رام الله – خاص قدس الإخبارية: بدأ 400 أسير إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، اليوم الأربعاء 13 أكتوبر 2021، احتجاجًا على إجراءات إدارة السجون القمعية بحقهم، وتراجعها عن وعودها بعودة الحياة الاعتقالية إلى ما قبل عملية نفق الحرية في سبتمبر الماضي، ويشارك في الإضراب معظم أسرى الجهاد الإسلامي بدعم من الفصائل كافة، في الوقت الذي تحاول إدارة سجون الاحتلال استهداف بنية حركة الجهاد التنظيمية.
في حديثه لـ "شبكة قدس"، يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطينيين قدورة فارس أن إدارة السجون استمرت حتى الليلة الماضية في تقديم وعود للأسرى، تمثلت بإعطاء أسرى الجهاد الإسلامي غرفتين في كل قسم، وإعادة كل المعزولين باستثناء أمير أسرى الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال زيد بسيس وأنس جرادات وعبد الله العارضة، على أن يتم التفاوض بشأنهم فيما بعد، وقد رفض أسرى الجهاد هذا المقترح.
ويضيف أن الأسرى يشعرون بمسؤولية كبرى تجاه زملائهم الذين سيبقون في العزل، متسائلًا: "كيف لهم أن يتركوا في أرض المعركة ثلاثة من قادتهم معزولين في ظروف سيئة".
ويوضح فارس أن إدارة السجون تراجعت عن اجراءاتها التي اتخذت بحق الحركة الأسيرة بشكل عام بعد عملية نفق الحرية، تحت وطأة التهديد بإضراب جماعي تخوضه الحركة الأسيرة آنذاك، ولكنهم استثنوا الجهاد الاسلامي من العودة للحياة الطبيعية الأمر الذي صاعد من حدة التوتر حتى اليوم.
ويرى رئيس نادي الأسير أن "إسرائيل" ممثلة بإدارة السجون "لا تريد ان تبدو منهزمة بالمعنى الكامل للكلمة، وهذا دأب إدارة السجون دائمًا، حيث تتخذ قرارات تنكيلية في خمس دقائق، وتستغرق في العودة عنها عدة أشهر، وهذا من ضمن قواعد الصراع الدائم بين إدارة السجون وبين الأسرى".
العودة عن الالتزامات
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فإن إدارة سجون الاحتلال ومنذ عملية نفق الحرّيّة في أيلول المنصرم، شرعت بفرض جملة من الإجراءات التنكيلية، وسياسات التضييق المضاعفة على الأسرى، واستهدفت بشكلٍ خاص أسرى الجهاد الإسلامي من خلال عمليات نقلهم وعزلهم واحتجازهم في زنازين لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، عدا عن نقل مجموعة من القيادات إلى التحقيق.
وفي أعقاب تلويح بإضراب، لوحت به الحركة الأسيرة حينها احتجاجًا على هذه الإجراءات، بدأت إدارة السجون بالتراجع عن إجراءاتها واتفقت مع ممثلي الأسرى، في 15 سبتمبر 2021، إلى العودة إلى ما قبل عملية نفق الحرية، إلا أنها لم تلتزم باتفاقها خاصة في إجراءاتها ضد أسرى الجهاد.
حول ذلك، يقول رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة إن ادارة السجون دائمًا ما تتهرب من التزاماتها، لكنها تضطر أحيانًا -امام وحدة الاسرى وثباتهم- لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه او على النقاط الأساسية منه، مشيرًا إلى أن الهجمة على الأسرى بدأت عقب عملية نفق الحرية وتحقيق "المعجزة" التي شكلت صدمة كبيرة للاحتلال، وهزيمة خطيرة للمنظومة الامنية الإسرائيلية، لذا كانت الهجمة كبيرة وهي تحمل شيئا كبيرًا من الثأر والانتقام
وينوّه فروانة، في حديثه لـ "شبكة قدس" إلى أن الإجراءات العقابية لن يقتصر أضرارها على أسرى الجهاد فقط، "وإن كانوا هم في راس الحربة وهم المستهدفون وفقا لادعاءات إدارة السجون"، ويضيف أن أسرى الجهاد يدفعون ثمنًا باهظًا وهم قرروا المواجهة ولن يتراجعوا ما لم تتراجع ادارة السجون عن خطواتها التصعيدية واجراءاتها العقابية.
ومن خلال متابعته لواقع الحركة الأسيرة، يقرأ المختص في شأن الأسرى أن الحركة الأسيرة لن تستسلم لهذا "الواقع المرير وتلك الهجمة المسعورة"، متوقعًا، استمرار المواجهة واتساعها بحيث تشمل جميع أسري الجهاد في كل السجون، وبانضمام الأسرى من الفصائل الأخرى.
بدوره، يؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي حسن لافي على أن إدارة مصلحة السجون "أرادت أن تبحث عن طريقة ما لحرف البوصلة عن فشلها في عملية انتزاع الحرية في سجن جلبوع، لذلك بدأت هي في خطوات عقابية جماعية وخاصة أسرى الجهاد الاسلامي المخططون المباشرون للعملية"، مستدركًا أن إدارة السجون حين وجدت الحركة الأسيرة متحدة باتجاه خطوات تصعيدية ضد الإجراءات العقابية، حاولت تفتيت الصف الفلسطيني لدى الأسرى، وتقديم بعض الوعود الخدّاعة، التي طالما تنصلت منها.
ويشير لافي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، إلى أن إدارة السجون تعمد في الإضرابات سياسة التجاهل و"عدم الجدوى"، موضحًا، أن الاحتلال الإسرائيلي يدرك أهمية يدرك أهمية ملف الأسرى للشعب الفلسطيني، لذلك يمارس عنجهيته الكبيرة ضد الأسرى داخل السجون، في اتجاه قتل الروح المعنوية للفلسطينيين.
انعكاس الإضراب على الميادين الفلسطينية
فور شروع إدارة السجون بإجراءاتها ضد الأسرى منتصف سبتمبر الماضي، حذرت الفصائل الفلسطينية من أي مساس بالأسرى او تعريضهم للخطر، مع التأكيد على أن خياراتها مفتوحة للدفاع عن الأسرى وحمايتهم، وبحسب المختص في الشأن الإسرائيلي فإنه وبالرغم من أن الكثير من التشريعات الاسرائيلية العنصرية بحق الأسرى تلاقي احتفاءات كبيرة من المستوطنين، فإن المستوطن عندما يجد نفسه أن حياة الأسرى سيقابلها تهديد لحياته الشخصية من خلال دعم جماهيري وشعبي سيضغط على حكومته ويتراجع عن عنصريته بشكل كبير، لأن المساس بالأسرى سيكون مقابله المساس بأمنه.
بدروه، يذكر الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، في حديث لـ "شبكة قدس"، أن الاضرابات عن الطعام، وظروف الحركة الأسيرة كان تشعل الأوضاع في الساحات الفلسطينية، بالتزامن مع مواكبة فلسطينية لحالة الأسرى، ومؤخرًا، ظهرت بعض الانعكاسات على ساحة الضفة الغربية بعد انتزاع الأسرى الستة حريتهم واجراءات الاحتلال ضد الأسرى.
وبالرغم من ذلك، يستدرك عرابي تراجعًا، ومنذ فترة طويلة، في مواكبة الجماهير خارج السجون لظروف الأسرى، وانعكاسًا ضعيفًا لنضالات الأسرى على الساحة الفلسطينية، تبعًا لاختلاف ظروفها، ففي الضفة الغربية حدّت سياسيات السلطة الفلسطينية التي مورست على الفلسطينيين من قدرتهم ودورهم، مع التأكيد على أن نتوقع دائمًا بعض الأحداث والاشتعال كما حصل في التوترات الأخيرة.
أما في قطاع غزة، فيقول عرابي إنه ليس سهل على المقاومة أن تدخل في حروب بشكل مستمر ومتواصل، فضلًا عن أن الفعاليات الشعبية قد لا تكون مؤثرة في ظل عدم وجود احتلال إسرائيلي داخل القطاع، مؤكدًا على أن ظروف المقاومة وأخذ قرار الحرب هي قرارات معقدة وتحكمها موازين كثيرة، "وقد تكون هناك شعلة تفتح هذه المواجهة مثل الاعتداءات على الأسرى أو المسجد الأقصى إلا أن الاحتمالات مفتوحة".
و يرى الكاتب والمحلل السياسي أن إدارة السجون التي تمثل سياسة الاحتلال الإسرائيلي الأمنية والاستعمارية والاستخباراتية والعسكرية تهدف إلى كسر إرادة الأسرى، وتتأثر سياساتها بعدة ظروف منها القضايا السياسية، مثل ظروف الحكومات الاسرائيلية، وقرارات متعلقة بإدارة السجون التي ترى "أنها اذا استمرت في تقديم التنازلات فإنها ستفتح علاقة مع الأسرى لا تريدها".