أسامة الحروب، أن "مدينة جنين كباقي محافظات الضفة، كل مدن الضفة مقاومة وتقدم نموذجاً في رفض الاحتلال، جنين تميزت في المقاومة وقدمت نموذجاً في الاشتباك مع الاحتلال، خلال الشهور الماضية"، وقال: "لا ننكر وجود فلتان أمني لكن هذه الظاهرة موجودة في كل مدن وبلدات الضفة".
واعتبر الحروب أن "حالة جنين عن باقي المناطق"، وأضاف: "توجد محاولات لخلط الأوراق وهناك من يريد أن يعمم ظاهرة الفلتان الأمني لتشمل المقاومين، نقول إن المقاومين من كل الفصائل والمستقلين ممن اشتروا السلاح من مالهم الخاص وقاوموا الاحتلال، هؤلاء لا يمكن بحال من الأحوال أن يلطقوا النار على المقاطعة أو يفتعلوا المشاكل".
وحول أسباب تركز سلاح المقاومة في المخيم، قال: "تركز سلاح المقاومة يعود إلى الحاضنة الشعبية وطبيعة البناء والتاريخ النضالي للمقاومة"، وأكد الحروب أن الفصائل ليست ضد القانون، وقال: "نريد السلامة للشعب الفلسطيني، وحملات أمنية على مظاهر الفلتان الأمني، يوم أمس حدثت إشكالية في جنين دخل 30 مسلحاً وأطلقوا النار على مدرسة، هؤلاء لا علاقة لهم بأي من الفصائل، ولم يلاحقهم أحد، هذا هو الفلتان الأمني الذي نريد القضاء عليه
وتابع: "حتى اللحظة، تعرض مخيم لحملة أمنية واحدة، حاولت السلطة الدخول إلى المخيم، للأسف لا توجد ثقة ما بين الشعب والسلطة والفصائل، قد يكون جسر الثقة رمم بين الناس وبعض الفصائل عن طريق دماء الشهداء، لكن ما بين السلطة والمجتمع والفصائل توجد مساحة واسعة من عدم الثقة، دخول الأجهزة الأمنية يدفع ممن لهم علاقة أو من ليس علاقة للمواجهة، المقاومة تتسلح بالوعي ولا يوجد مقاوم يطلق النار على المقاطعة، لا يوجد جسر للحوار ما بين السلطة والمكونات السياسية والاجتماعية، في مخيم جنين، لماذا التركيز على المخيم؟ ونحن نرى انفلاتاً أمنياً كبيراً في مناطق مجاورة ولا تشن عليهم الحملات".
واعتبر أن الحل في "فتح باب الحوار ما بين السلطة والفصائل داخل مخيم جنين والقيادات الاجتماعية فيه"، وقال: "نحتاج للحوار لتصفية الملفات العالقة ما بين المطلوبين على القضايا الجنائية وأولئك المطلوبين على قضايا سياسية، زجنا في معركة داخلية خسارة لنا جميعاً، الحوار هو الحل وليس القمع، إسرائيل بقوتها لم تتمكن من الدخول للمخيم، كل الشهداء قتلوا على أطراف المخيم
نهيب السلطة أن يكون الحوار هو أسلوبنا، والمطلوب الجنائي والذي يطلق النار في الأعراس والذي يخالف القانون، مدان ومرفوض في المخيم".
الشعبية: "يجب وقف استفزاز الناس ونرفض الفلتان الأمني"
وأكد القيادي في الجبهة الشعبية، جمال الزبيدي، أن "الوضع في جنين لا يحتمل أي اشتباك أو سوء فهم بين السلطة والتنظيمات الفلسطينية المقاومة، ولغة الحوار هي ما يجب أن يسود بين أبناء الشعب الواحد"، وأشار إلى أنه "توجد ملاحظات حول تصرفات السلطة في بعض المسائل، وفي المقابل توجد سلوكيات غير مقبولة في المخيم والمحافظة، لكن المساس بسلاح المقاومين مرفوض، بالتالي لا بد من الحوار".
وقال: "منذ سنوات شكلنا في المخيم لجنة المتابعة العامة، كنا نجلس مع الأجهزة الأمنية والمحافظين باستمرار واستطعنا حل كثير من الإشكاليات، وكنا نحث على نبذ المظاهر السلبية في المجتمع، في الفترة الأخيرة زادت الأمور عن حدها، لا نحمل السلطة مسؤولية كل ما يحصل، مفروض أن تتحمل جزء من المسؤولية وأن تمنع أي ممارسات خاطئة لعناصرها، لسنا ضد فرض النظام في المخيم، لأننا نشاهد مشاهد مؤذية من بعض الناس الذين يتصرفون بردة فعل ضد سلوكيات السلطة"، وشدد على أن أهالي المخيم والفصائل "أي اعتداء على الأجهزة الأمنية".
ويرى أنه "يجب على السلطة احترام مشاعر الناس وتوجد أكثر من طريقة لاعتقال الأشخاص المتهمين بخرق القانون، وليس عن طريق الاقتحامات وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع".
"المجتمع الفلسطيني يعيش حالة من الانفصام"
من جانبه، قال القيادي في مكتب الانتفاضة بحركة فتح سابقاً، أبو علاء منصور، إن "المقاومة في جنين ضاربة في جذورها إلى ما قبل تمركز الشيخ القسام في أحراش يعبد، وفي الانتفاضة الأولى ولدت فيها فصائل المقاومة العسكرية، وفي انتفاضة الأقصى ظهرت كتائب الأقصى وغيرها، ولنا في أبطال "نفق الحرية" خير دليل، جنين تتحدث عن نفسها".
وحول تصوره لأسباب الأزمة الحالية، أضاف: "في الساحة الفلسطينية نعاني من الانفصام، وهذا يعبر عن شعور بالعجز الذي تسبب به اتفاق أوسلو وما تلاه من إقامة السلطة الفلسطينية، وهذا انعكس على ضعف في التلحيل والمبالغة في القول والتصريح ضد بعضنا، وكثيراً ما ترجم إلى صراعات داخلية، وهذا ينطبق على السلطة والفصائل والمجتمع".
وعن الحلول للأزمة، تابع: "القضية عميقة ومستمرة منذ 20 سنة، معالجتها بحاجة لصبر، ولا ننسى أننا تحت الاحتلال والصراع الداخلي مصلحة له، توجد أخطاء وثغرات وما يمكن تسميته بالفلتان، من يحمل المقاومة المسؤولية وحدها يريد أن يعفي نفسه من المسؤولية وهذه مشكلة".