فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: قبل إقامة السلطة الفلسطينية، عقب توقيع اتفاقية أوسلو في 1993، جمعت الثورة الفلسطينية علاقات مميزة مع السويد، بدأت في السبعينات من القرن الماضي، حيث افتتحت حركة فتح مكتباً إعلامياً لها، في المملكة، وأقامت اتصالات وعلاقات مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، واستمرت السويد لاحقاً في دعمها بعد قيام السلطة، لكن قضايا الفساد التي تجمع التقارير الدولية والمحلية، على أنها تتغلل في الجسم الحكومي الفلسطيني، يبدو أنها قد تزعزع هذا الدعم.
في تشرين أول/ أكتوبر 2014، أعلنت السويد عن اعترافها بدولة فلسطين، وكانت أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم على مثل هذه الخطوة، وهو ما أثار غضب دولة الاحتلال الإسرائيلي وترحيباً رسمياً فلسطينياً، وبقيت العلاقات الدبلوماسية "شبه مقطوعة"، بين السويد و"إسرائيل"، حتى عادت مؤخراً، بإعلان رسمي من وزير خارجية الاحتلال، يائير لابيد، وهو ما اعتبره كثيرون ضربة للدبلوماسية الفلسطينية وإشارة إلى "التقصير".
محطات كثيرة جمعت منظمة التحرير ولاحقاً السلطة الفلسطينية، مع السويد، أبرزها الزيارة الرسمية الأولى للرئيس عرفات إلى ستوكهولم، في 9 أبريل/ نيسان 1983، وتم خلالها تعيين ممثل فلسطيني جديد في السويد، وتحويل مكتب حركة فتح إلى مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية. وتوالت زيارات الرئيس عرفات إلى ستوكهولم، بعد إعلان وثيقة الاستقلال، وإقامة السلطة الفلسطينية.
وفي 12 كانون الثاني/يناير 1995 أعلنت وزيرة الخارجية السويدية، لينا هيلم فالن، في رسالة، إلى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، عن "ترقية مكتب المنظمة التحرير إلى البعثة العامة الفلسطينية".
بعد قيام السلطة الفلسطينية، التي شكلت المساعدات الدولية النصيب الأكبر من مدخولاتها، حيث تشير إحصائيات للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، في عام 2019، إلى أن السلطة الفلسطينية تلقت 35.4 مليار دولار، كمساعدات خارجية، منذ تأسيسها، وجاء الاتحاد الأوروبي في المرتبة الأولى، للدول التي تقدم الأموال للسلطة، بمبلغ 6.7 مليارات دولار.
خلال السنوات الماضية، واظب مسؤولون حكوميون في السويد، على زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقدمت السويد دعماً لعدد من المشاريع، وجرى إقامة مشاريع مشتركة بين أجهزة حكومية سويدية وفلسطينية. وفي هذا السياق، نشير إلى مشروع التعاون التنموي بين مكتب التدقيق السويدي وديوان الرقابة والمالية والإدارية في السلطة، واتفاقية التعاون المشترك في مجال حماية البيئة في فلسطين، التي وقعتها سلطة جودة البيئة والقنصل السويدي، وتكشف وثيقة تحت عنوان "استراتيجية السويد للتعاون مع فلسطين بين 2015 - 2019"، عن رصد مبلغ 1.5 مليار كرونة سويدية، لدعم السلطة في مجالات الديمقراطية، والبيئة، وتنمية القطاع الخاص.
كما تشير دراسات مختلفة، إلى أن السويد ضمن الدول المانحة التي تقدم للسلطة، التمويل لإقامة مشاريع المياه، في الضفة وغزة، بالإضافة إلى توجيه بعثات حكومية فلسطينية إلى السويد، للاستفادة من تجاربها على المستويات المختلفة بينها القضائية.
وفي الإطار السياسي، حافظت السويد على دعمها للسلطة الفلسطينية، وخيار (حل الدولتين)، وفي عام 2002 أعلنت وزارة الخارجية السويدية عن زيادة المساعدات، المقدمة للسلطة، إلى (15.42 مليون دولار)، تأكيداً على "دعمها للرئيس ياسر عرفات الذي تعرض حينها لحملة من الولايات المتحدة وإسرائيل".
ورغم محاولة رئيس الوزراء حينها، غوران بيرسون، "المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ارتكاب أعمال العنف"، حسب وصفه، إلا أن حزبه الاشتراكي الديمقراطي رفض ذلك، وأكد على الوقوف إلى جانب الفلسطينيين.
في عام 2015، أعلن رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين، خلال لقاء مع الرئيس محمود عباس، عقب افتتاح سفارة فلسطينية هناك، عن تقديم مساعدات مالية للسلطة، بقيمة 159 مليون يورو، بشرط أن تخصص لقضايا مختلفة بينها محاربة الفساد.
رغم أن التهديدات بتقليص الدعم السويدي للسلطة، بدأت في عام 2013، حين أعلنت وزير التنمية والتعاون في الحكومة السويدية غونيلا كارلسون، أن لدى السويد "توجهاً لتقليص الدعم المالي للسلطة الفلسطينية حال استمر المأزق في عملية السلام"، في إشارة إلى الجمود في المفاوضات مع دولة الاحتلال، عادت الحكومة وأكدت على أن الدعم يجب أن يصل للسلطة، "بغض النظر عن موقفها من إسرائيل".
جاءت هذه التصريحات خلال جلسة في البرلمان السويدي، في آذار/مارس 2016، حول مزاعم أن المساعدات التي تقدم للسلطة تذهب لدعم "مناهج تحرض على إسرائيل".
التطور السلبي الأكبر، في العلاقة بين السويد والسلطة الفلسطينية، كان في التصريحات التي أطلقتها، وزيرة خارجية السويد آن لينده، خلال زيارتها لفلسطين المحتلة، يوم أمس، أن "مستوى الفساد الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية أن "مستوى الفساد الذي وصلت إليه مؤسسات السلطة يقف عائقاً أمام تقديم المساعدات للفلسطينيين"، كما نقلت عنها الإذاعة السويدية.
تأتي تصريحات الوزيرة السويدية، في ظل الانتقادات المتزايدة محلياً ودوليا، للفساد المالي والإداري في الجهاز الحكومي الفلسطيني، والأزمة المالية التي تعيشها السلطة، في ظل تقليص المساعدات الخارجية التي تقدم لها، وهو ما يثير تساؤلات عن تبعات هذه التصريحات، وإن كانت مقدمة لخطوات عملية للضغط على السلطة، لإجراء إصلاحات، في ظل عدم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية فيها، منذ أكثر من 14 عاماً.