أسطنبول - خاص قدس الإخبارية: يواصل الإعلام التركي كشف خفايا عمل شبكة موساد إسرائيلية في الأراضي التركية، تهدف إلى تتبع طلاب فلسطينيين وعرب، والتجسس على الصناعات الدفاعية التركية، والحصول على معلومات بشأن شخصيات فلسطينية ذات صلة بالمقاومة الفلسطينية.
وكشفت المعلومات التي أفصح عنها مؤخراً، ارتباط بعض العملاء بالعمل مع الموساد منذ عام 2000، وعن لقاء بعضهم بضباط الموساد في عدة لقاءات أعقبت ارتباطهم بالعمل بشكلٍ رسمي مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، عبر مهام متعددة تنوعت بين نقل المعلومات أو نقل المال.
ويتفق مراقبون للشأن التركي والإسرائيلي، على أن القضية قد تؤثر على طبيعة العلاقات المشتركة بين الجانبين بعد فترة من الهدوء، أعقبت فترة توتر نتيجة العدوان الإسرائيلي على متضامني سفينة مرمرة التركية مع قطاع غزة عام 2010 والتي راح ضحيتها عدد من الأتراك.
في السياق، يقول الصحافي والمختص في الشأن التركي حمزة تكين، إن هذه الشبكة تعتبر اعتداء إسرائيليا على تركيا، رغم أن أعضاء الشبكة أغلبهم لا يحملون "الجنسية الإسرائيلية"، ولكن يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي، وهو ما سيجعل أنقرة ترد بطبيعة الحال.
ويضيف تكين لـ "شبكة قدس": "أول رد ردت به تركيا أنها أوقعت هذه الشبكة في فخ الاستخبارات التركية منذ فترة طويلة، وبالتالي فشلت أهداف الشبكة الإسرائيلية، والمعلومات التي أراد الاحتلال أن يعرفها لم يستطع أن يحصل عليها بالشكل المطلوب".
ويوضح الصحافي التركي أن كشف الاستخبارات الشبكة لفترة طويلة ودون علم الموساد يعني أن هناك فشلا إسرائيليا استخباراتيا بالدرجة الأولى، وقد تكون هناك معلومات غير صحيحة وصلت للاحتلال الإسرائيلي أرادت الاستخبارات التركية أن توصلها عن طريق هذه الشبكة.
ووصف تكين العملية التي قامت بها الاستخبارات التركية، بـ"النوعية" في كشف هذه الشبكة، وعدم السماح لها في الوصول لأهدافها، تزامناً مع تأثر متوقع وتدهور في العلاقات المشتركة بين أنقرة وتل أبيب خلال الفترة المقبلة خصوصًا وأن العلاقات في أدنى مستوياتها.
تدهور العلاقات التركية - الإسرائيلية
وبحسب تكين فإنه الواقع الآن، "أمام علاقات متدهورة، وستدهور أكثر، إذ أن تركيا لن تسكت، وقد بدأت "إسرائيل" بالفعل باتصالاتها، كما هناك توقعات بوصول وفود إسرائيلية إلى أنقرة بهدف تطويق الموضوع وهو ما ترفضه أنقرة كون الأدلة كثيرة ضد الشبكة".
من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة، إن هذه القضية توتر الأجواء المتوترة أصلا بين تركيا و"إسرائيل"، موضحًا: "نحن نعيش لغاية اللحظة تداعيات سفينة مرمرة، وانعكاساتها على العلاقات الإسرائيلية التركية وسحب السفراء، وإسرائيل كانت تسعى من خلال بعض الخطوات باتجاه تركيا إلى ترميم هذه العلاقة بشقيها الدبلوماسي والسياسي وأن تعيد السفراء، لكن استمرت حالة الكر والفر ولم تصل الأمور إلى عودة كاملة للعلاقات التركية الإسرائيلية".
ويشير هلسة، في حديثه لـ "شبكة قدس"، إلى أن هناك تدحرجا في كرة النار من جديد بين أنقرة والاحتلال خصوصًا وأنه من غير الواضح كيف ستستثمر تركيا هذه القضية ضد الاحتلال، وما الثمن الذي ستقبل به من أجل "لملمة" الملف بشكل كامل، وهو ما سيجعل عامل الوقت كفيلاً بكشف مدى الضرر الذي ستصل له العلاقات.
ويستبعد هلسة أن تصل المسألة إلى درجة القطيعة الكاملة، خصوصاً مع وجود علاقات اقتصادية وتجارية وتبادل تجاري يصل إلى ملايين الدولارات سنويا، إلى جانب أن الاحتلال لن يكون معنياً بتصعيد العلاقات مع تركيا خلال الفترة المقبلة.
ويضيف المختص بالشأن الإسرائيلي: "إسرائيل تعتبر نفسها جسدا غريبا في محيطها، وهي تعتمد على المعلومة لمعرفة ما يجري حولها واستغلال هذه المعلومة، ورأينا كيف نشطت مؤخرا قضية برنامج التجسس بيغاسوس الذي باعته شركة إسرائيلية لمجموعة من دول العالم، وكان هدفها جلب المعلومات وضرب الخصوم واستمرار اشتعال الأزمات، لاستمرار بقاء المحيط الذي تعيش فيه إسرائيل مفككا".
ويواصل بالقول: إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار تجسس الاحتلال على حلفائه بما في ذلك التجسس على الولايات المتحدة وفي ملف الجاسوس جوناثان بولارد مثال على السلوك الإسرائيلي.
من جانبه يقول أستاذ القانون الدولي والمختص في العلاقات الدولية رائد أبو بدوية، إن الكشف عن خلية تابعة للموساد لن يؤثر بشكل جوهري على العلاقات التركية الإسرائيلية، خاصة أن هذه العلاقات مرت بأزمات معقدة وشديدة أكثر من هذه القضية، ومعروف في المنظومة الدولية أن كثيرًا من الدول وأجهزة الاستخبارات تعمل داخل الدول الأخرى.
ويضيف أبو بدوية لـ "شبكة قدس": "أعتقد أن كلا الدولتين غير معنيتين بانهيار العلاقات بينهما، من الممكن أن تتأثر في بعض الملفات وتحديدا في الملف الفلسطيني، الذي يؤثر دائما على هذه العلاقات خاصة أن الأتراك موقفهم واضح في دعم الشعب الفلسطيني، لكن هذا التأثر لا يصل لمرحلة العداء أو قطع العلاقات".
ويشير إلى أن قضية الموساد قد تحصل بناء عليها بعض الإشكاليات، إلا أن مصلحة الطرفين بإبقاء العلاقات بينهما سواء أمنية وعسكرية واقتصادية، إذ أن الأتراك خلال العقد الأخير انفتحوا اقتصاديا تجاه العالم حتى في ظل أزمات سياسية أكبر في المنطقة، كمصر على سبيل المثال، التي استمرت علاقاتها والحد الأدنى من العلاقات الدبلوماسية".