صفحات عامة وصفحات شخصية، كل يوم يجري حذفها أو تعطيلها لفترات تمتد لأشهر، لا تصدقوا كذبة الديمقراطية والحريات الصحفية الغربية، فالقوى الاستعمارية والصهيونية المتحكمة بالفضاءين الإعلامي والثقافي، تترك هامشًا من الحريات، لكي تعبر الشعوب المظلومة عن غضبها وسخطها، ولكن هذا الغضب والسخط و”التنفيس” يجب أن يكون مضبوطًا ومطوعاً، ولا يشكل خطراً على سياسات وأهداف وبرامج القوى الاستعمارية ودولة الاحتلال ودول النظام الرسمي العربي المهرولة للتطبيع مع المحتل.
إن الحرب على شعبنا الفلسطيني تشتد في الداخل والخارج وتتكامل فيها الأدوار، والهدف واضح، فرض شروط وإملاءات على شعبنا الفلسطيني للقبول بحلول تصادر حق شعبنا في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
اتخاذ وزير جيش الاحتلال غانتس قراراً بإخراج ست مؤسسات مجتمع أهلي عن “القانون” واعتبارها مؤسسات “إرهابية” تحت ذريعة صلتها وعلاقاتها با لجبهة الشعبية، هذا القرار الذي لقي استنكاراً وشجباً وإدانة كبيرة وواسعة على المستوى العالمي وحتى داخل دولة الكيان نفسها، ستعمل القوى المتماهية مع دولة الاحتلال على تبنيه، مثل دول الاستعمار الغربي وأمريكا ودول النظام الرسمي العربي المهرول للتطبيع مع دولة الاحتلال.
ولذلك أنا لا انظر لمحاربة صفحات المحتوى الفلسطيني، وبالذات واسعة الانتشار والمتابعة جماهيرياً ورسمياً مثل صفحتي “القسطل” و”ميدان القدس” اللتين استطاعتا بمهنية واحتراف عالي وصدق وانتماء، وبمحتوى ومضامين عميقة ودقة ومصداقية في نقل الخبر والحدث، أن توصلا رسالة الشعب الفلسطيني إلى أوسع فضاء عربي- إسلامي- إقليمي ودولي، رسائل تفضح وتعري دولة الاحتلال وتنزع عنها صفة “القداسة” عند العديد من الدول الاستعمارية وفي المقدمة منها أمريكا وبريطانيا وأوروبا الغربية، والتي تتغنى بدولة الاحتلال كدولة ديمقراطية، حيث ظهرت على حقيقتها كدولة مغرقة في العنصرية والتطرف، والمعادية لشعبنا الفلسطيني، الذي ترفض الاعتراف بوجوده كشعب.
هذان الموقعان وغيرها من الصفحات فضحت وعرت دولة الاحتلال في قمعها وتنكيلها بالأطفال، في هدم المنازل، في طرد وتشريد السكان من بيوتهم والاستيلاء عليها، في التعدي على المقدسات وعلى المقابر، في ضرب نسيجنا المجتمعي، في تغذية الجرائم وانتشار الآفات الاجتماعية وغيرها.
لذلك هذا المحتوى الوطني الفلسطيني سواء لصفحتي القسطل وميدان القدس وغيرها من مئات الصفحات، التي ترفض وجود الاحتلال وتدين وتفضح كل جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني، وترفض المشاريع والمخططات الصهيونية في الأسرلة والتهويد يجري محاربتها وإغلاقها، ومحاربة المحتوى الفلسطيني ليست منفصلة عن الحرب على المؤسسات الفلسطينية، حيث نجد هناك شروط تمويل ظالمة تفرضها دول الاتحاد الأوروبي على المؤسسات الفلسطينية التي تمولها، بالإشتراط عليها أن تجرّم نضال شعبنا ومقاومته، وأن توافق على وصف العديد من فصائله وتنظيماته، والتي هي جزء أساس من شعبنا الفلسطيني ونضالاته، بأنها تنظيمات “إرهابية”.
ولم تكتف بعض الدول الأوروبية بذلك، حيث نجد دولة مثل بريطانيا، بدلًا من أن تعتذر لشعبنا الفلسطيني عما ألحقته به من مصائب، وأطلقت يد المستوطنين في الاستيلاء على أرضه، بدلاً من أن تعتذر عن خطيئتها وخطاياها، تمعن ليس فقط في الانحياز لدولة الاحتلال، وتبرير كل أفعالها بحق شعبنا الفلسطيني، بل وجدنا أنها أكثر عدائية وتطرفًا من دولة الاحتلال، في التنكر لحقوق شعبنا ورفض حقه في الحرية والاستقلال والانعتاق من الاحتلال، ومصادرة حقه في النضال المشروع الذي كفله له القانون الدولي للتخلص من الاحتلال.
ولذلك كان القرار الظالم لحكومة بوريس جونسون البريطانية اليمينية ووزيرة داخليته “بريتي باتل”، باعتبار حركة حماس بجناحيها العسكري والسياسي، حركة “إرهابية”، تأكيد على عداء متأصل لهذه الدولة التي يجب من الناحية الضميرية والأخلاقية والسياسية أن تتحمل كل ما لحق شعبنا من مصائب وطرد وتهجير ولجوء.
ولذلك هذه الحرب على شعبنا الفلسطيني، الحرب على المؤسسات الفلسطينية، على القوى والفصائل، على المحتوى الفلسطيني، هي جزء من حرب شاملة تشن عليه، من أجل كسر إرادته وتحطيم معنوياته، و”تطويعه” للقبول بمشاريع ومخططات تنفي حقه في الحرية والاستقلال والتحرر والانعتاق من الاحتلال، إنها الكارثة الجديدة والنفاق الدولي وازدواجية المعايير والديمقراطيات الزائفة.