فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: ما زالت قضية تحرر ستة أسرى فلسطينيين من سجن "جلبوع"، بداية الشهر الحالي، تثير أسئلة حساسة حول المنظومة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد فشلها في الكشف عن عملية حفر النفق أو الوصول إلى معلومات استخباراتية تمنع تحرير الأسرى لأنفسهم، والظروف التي حكمت مسار المطاردة للمحررين والوصول إلى أربعة منهم لاحقاً، بعد خمسة أيام من الملاحقة "الساخنة" بمشاركة مختلف الوحدات العسكرية والاستخباراتية.
اعتقال أربعة من محرري "جلبوع" عن طريق وحدة قصاصي الأثر، وفقاً للإعلام العبري، وهي من الطرق التقليدية في المطاردة، في ظل العمل الإسرائيلي الدائم لترسيخ مقولة أن الأدوات التكنولوجية التي تملكها دولة الاحتلال، لها قدرة على الوصول لأي مكان، أعاد الأسئلة حول الحقيقة في قدرة التكنولوجيا وحدود سيطرتها على الوصول للمطاردين.
يرى المحلل والكاتب السياسي، حسن لافي، أن "بقاء أربعة محررين لمدة خمسة أيام بعد عملية هروب معقدة، لم تتمكن كل وسائل التكنولوجيا التي تملكها إدارة السجون من كشف العملية، ثم يتم اعتقالهم عن طريق الصدفة، أعتقد أن هذا يشير إلى أن الوسائل التكنولوجيا لم تسعف إسرائيل بشكل أساسي في المطاردة".
وتابع: "أسيران محرران بعد 10 أيام لم يتمكن الاحتلال من الوصول إلى طرف خيط عن مكانهم، وما زالت إسرائيل تنفق الملايين في إطار عملية مطاردتهم، دون جدوى".
وأكد أن "التكنولوجيا حدودها واسعة لكن عندما يتم تطبيق سياسات الضبط الأمني من قبل أسرى محررين، لديهم خبرة في المنظومة الأمنية، بإمكانهم هزيمة العقل والتكنولوجيا الإسرائيلية"، وأشار إلى المجسات الأمنية في السجون وكاميرات الرصد ومنظومات الاستطلاع والطائرات دون طيار التي استخدمها الاحتلال في المطاردة، واعتبر أنها لم تساعد الاحتلال في الوصول إلى الأسيرين المحررين مناضل نفيعات وأيهم كممجي حتى اللحظة.
وأضاف في حديث مع "شبكة قدس": "المنظومة التكنولوجيا يوجد لديها سقف في خدمة المنظومة الأمنية، وليست أسطورة كما تحاول إسرائيل أن تصدرها".
وفي سياق آخر، اعتبر لافي أن المخاوف التي أثارها الإعلام العبري من وصول سلاح إلى المطاردين، يؤكد أن "القلق الوجودي مكون جيني في العقلية الصهيونية".
وتابع: "في كل الحالات لديهم مخاوف، طرحوا سيناريوهات حصول الأسرى على أسلحة أو تنفيذهم عمليات وغيرها، هذا يدل على حرص أمني، لكنه نوع من القلق على الوجود، لأنهم يعلمون أن إسرائيل دولة طارئة على المنطقة، لذلك كانت أمنية نتنياهو أن يحضر مئوية قيام دولة إسرائيل، لأنه يشكك بأن تبقى الدولة وتحتفل بمرور 100 عام على قيامها".
ويعتقد أن الاحتلال سيعيد ترتيب أوراقه من جديد بعد الفشل الأخير في سيف القدس، وتحرر الأسرى وغيرها من الملفات، وأضاف: "هل سينجح في ذلك؟ هل الكبرياء والغطرسة هل ستتيح لهم تقييم الكارثة في سجن جلبوع؟ وزير الأمن الداخلي شكل لجنة للتحقيق، لكن هذا ليس دليلاً على أنه سينجح، من الممكن أن يهتز كل الائتلاف الحكومي يذهب، والمستقبل سيحكم هل ستتمكن هذه اللجان من إصلاح الوضع".
من جانبه، اعتبر المختص في الشؤون الإسرائيلية، أنس أبو عرقوب أن القدرات التكنولوجية التي يملكها الاحتلال "لا يمكن الاستهانة بها وقد قلصت مساحة البحث إلى الحدود الدنيا".
وتابع: "الكاميرات الأمنية المنتشرة في الشوارع استبعدت احتمال ركوب الأسرى لمركبات نقلتهم إلى مكان آخر، بالتالي قلصت مساحة البحث إلى المنطقة التي يمكن لأشخاص أن يصلوا لها بالأقدام".
وأشار أبو عرقوب لشبكة قدس إلى أن عدم استخدام الأسرى للأدوات التكنولوجية دفع الاحتلال للجوء للوسائل التقليدية، مثل وحدات قصاصي الأثر، وقال: "هذه الوحدة كان لها دور في الوصول إلى مطاردين في عمليات أخرى، قائد الوحدة محمد فواز شارك مع عناصرها في تحديد وتقصي أثر الأسرى المحررين، وهو نفسه كان له دور في تتبع الأسير عاصم البرغوثي منفذ عملية جفعات آساف، والوصول إلى مسار انسحابه".
وقال: "كل ما نشر عبر الإعلام العبري من لحظة تحرر الأسرى لأنفسهم وحتى اللحظة، يقع ضمن المعلومات التي تفيد مسار المطاردة، وفي إطار الحرب النفسية المطاردة على المطاردين، وم أجل منع الآخرين تقديم العون لهم، عندما أصدر أنباء تداولتها جهات كثيرة عندما قال إن مركبات نقلتهم إلى الأردن، لمنع خروج المتعاطفين من أبناء شعبنا وتقديم العون لهم".
وتابع: "إعلان امتلاكهم السلاح كانت حتى يستنفر المستوطنون في كل مكان تواجدهم، بحثاً عن الأسرى".
وعن تعامل الجبهة الداخلية لدى الاحتلال مع عملية (نفق الحرية)، قال: "حدثت هزة في ثقة الجمهور الإسرائيلي بالأمن، كل لحظة ويوم مضى والأسرى أحرار، كانت تقلل من ثقة الإسرائيليين بقدرة الأجهزة الأمنية للاحتلال وأدواتها التكنولوجية".