عملية القدس التي نفذها المجاهد الكبير فادي أبو شخيدم ، ما هي إلا ردة فعل طبيعية على ما تمارسه سلطات الاحتلال من عمليات بطش وتنكيل بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم وبحق المقدسات والأراضي الفلسطينية.
استمرار الاحتلال في تغوله على المقدسات وطرد السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض وهدم العقارات وغيرها من ممارسات الاحتلال الاستيطانية، دفعت وستدفع بالمزيد من الشباب الفلسطيني للقيام بدوره وواجبه في مواجهة هذه الغطرسة الصهيونية، فلا يمكن أن يقف الفلسطينيين مكتوفي الأيدي أمام تغول الاحتلال على الأرض والمقدسات والمواطنين الفلسطينيين.
تتصاعد عمليات "المقاومة الفردية"، في مواجهة جرائم الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه، وتشكل رقماً صعباً وهاجساً مخيفاً لدى القادة الصهاينة، حيث فشل الاحتلال في توقعها أو الحد منها نظرا لعدم اتخاذها الطابع المنظم والهرمي في تشكيل الخلايا سواء اجتماعات أو تنسيق وخلافه والتي من الممكن إحباطها.
فادي أبو شخيدم حدد هدفه وقرر أن يثأر من الاحتلال وجرائمه في تدنيس الأقصى وتهويد الضفة المحتلة، فاجأ الاحتلال باستهداف جنوده ومستوطنيه بما أمكنه من إمكانات بسيطة، فادي ضرب العدو من حيث لا يحتسب أو يتوقع فلم يكن بالإمكان رصد خطته البعيدة عن كل وسائل التكنولوجيا أو العمل المنظم أو حتى التنبؤ بسلوكه الآتي على حين غرّة من ثغرة أمنية تمنحهم فرصةً للنجاح وامتلاك زمام المفاجأة.
الميزة الجديدة لعملية القدس اليوم هي درجة الجرأة والتحدي لدى منفذها فادي أبو شخيدم ، فهي حتى الآن تشكل أوج تلك الجرأة، تخطيطها ناجح ومحكم لأنها تتلافى رقابة أمن الاحتلال بالكتمان والسرية والاحتياطات الأمنية الفعّالة والكفاءة القتالية وهو ما أحدث إرباكا لدى العدو.
لهذه العملية البطولية النوعية دلالات عدة تلقي بظلالها على الساحة الفلسطينية ومجريات الأحداث اليومية منها:
1- سجلت بهذه العملية النوعية نصراً عسكرياً وميدانياً على العدو الصهيوني ليس فقط باستهداف مكان محصن بل بقدرة المجاهد فادي على الوصول إلى عمق هذا الموقع مسلحاً واصابة أهدافه بدقة وبسرعة فائقة، فاجأت العدو وفاقت كلّ توقعاته وأفشلت احتياطاته الأمنية الكبيرة.
2- أثبتت هذه العملية البطولية فشل سياسة القبضة الأمنية وردع شعبنا ووقف بطولات رجال الضفة والقدس.
3- ومن دلالات العملية أنها جاءت بتوقيت رباني للقول للجميع أن هناك احتلال مازال قائماً على هذه الأرض وأن محاولات البعض التطبيع مع هذا العدو ودمجه ستبوء بالفشل.
4- كشفت إخفاقا أمنيا لإسرائيل، حيث أن منفذ العملية متزوج وفاق عمره تصنيفات العدو لمنفذي العمليات بأنهم من صغار السن ليس لهم هدف بالحياة جاء فادي أبو شخيدم ليقلب تقديرات الاحتلال.
عملية القدس تؤكد ان مقاومة الشعب الفلسطيني ستظل حيّة ومتقدة طالما تواجد هذا المحتل على أرض فلسطين، وأن تصاعد انتهاكات الاحتلال وعدوانه سيدفع نحو المزيد من أعمال المقاومة الرافضة لكل تلك الممارسات العدوانية.
المطلوب المراكمة على ما سبق من فعل مقاوم، فيوم عن يوم وعملية بعد عملية يستمد منفذو العمليات قدراً أكبر من الشجاعة، يستفيدون من الأخطاء السابقة ويفكرون بطرق ووسائل جديدة دون أن يتمكن أمن الاحتلال من رصد خططهم، لأنه ليس بمقدور الاحتلال الولوج بين الشخص ونفسه وهم لا يشركون أحداً معهم في التخطيط، وهو ما يشكل عقبة حقيقية تشل عامل التوقع والتنبؤ بل وسياسة "الضربة الاستباقية" التي ينتهجونها.
وواجب حركات المقاومة استثمار هذه العمليات المتصاعدة وتوظيفها بشكل مناسب يسهم باسترجاع دورها الى صدارة العمل المقاوم والبناء عليها وتشييد كيان مقاوم يقف على أسس صلبةٍ لا تهتز ولا تتزعزع لو أحسنا أفراداً وتنظيمات فهمه والتعامل معه.