شبكة قدس الإخبارية

رأي وموقف.. المشروع الاستعماري وذاكرة السمك

settlements-cover
حمزة زبيدات

"مضاعفة عدد المستوطنين في الأغوار، التسارع وذاكرة السمك والمشروع الاستعماري المستمر"

تحدثت وسائل الإعلام (الإسرائيلية) عن إجراءات جديدة ستؤدي إلى زيادة عدد المستوطنين في منطقة الأغوار إلى الضعف خلال الأعوام الأربعة القادمة. 

من المهم الإشارة إلى أن هذا الأمر ليس جديداً وأن حكومة (الليكود) التي يتزعمها (نتن ياهو) قد أعلنت عنه منذ عام 2018 ومن الأغوار في اجتماع لها في إحدى البؤر الاستيطانية شمال غرب أريحا. حيث اتخذت تلك الحكومة في حينها مجموعة من القرارات النافذة تمثلت في: 

الاعتراف بتلك البؤرة الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنة. 

إنشاء ثلاث مستعمرات جديدة في منطقة الأغوار. 

مضاعفة عدد المستوطنين في الأغوار خلال السنوات القادمة. 

ضخ ملايين الدولارات في صناديق خاصة بمجالس المستوطنات في الأغوار لدعم قطاعي الزراعة والإسكان بشكل أساسي من أجل تسهيل انتقال مستوطنين جدد إلى الأغوار. 

تشكيل صناديق جديدة يتم تمويلها ودعمها من خلال منظمات ومجموعات صهيونية تنشط في أمريكا وأستراليا وأوروبا لتعزيز التواجد الاستيطاني في الضفة الغربية ومن ضمنها الأغوار.

زيادة التواجد العسكري الداعم لنشاطات المستوطنين التوسعية في مناطق الأغوار وبشكل أساسي منطقة الأغوار الشمالية والمناطق القريبة من بلدة العوجا. 

توسعة دائرة مهاجمة الجمعيات الفلسطينية والجماهيرية والشعبية التي تعمل في مناطق الأغوار والتضييق المالي عليها بالتعاون مع أصدقاء (إسرائيل) في الكونغرس الأمريكي والبرلمانات والأحزاب الأوروبية. 

إضافة إلى مجموعة من الحزم التنموية والاستثمارات في قطاع الزراعة وتشجيع العمل في مجالات مختلفة أهمها مشاريع المدخلات الزراعية التي يرعاها كبار رجال الأعمال (الإسرائيليين) واليهود في داخل الكيان وخارجه. 

أولاً: إن هذا المشروع ليس جديداً ولم يبدأ أيضاً عام  2018. بل إن هذا المشروع ليس إلا مرحلة جديدة من المشروع الاستعماري الرئيسي الذي يستهدف كامل تراب فلسطين. بدأ في الضفة الغربية بعد احتلالها من خلال مشروع (ألون) الشهير، ثم تم تقسيمه لاحقاً إلى مراحل مكانية وزمانية تخدم تطور العلاقات (الإسرائيلية) مع أنظمة عربية وتوقيع اتفاقية أوسلو. على قاعدة (كل شيء في وقته)، تماماً كما يحدث الآن في القدس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة والأغوار وغيرها من الأراضي المحتلة. لذلك يجب النظر إلى المشروع الاستعماري في فلسطين كقطعة واحدة وليس الاستجابة لخطابات التخريب وتقسيم المقسم والوعود الأمريكية والصهيونية بالتعاون مع الأنظمة العربية العميلة وبغطاء أوروبي واضح. 

ثانياً: إن تسارع الأحداث وتزايد الهجمة الاستيطانية في الضفة الغربية والتي لم يقابلها فعل فلسطيني رسمي أو شعبي جدّي أدت في نهاية المطاف إلى الاعتياد على مثل هذه الأخبار والتعايش معها وكأنها جزء طبيعي من حياتنا اليومية. 

ثالثاً: هذا التسارع أدى بالضرورة إلى ما يسمى بـ"ذاكرة السمك". حيث ينسى الصحفيون أو النشطاء المهتمون في الشأن الفلسطيني أحياناً المشاريع الكبيرة ويضيعون في المسائل الصغيرة التي تجعل من أي حدث (جديد قديم) جديداً بشكل كامل. ثم سرعان ما يتم نسيان هذا الحدث والضياع في آخر أقل قيمة أو أكبر. 

للأسف الشديد أسهمت السلطة الفلسطينية في كل ما تقدم بشكل أو بآخر. بل إنني أتهم السلطة الفلسطينية بتوفير ظروف موضوعية وذاتية خصبة لاستمرار حالة الضياع الفلسطينية الداخلية والخارجية. كما أنها أسهمت بشكل كبير في تخريب العلاقات الاجتماعية الفلسطينية التي كانت تشكل حالة النضال الوطني والمناهض للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية. كذلك في العلاقات مع الدول وحركات التحرر والأنظمة المناهضة للمشروع الاستعماري في المنطقة والعالم. 

في نهاية الأمر ليس أمامنا اليوم كفلسطينيين إلا أن نعود إلى التوجهات الوطنية والوحدة الثورية التي شكلت في مرحلة معينة أهم عوامل تعطيل المشروع الاستعماري في المنطقة وليس فقط في فلسطين. 

تبدأ هذه الوحدة بالتخلي الفوري عن جماعة التطبيع والتنسيق الأمني بكل الأشكال الممكنة شعبياً ورسمياً (فصائلياً). كما يجب أن نعود إلى الأرض ودعم كافة أشكال المشاريع الصغيرة المقاومة للعائلات والتجمعات في كافة أماكن تواجدها. 

كذلك يجب على كافة النشطاء والصحفيين والمهتمين في شؤون الاستيطان مضاعفة الجهود التوثيقية بأشكالها الحديثة وبذل جهد أكبر في الصحافة الاستقصائية الجادة وترك الاعتماد على وسائل إعلام العدو. 

 

#السلطة #استيطان #احتلال