فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: شهدت القضية الفلسطينية، في مايو\ أيار 2021، نقطة فارقة في تاريخ النضال، إذا اشتعلت الأراضي الفلسطينية في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة، وبإسناد من فلسطيني الشتات، واتسع الاشتباك مع الاحتلال على أكثر من نقطة تماس إسنادًا للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وقطاع غزة التي كانت تخوض معركة "سيف القدس" وتتعرض لعدوان إسرائيلي.
في الداخل المحتل، كانت المفارقة، إذ كسرت الهبة الشعبية "هبة الكرامة" في مختلف المدن المحتلة محاولات الاحتلال الحثيثة على "أسرلة" العربي وفصله عن قضيته الفلسطينية، ولم يواجه الفلسطيني هناك شرطة الاحتلال فحسب، بل كان في اشتباك مباشر مع المستوطنين، خاصة فيما تسمى "المدن المختلطة"، تزامن معها إجراءات إسرائيلية عنصرية حاولت التضييق على الوجود العربي في الأراضي المحتلة.
وبينما تأججت الأحداث عام 2014 في أعقاب حرق المستوطنين للطفل محمد أبو خضير وقتله، يستمر المستوطنون في الداخل المحتل في اعتداءاتهم على الفلسطينيين، وخط العبارات العنصرية، وسط تجاهل حكومة الاحتلال التي تماطل في محاكمة قاتل الشهيد موسى حسونة الذي ارتقى في مدينة اللد خلال "هبة الكرامة" الأخيرة.
في حديثه لـ "شبكة قدس"، يؤكد الكاتب ساهر غزاوي على أن نظرة المؤسسة الإسرائيلية العنصرية تجاه العرب الفلسطينيين في الداخل المحتل لم تتغير منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا ولن تتغير، موضحًا، أن حكومة الاحتلال تهمّشُ الفلسطينيين في الداخل المحتل من حيث تفضيلات الحكومة وحقوقهم الفردية والحقوق الجماعية وتتعامل معهم بتمييز عنصري.
ويقرأ غزاوي العنصرية من حكومة الاحتلال متجلية بشكل واضح في محطات كثيرة من هبّات الدفاع عن الأرض والمقدسات الفلسطينية والقضايا المصيرية، "كيف كانت يد الشرطة الإسرائيلية خفيفة على الزناد ضد كل ما هو عربي فلسطيني، ورأينا كيف لم تتورع بقتل الفلسطيني ابن الداخل المحتل بدم بارد في يوم الأرض عام 1976 وفي هبة القدس والاقصى عام 2000 وفي هبة الكرامة التي اندلعت في أيار الأخير وفي غيرها من الأحداث التي تقع بين الحين والآخر."
المواجهة قادمة وشرطة الاحتلال تتجهز
وحول إمكانية اندلاع مواجهة، ويقول غزاوي إن الإعلام العبري لا يكاد يخلو من تنبؤات وتقديرات إسرائيلية بتجدد اندلاع المواجهات في مدن وبلدات الداخل الفلسطيني المحتل ولا سيّما فيما يسمى “المدن المختلطة” على غرار تلك التي اندلعت خلال هبة الكرامة في شهر أيار المنصرم.
ويتابع مستدركًا: "حتى أن هذه التقديرات الإسرائيلية باتت تتوقع أن تكون الموجة القادمة أكثر عنفًا من سابقاتها وما هي إلا مسالة وقت، لذلك فإن الشرطة الإسرائيلية تتجهز لحملة تصعيدية كبيرة ضد الفلسطينيين في الداخل، لقمعهم بعد الهبة الفلسطينية الأخيرة خاصة في حال كانت مرتبطة باعتداءاتها في القدس المحتلة."
وكانت صحيفة هآرتس قد نشرت، أواخر شهر يونيو\حزيران الماضي، تقريرًا تحت عنوان "الشرطة الإسرائيلية تتجهز لحملة تصعيدية ضد الفلسطينيين بالداخل" إلى مصادقة وزارة المالية الإسرائيلية على إجراءات سريعة في ميزانية للشرطة بقيمة 13.5 مليون شيكل من أجل شراء أسلحة وقنابل وأعيرة جديدة، بعدما فرغت مخازنها منها إثر استخدامها الواسع خلال المواجهات في المدن الفلسطينية في الداخل.
ويلفِتُ الصحفي من الداخل المحتل إلى دراسة إسرائيلية أجريت في الجامعة العبرية في القدس المحتلة تظهر بأن 60 بالمائة من الإسرائيليين اليهود يخافون من العرب بسبب الأحداث التي جرت في المدن العربية بالداخل المحتل خلال "هبة الكرامة" التي اندلعت في شهر أيار الماضي، كما وتظهر النتائج للدراسة أنه معظم اليهود (حوالي 73٪) يعتقدون أن معظم المواجهات كانت من العرب.
الحكومة والإعلام والمستوطنون: عنصرية واضحة
من جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن "المجتمع الإسرائيلي" يميني عنصري بامتياز بأدواته المختلفة، كما أن إعلامه عنصري ومنحاز حتى في مفردات الصراع، وكثيرًا ما يتناول الإعلام العبري الفلسطيني بصورة المعتدي والمتخلف، في حين يصدر الإسرائيلي كشخصية متنورة ويفضله ويضع مكانته في مكانة أعلى من الإنسان الفلسطيني.
ويستطرد هلسة، في حديثه لـ "شبكة قدس" أن الاحتلال ومنذ قدومه لهذا الأرض أتى على أنقاض الإنسان الفلسطيني محاولًا تغييبه، وهذه النظرة الفوقية الاستعلائية هي جزء أساسي من نظرته، ومنها ينطلق في تعامله مع العربي والفلسطيني، حتى وصل الأمر فتاوى الحاخامات التي تتيح قتل الفلسطيني، وإنقاذ الإسرائيلي على حساب الفلسطيني إذا ما أصيبا في نفس اللحظة
ويوضح أن الاحتلال يؤجج النظرة الاستعلائية تجاه العرب من خلال النظام السياسي وممارسات السلطة السياسية في داخل "إسرائيل" التي لا تبدو في ظاهر النصوص أن قوانينها استعلائية لكن عند التطبيق هي كذلك، فمثلاً قوانين البناء والتنظيم داخل مدينة القدس فهي تغض الطرف عن كثير من التجاوزات للإسرائيليين بينما تلاحق الفلسطيني وتضيق عليه.
ويتابع هلسة: "هم يتعاملون مع الفلسطيني على أنه في مرتبة أدنى من المرتبة الإسرائيلية، وهذا الإهمال الذي يعيشه الفلسطيني في الداخل كان سببًا في هبتهم الأخيرة، ودافعًا إلى استمرار مقاومة هذا الاحتلال وممانعته والاعتراض على محاولات طمس هويته العربية وعلاقته بالفلسطيني في الضفة وغزة والقدس."
ويشير المختص في الشأن الإسرائيلي إلى محاولة الاحتلال إغراق فلسطيني الداخل المحتل بالفوضى والجريمة والفتن وتغض الطرف عنها، بينما تستميت في ملاحقة واعتقال العربي حالما حاول المساس بـ“المجتمع الإسرائيلي“، ويضيف، أن "إسرائيل" تفرض محرمات على الفلسطينيين كرفع العلم وأداء العبادات في المسجد الأقصى، بينما توفر غطاء لعربدات المستوطنين في حارات الأقصى والداخل المحتل.
ويختتم "إننا لا نستطيع أن نفصل الشخص الإسرائيلي كمستوطن عن المنظومة الرسمية الإسرائيلية، وهؤلاء المستوطنون يمارسون عنصريتهم ويحظون بغطاء قانوني، وهو ما يقود للاشتباك والمواجهة في الأقصى وساحات البلدة القديمة ومدن الداخل المحتل."