سئل أحد المسؤولين في السلطة الفلسطينية عن راتبه الشهري وهل يسد حاجته، فقال إن راتبه 12 ألف شيكل، ولا يكاد يسد حاجته، ولكنه في النهاية قال: "مستورة والحمد لله"، أي أن راتبه الأساسي غير المكافآت والمحفزات و"الأشياء الأخرى" لا يكاد يكفيه، علمًا أن زوجته هي كذلك موظفة من العيار الثقيل، فضلًا عن الوظائف التي تشغلها باقي العائلة المحظوظة، والرواتب التي تحصل عليها.
بعض الفقراء الذين يتلقون مساعدات من الشؤون الاجتماعية، أو جهات أخرى بقيمة مائة دولار أو أكثر قليلًا، قُطعت مخصصاتهم، لأن بعضهم ثبت بدليل أو بتقرير كيدي أنهم يعملون أعمالًا أخرى قد تدر عليهم دخلًا يوازي ما يحصلون عليه من مساعدات، أي أن دخل أحدهم تضاعف إلى 200 دولار شهريًّا، وهذا من وجهة نظر المسؤول لا يستحق المساعدة، لأن لديه مصدرًا آخر للدخل، وإذا كان المسؤول الذي يزيد دخل أسرته على 30 ألف شيكل يشكو قلة المال؛ فماذا يقول المواطن المطحون الذي لا توازي مخصصاته ما ينفقه المسؤول على تصفيف شعره؟! وقد قيل إن أحد المسؤولين كان ينفق أكثر من 3000 دولار من أجل تزيين نفسه والعناية بمظهره الخارجي.
يعتقد بعض منا أن المسؤول عليه التزامات كثيرة، ولا بد أن يتقاضى راتبًا كبيرًا حتى يتوافق مع تلك الالتزامات، وأنا أقول إن المسؤول عليه مسؤولية لا بد له أن يقوم بها على أكمل وجه قبل كل اعتبار، ولو كان الأمر كذلك لتغيرت أحوال الشعب الفلسطيني، فالمسؤول لا يعني فقط الموظف الصغير أو المدير أو الوكيل، بل يعني من أصغر موظف حتى الرئيس، أما إذا كانت التزامات المسؤول تتعلق بـ"البرستيج" والتشريفات وتبادل الزيارات والسهرات؛ فهذه التزامات لا تكفيها خزينة قارون، ولذلك نجد خزائن السلطة خاوية على عروشها باستمرار، ولا بد أن تكون الوظائف والمسؤوليات تكليفية، وليست تشريفية ومظاهر تتناقض مع واقعنا شعبًا محتلًّا، ويعيش جزء كبير من مواطنيه على أقل من مائة دولار شهريًّا للفرد أو ربما الأسرة.