الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: شرق طولكرم تتربع قرية صغيرة اسمها "كور"، صُنفت لاحقًا في لائحة التراث العالمي الإسلامي، وهي قرية مشهورة ببيوتها الأثرية، والقلاع العثمانية، والمباني الرومانية القديمة - المهددة بالانهيار أرضًا والاندثار والطمس تاريخًا؛ بفعل المنطقة الصناعية التي تحتوي على آلات حفر الصخور المعروفة بـ "الألغام والكسارات" التي تبعد مسافة تقدر بأقل من كيلومتر واحد عن البلدة، ما جعل الأماكن الأثرية والمباني السكنية التي يقطنها أهلها الذين يزيد عددهم عن 300 نسمة مهددون بخطر انهيار أسقف المنازل على رؤوسهم، وخسائر تطال أراضيهم وأرواحهم.
خطرٌ وضرر
الجمعة الماضية - استيقظ أهالي البلدة على صوت انفجار ضخمٍ نتيجة "ألغام الكسّارات" الذي وصفوه بـ "الزلزال" حسبما يروي أحد سكان البلدة والمتضررين من الكسّارات، بلال الجيوسي، الذي أشار في حديثه لـ "قُدس الإخبارية" بأن ابنته الصغيرة (10 سنوات) تعرضت لصدمة نفسية إثر سماعها المتكرر بشكل مفاجئ لدوي انفجار ألغام الكسّارات، مبينًا أنها تشكل خطرًا طال أراضيه الزراعية المليئة بالزيتون وبئر مياه منزله الذي تعرض للتشقق بفعل الهزات الأرضية الناجمة عن الألغام.
من جانبه قال رئيس مجلس قروي كور السابق، جلال الجيوسي، إن المنطقة الصناعية التي تبعد عن منزله مسافة 3 كيلو متر تسببت بتشققاتٍ في جدران منزله، ما جعله مهددًا بالانهيار وما دفع أهالي آخرين لهجرة منازلهم الأثرية - خشية سقوطها على ساكنيها، كما أن شوارع البلدة والشوارع المحاذية لها أصبحت غير صالحة لسير المركبات نتيجة تكسّرها بفعل سير الشاحنات الكبيرة التابعة للمنطقة الصناعية، مبينًا أن الشوارع غير مهيأة لهذه الشاحنات التي باتت تشكل خطرًا على حياة المارة والأطفال تحديدًا.
وأوضح الجيوسي خلال حديثه لـ "قُدس الإخبارية" بأن كسّارات المنطقة الصناعية تعود ملكيتها لأناسٍ ليسوا من أهل البلدة ولا يقطنون فيها ما جعلهم غير آبهين بمدى تضرر السكان منها وغير مستجيبين للمطالب التي وجهت لهم بإصلاح ما خرّبته شاحنات المنطقة الصناعية، مبينًا أن سكان البلدة لا يعارضون الاستثمار الصناعي لكنهم يعارضونه إن كان على حساب مساكنهم وأرواح المارة في الطريق.
أما المتضرر مصطفى الجيوسي فبين بأن الكسّارات تعمل 24 ساعة متواصلة دون انقطاع ولا تتوقف، وهي مشكلة قديمة - جديدة تؤدي لانفجار الألغام مرتين كل أسبوع "على أقل تقدير دون حسيبٍ ولا رقيب ولا متابعة من أي مسؤول"، مشيرًا إلى أن خسائر طالت أبواب منزله كلها حتى تلفت وشبابيك الغرف التي تكسرت عدة مرات فيما أكد ما رواه آخرون بالقرية على تلف محاصيله الزراعية نتيجة الغبار المندفع من المنطقة الصناعية.
كثرة شكاوى سكان بلدة كور دفعتهم لتحميل مسؤولية الأحداث في البداية للمجلس القروي للبلدة الذي أكد على لسان رئيسه فريد الجيوسي خلال حديثه لـ "قُدس الإخبارية" بأن المجلس تواصل قبل يوم حادثة الجمعة الماضية مع محافظة طولكرم لحل إشكالية الكسّارات وطلبوا لقاءً مع وزير الحكم المحلي لطرح قضيتهم، دون حصولهم على ردٍ بموافقة الزيارة حتى الآن.
وأوضح رئيس مجلس قروي كور أنهم أصبحوا عاجزين عن تلبية مطالب أهل البلدة بعد سعيهم بكل الطرق لإنهاء الأزمة مؤكدًا: "نحمل مسؤولية الخطر القائم لكل الوزارات المعنية - وزارة الاقتصاد والحكم المحلي ووزارة السياحة والآثار وسلطة جودة البيئة والدفاع المدني أيضًا لأنهم لم يتجاوبوا مع مطالبنا بتاتًا".
وأوضح رئيس المجلس خلال حديثه لـ "قُدس الإخبارية" بأن على الجهات المختصة - التحرك لحل الإشكالية قبل وقوع الأضرار على صعيد حياة الناس مع ضرورة رقابة ترخيص هذه الكسّارات ومراقبة حركة الشاحنات في الشوارع القريبة من كور وسرعة سائقيها الزائدة التي وصفها بـ "الخطيرة".
"تنصل من الإجابة"
وعلى ضوء شكاوى سكان بلدة كور والتي تعاملت معها "قُدس الإخبارية" - تواصلنا مع محافظ محافظة طولكرم، عصام أبو بكر والذي كان رده: "فش مشكلة إلا وإلها حلّ ومش راح أحكي أكتر من هيك، والموضوع ما حكيت فيه على الإعلام بطولكرم - حتى أحكي فيه بمكان تاني".
وفي ذات السياق تواصلنا مع وزارة الحكم المحلي في طولكرم ممثلة بمديرها راغب أبو دياك الذي اعتذر عن الإدلاء بأي تصريح على الإعلام بخصوص القضية، مؤكدًا أن مساعي حلٍ وبوادر مطروحة ستنهي إشكالية "الكسارات" خلال اليومين القادمين، فيما علمت "قُدس الإخبارية" من مصادر خاصة في محافظة طولكرم بأن شخصيات سياسية "واصلة - أيّ متنفذة" حسب تعبير المصدر، تدخلت بالموضوع وتحاول عرقلته والمماطلة فيه لمصالح واعتبارات شخصية.
وقال إياد ذوقان مدير مديرية السياحة والآثار في طولكرم، إن الوزارة طالبت مركز رصد الزلازل بجامعة النجاح بوضع أجهزة لرصد حجم الانفجار الذي تسببه الكسارات، ورصد مدى التأثير على المباني التاريخية الموجودة في القرية.
وقال لـ"قُدس الإخبارية": وعقدنا لقاء في مجلس قروي كور بحضور الجهات ذات العلاقة، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مكونة من وزارة الاقتصاد ووزارة البيئة ومحافظة طولكرم والدفاع المدني ولجنة المحاجر والكسارات في المحافظة.
وأضاف: وزارة الاقتصاد أخذت قرارا بضرورة مراجعة الكسارات، وتم استدعاء مالك الكسارة وإبلاغه بضرورة التبليغ بموعد التفجير قبل أيام من حدوثه، وهناك حل سيكون في الفترة القريبة.