رام الله - خاص قدس الإخبارية: على نحو مفاجئ في عهد الائتلاف الحكومي الحالي برئاسة نفتالي بينيت أٌعلن مؤخراً عن عطاءات لبناء المئات من الوحدات الاستيطانية في الضفة والقدس المحتلتين بالرغم من الفجوة الكبيرة بين الإدارة الأمريكية الحالية وحكومة الاحتلال.
ويبدو الموقف الأمريكي واضحاً من التسريبات التي كشف عنها مؤخراً والتي أزاحت النقاب عن محادثة وصفت بالمتوترة بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ووزير الحرب الإسرائيلي بني غانتس منتصف الأسبوع الماضي بعد الإعلان عن الموافقة على تخطيط وبناء 3000 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية.
ولا يبدو الموقف الأمريكي مرتبطاً بالرغبة في وقف الاستيطان أو تجميد بناء الوحدات التي تم الإعلان عنها، وإنما رغبة واضحة من إدارة بايدن في وضع محاذير وضوابط أمام الائتلاف الحكومة الحالي برئاسة بينيت، عند الإعلان عن وحدات استيطانية جديدة في المستقبل، وفق تقديراتٍ إسرائيلية.
في السياق، يقول مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل تفكجي إن الجانب الإسرائيلي لديه برنامج تجاه مدينة القدس والضفة الغربية، وعلى هذا البرنامج "اجماع وطني إسرائيلي" من الأحزاب الإسرائيلية، سواء كانت اليسار أو اليمين.
ويضيف تفكجي لـ "شبكة قدس": "في نفس الوقت هذا البرنامج يزداد أو يتناقص حسب الظروف الدولية، ولكن يجب أن يسير، كان هناك برنامج للقدس عام ٢٠٢٠ ببناء 58 ألف وحدة سكنية وبناء مستوطنات جديدة وتوسيع مستوطنات قائمة وإقامة البنى تحتية".
وأوضح المختص في شؤون الاستيطان أن الاحتلال لديه برنامج للقدس عام 2050، وبالتالي عملية الاستيطان في داخل القدس والضفة تسير ضمن برنامج إسرائيلي، مشيراً إلى أن هذا البرنامج عنوانه "مليون مستوطن إسرائيلي" وتم وضعه عام ١٩٧٩.
وبين تفكجي أن عملية التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية تتركز في الكتل الاستيطانية والأغوار وفي كل مكان، والهدف الاستراتيجي واضح عدم إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي في الضفة، مستكملاً: "أما في القدس فهناك اعتبار لها على أنها العاصمة من شرقها وغربها إلى جانب كونها تحت السيطرة الإسرائيلية".
وبحسب المختص في شؤون الاستيطان فإنه سواء كان رئيس الحكومة نتنياهو أو بينيت، فإن كل ما يحدث يقع ضمن برنامج الاستيطان الإسرائيلي، مستدركاً: "لكن أحيانا هناك ضغوطات دولية توقف أو تؤدي لتباطؤ تنفيذ البرنامج".
وعن إجمالي الوحدات التي تم الإعلان عنها، ذكر قائلاً: "نحن نتكلم اليوم عن مستوطنات جديدة، حوالي 3000 وحدة استيطانية، و9000 وحدة استيطانية في منطقة قلنديا، وهذه مشاريع لكن مدى تنفيذها حسب الظروف الدولية".
وأشار إلى وجود 1200 عطاء لبناء وحدات استيطانية إلى جانب وجود 3000 ألاف وحدة استيطانية في دور التخطيط لها، مبيناً أن جميع هذه الوحدات خاضعة ضمن برنامج الاستيطان الذي وضع عام 1979 والذي يستهدف الوصول إلى مليون مستوطن.
من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة إن علاقة الإسرائيليين مع الديمقراطيين عادة ما تكون متوترة وهو ما يتحدث به المراسلين والمختصين الإسرائيليين مؤخراً في ضوء الاختلاف بين الإدارة الأمريكية الحالية وحكومة بينيت.
ويوضح جعارة لـ "شبكة قدس" أن بنيت يستغل الاستيطان من أجل تحقيق مكاسب سياسية وحزبية فمنصب رئيس الحكومة الذي يشغله لم يرفع أسهمه الحزبية وأظهرت آخر الاستطلاعات التي أجريت أنه لن يحصل على أكثر من 7 مقاعد وهي ذات الأعداد التي حصدها في الانتخابات الماضية.
ويعتبر المختص في الشأن العبري أن ملف الاستيطان يتم العمل عليه من أجل تحقيق دعاية حزبية وانتخابية وهو الأمر الذي تكرر كثيراً مع الأحزاب الإسرائيلية على مدار السنوات الماضية، موضحاً أن بايدن الذي كان نائباً لأوباما لثماني سنوات لن تختلف مواقفه كثيراً عن ذات المواقف التي كانت سائدة في عهد أوباماً.
ويستذكر جعارة امتناع أوباما وإدارته عن استخدام حق النقض الفيتو ضد قرار يدين الاستيطان عدا عن الضغوط التي مارستها هذه الإدارة على حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان عدة مرات كان من بينها إيقافه لمدة 8 أشهر.
ويشير إلى أن ملف الاستيطان قد يمزق الحكومة الإسرائيلية ويسقطها لأن زعيم حزب ميرتس أعلن بشكل واضح أنه ضد الاستيطان، غير أنه قال إنه لن يسقط الحكومة كون البديل سيكون سموترتش وشخصيات مثل بن غبير محسوبة على اليمين المتطرف.