فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعيدا عن أنظار العالم، هناك حرب مستعرة، حرب إلكترونية. أسلحتها: الدعاية والأخبار الكاذبة، البرامج الخبيثة، الفيروسات، المراقبة والتجسس، وفي بعض الحالات الأضرار المادية المباشرة.
قبل عام 2021، كان يُنظر لكل ذلك على أنه جزء من الحرب لا يؤثر على سيرها، لكن ملخص مؤتمر حلف شمال الأطلسي العسكري أو ما يعرف بـ "الناتو"، والذي عقد في يونيو الماضي وضم 30 دولة، أعاد تعريف هذه أدوات الحرب الإلكترونية باعتبارها أسلحة هجومية.
في السنوات الأخيرة، لم تعد الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل" اللاعبان الرئيسيان في كل ما يتعلق بالهجمات السيبرانية، اللاعبون الآخرون الجديد أصبحوا على درجة كبيرة من الذكاء في هذا المجال، وهم: روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وإيران. روسيا على سبيل المثال، دمجت المجال السيبراني في القوات العسكرية، واستخدمت هذه القدرات أثناء الهجمات العسكرية ضد جورجيا وأوكرانيا.
كما استخدمت إيران قدراتها في هذا المجال ضد "إسرائيل" والسعودية، وكان أنجح هجوم لها ضد أجهزة كمبيوتر شركة النفط الوطنية المملوكة للمملكة العربية السعودية (أرامكو)، وقد تم إغلاق حوالي 30 ألف جهاز كمبيوتر، وتوقف تشغيل بعض محطات النفط نتيجة لذلك.
أما الصين، فإنها تفضل استخدام قدراتها الإلكترونية للتجسس والمراقبة، على الرغم من أنها أيضًا تستخدم السايبر لأغراض عسكرية أخرى. وتبدو أهداف كوريا الشمالية مختلفة، وهي أحدث لاعب في هذا المجال، فهي تستخدم بشكل أساسي الهجمات الإلكترونية من أجل جمع الأموال والفدية.
"إسرائيل.. بين ناري الصين وإيران"
تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تنفذ هجمات إلكترونية ضد "إسرائيل"، فقد نفذت إيران هجمات واسعة النطاق ضد أنظمة إسرائيلية حساسة وحيوية. اكتشف خبراء إسرائيليون مؤخرًا أن هجومًا إلكترونيًا إيرانيًا واسع النطاق نفذ ضد هيئات ومنظمات في "إسرائيل"، خلال شهري أغسطس وأكتوبر 2021.
من وجهة نظر الإسرائيليين، فإن إيران والصين أكثر دولتين تهاجمان "إسرائيل" إلكترونيا، لكن الاختلاف أن الصين تنشط بشكل رئيسي ومكثف ضد الشركات الإسرائيلية والهيئات المعنية بالاقتصاد، فقد قادت هجومًا إلكترونيًا واسع النطاق ضد عشرات المنظمات والمؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك الهيئات الحكومية، وفقًا لدراسة جديدة لـ FireEye، تبين من خلالها أنه تم متابعة الهجوم السيبراني الصيني المنسق لمدة عامين، وقد كان أول هجوم إلكتروني صيني مكثف يتم ملاحظته "ضد إسرائيل".
وفقًا للدراسة الجديدة التي أعدها موقع FireEye، هاجم الصينيون الهيئات الحكومية في "إسرائيل" وشركات تكنولوجيا المعلومات وشركات التكنولوجيا الفائقة، فضلاً عن مزودي خدمات الاتصالات. تشير التقارير إلى أن الصينيين يحاولون ترك آثار تدل على أنهم إيرانيون وذلك من أجل إبعاد الشبهات عن الصين، مثلا علق الهاكرز الصينيون بالفارسية والهندية والعربية في ملفات تكوين الأدوات الخاصة بهم. وبحسب التقارير الإسرائيلية فإن الهجمات التي ينفذها الصينيون تشرف عليها وزارة الأمن الصينية (MSS).
وإذا كان الصينيون ينشطون ضد الشركات والهيئات الاقتصادية، يتمثل شغف الإيرانيين في اختراق الشركات الأمنية والمعنية بقضايا التصنيع والتسليح والتكنولوجيا العسكرية.
الأسبوع الماضي، أعلنت شركة "مايكروسوفت" أن هاكرز إيرانيين تمكنوا من اختراق حسابات الشركات في العديد من شركات الأمن الإسرائيلية والأمريكية، مستغلين أن هذه الشركات تركز على الهجوم أكثر من الدفاع والتحصين. وبحسب ما ورد في التقرير تعرضت شركات أخرى في الخليج العربي لهجمات من قبل قراصنة إيرانيين، بما في ذلك شركات نقل وشحن بحري.
وفقًا لمايكروسوفت، بدأ التشخيص الأولي للهجمات في يوليو الماضي. الهجوم بالمناسبة لم يكن فقط ضد "إسرائيل"، ولكن في "إسرائيل" صدى مثل هذا الخبر يكون مدويا بسبب تسويقها لنفسها بأنها رائدة الذكاء التكنولوجي. بحسب مايكروسوفت، ركزت الهجمات على شركات التكنولوجيا والأمن الأمريكية والإسرائيلية، وموانئ الدخول إلى الخليج العربي، وكذلك الشركات البحرية التي لها وجود تجاري في الشرق الأوسط.
نجاح الهجمات الإيرانية والصينية يعزوه خبراء إسرائيليون إلى عدم الاهتمام بالأنظمة الدفاعية والتركيز على الأنظمة الهجومية، بالإضافة إلى أن تحديث الأنظمة الدفاعية الإلكترونية مكلف، وهناك عدد كبير من الشركات الإسرائيلية التي بسبب الرغبة في توفير المال، تختار عدم تحديث أنظمتها، رغم أن بعضها يتعامل بمعلومات وتقنيات حساسة وعلى إدراك بأن الإيرانيين لديهم قدرات إلكترونية جيدة.