رام الله - خاص قدس الإخبارية: خلال شهر واحد، اجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية بـ 18 شخصية إسرائيلية بشكل علني، منهم وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، ووزيري الصحة والتعاون الإقليمي في حكومة الاحتلال الحالية، إلى جانب عدد من الوزراء السابقين والإعلاميين والأكاديميين.
وفي أعقاب هذه الاجتماعات، وحتى اللحظة، تتوالى تصريحات الرفض لطلب الرئيس الفلسطيني - خلال لقاءاته- مقابلة أطراف في حكومة الاحتلال، كان آخرها رفض وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد، أمس الأربعاء 6 أكتوبر 2021، طلب عباس الاجتماع به، وسبقها بيومٍ واحد، رفض وزيرة داخلية الاحتلال أييليت شاكيد ذات العرض، فضًلا عن رفض رئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينيت طلب اللقاء الذي مرره عباس إلى وزير حرب الاحتلال خلال اجتماعه معه آخر أغسطس\آب الماضي، سلسلة الرفض هذه من قيادات ”إسرائيلية“ ذات مستوى تدفع إلى التساؤل حول السبب في الإعراض عن لقاء محمود عباس وتلبية دعوته؟
بعد انقطاع: لقاءات مع الحكومة الأكثر تطرفًا
المختص في الشأن العبري د. عمر جعارة يقول إنه ومنذ عشر سنين لم تجتمع أية شخصية سياسية إسرائيلية مع الرئيس عباس بخاصة عندما كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الذي يعتبره "محرضًا وليس شريكُا للسلام، وممولاً لذوي الأسرى"، بحسب وصفه.
ويضيف جعارة لـ "شبكة قدس":” إن الاجتماع الوحيد الذي يمكن وصفه بالثقيل سياسيًا كان بين عباس وبين بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض، والذي له 25 مقعداً في كنيست الاحتلال، حيث يعدّ هذا الاجتماع هو الأول بعد قطيعة استمرت عقدًا من الزمن.
وحول رفض عدد من الوزراء لقاء عباس، يؤكد جعارة على أن الوزراء والأحزاب المتحالفة، محكومون باتفاقية الائتلاف لتشكيل الحكومة، وسياساتها، وخطوطها العامة، مشددًا، على أن هذه الحكومة القائمة أكثر تطرفًا من نتنياهو وحكوماته السابقة التي استمرت على مدار 12 عاماً، والحديث عن توجهات يمينة او يسارية لأعضائها ما هي إلا نقاط انتخابية يستغلونها.
من جانبه، يرجع المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد رفض وزراء في حكومة الاحتلال الاجتماع بعباس، وتحديدًا نفتالي بينيت، إلى رفضهم الاعتراف بشرعية السلطة الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.
ويرى شديد، في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن حكومة الاحتلال الحالية دون برنامج سياسي واضح، تحت شعار "مكانك در ولا تتقدم"، وتسعى لإبقاء العلاقة الرسمية بين السلطة و"إسرائيل" في إطار الحياة اليومية، كالعمال والجوانب الاقتصادية وحركة الناس، موضحًا أن هذا ينسجم مع رؤية اليمين في "إسرائيل" لمستقبل العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية، سواء اليمين العلماني أو الديني.
مناكفات إسرائيلية داخلية
"جزء من أسباب رفض الاجتماع مع عباس يعود إلى المناكفات الداخلية في "إسرائيل"، وهي مرتبطة بموقف بينيت قبل توليه رئاسة الحكومة، حول السلطة الفلسطينية، وانتقاد سياسية حكومة نتنياهو في التعامل معها إلى جانب ما يراه بينيت يرى في السلطة والفلسطينيين كأداة في خدمة اليهود"، يقول شديد.
بدوره، يشير الخبير في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، في حديثه لـ "شبكة قدس" إلى أن الأحزاب التي تقوم عليها الحكومة لا يربطها فكريًا وسياسيًا شيء سوى إسقاط نتنياهو داخليًا لاعتبارات شخصية وانتقامية، وبتأييد إقليمي ودولي، موضحًا، أن لا أحد في الأحزاب الثمانية المشكلة للحكومة يريد من أي حزب تقديم شيء، كلقاء مثمر مع عباس، يسمح له بدخول حقيقي في عمق الائتلاف.
ويضيف مرداوي أن المعادلة معقدة ومتداخلة، وليست بالهينة على حكومة وجمهور ينحى إلى اليمين، ويؤمن بشعار حل الدولتين لكنه لا يؤمن بخطوة عملية على الأرض تجاه هذا الشعار، "بالتالي لن تجرؤ الأحزاب وستبقى مترددة باتجاه عدم الجلوس مع محمود عباس".
ولم تكتفِ القيادات الإسرائيلية برفض دعوة الرئيس الفلسطيني فحسب، بل أصدرت تصريحات متهكمة من الدعوة، وبحسب مرداوي فإن هذا السعي إلى إحراج السلطة والتهكم عليها، يأتي ضمن سياسية مدروسة لقتل الإرادة الوطنية الفلسطينية وإظهار الفلسطينيين بلا إرادة، وأن يجعل الوطني الفلسطيني الذي يريد أن يقدم روحه أمام قيادة تستجدي بقوةٍ الطرف الآخر.