غزة - خاص قدس الإخبارية: كشف وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يئير لابيد مؤخراً عن خطة تستهدف قطاع غزة تقوم على مبدأ "الأمن مقابل التنمية والاقتصاد" في تراجع واضح عن الخطاب السابق الذي كانت تصدره الحكومة الائتلافية بأنها لن تقدم للقطاع أية تسهيلات.
وتتزامن هذه الخطة مع تسهيلات إسرائيلية قدمت للقطاع كان أبرزها تمرير المنحة القطرية للفقراء في غزة عبر الأمم المتحدة والسماح بإدخال مواد الإعمار وفصلها عن قضية الأسرى كما كانت المقاومة تشترط سابقاً وهو ما يعتبر انجازاً جديداً للمقاومة.
ومع طرح خطة لابيد يدور الحديث عن موقف المقاومة منها وتحديداً حركة حماس، التي تستعد لاستقبال وفد من المخابرات المصرية خلال الأيام المقبلة، ومن المرجح طرح الخطة على حركة حماس وبقية الفصائل لتحديد موقفها منها.
ورحبت القاهرة وواشنطن ولندن بهذه الخطة على اعتبار أنها توفر الهدوء مع القطاع وتوقف عمليات الاستنزاف المتواصلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي خاض عدداً لا بأس به من الحروب وجولات التصعيد مع غزة دون نتائج عملياتية ملموسة.
وعلمت "شبكة قدس" أن وفداً من جهاز المخابرات سيصل إلى القطاع خلال الأسبوع المقبل في زيارة هي الأولى من نوعها منذ زيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى القطاع نهاية أيار/ مايو الماضي، وبعد فترة شهدت فيها العلاقات شد وجذب تمثلت أبرز ملامحه في قرار إغلاق معبر رفح لعدة أيام.
في السياق ذاته، أكدت مصادر لـ "شبكة قدس" أن حركة حماس وفصائل المقاومة ترفض الخطة الإسرائيلية جملةً وتفصيلاً كونها تربط الاقتصاد بالأمن وهو أمر لا يمكن أن تقبله المقاومة أو حتى الشعب الفلسطيني في ضوء استمرار الاحتلال.
وأضافت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن: "خطة لابيد الاقتصاد مقابل الهدوء لن تنجح ولن تمر وشعبنا أثبت هو والمقاومة من خلال المواقف المعلنة والأفعال الشاهدة في الواقع أنه يرفض مقايضة أمن الاحتلال بظروف حياتية ومعيشية".
وأردفت: "المقاومة قالت بشكل واضح وأبلغت المصريين أن الأسرى مقابل أسرى، ثم الشعب الفلسطيني يجب أن يعيش وهو محاصر بكرامة عبر حرية الاستيراد والتصدير وخروج الصيادين وإعادة الإعمار وبدون ذلك فلن ينعم الاحتلال بالأمن والاستقرار".
وأشارت المصادر إلى أنه في حال استمر الاحتلال في تعنته وحاول من خلال الضغط التأثير على الشعب الفلسطيني فالواقع سيثبت له عكس ذلك، موضحة أن هناك حالة من الالتفاف حول المقاومة في الضفة أو غزة واسعة.
وأتبعت بالقول: "سياسة مقايضة الأمن بالحقوق الوطنية والمستويات المعيشية فشلت وستفشل وكل طرف يتماهى مع هذا الطرح يدفع فاتورة غضب الشعب"، مشددة على أن سياسة الحصار المفروضة على قطاع غزة مرفوضة بشكل قاطع.
وأكدت أن المقاومة لن تقايض بأي شيء يتعلق بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة، فرفع الحصار غير مرتبط بالأمن الإسرائيلي، منوهة إلى أن "المقاومة لن تعطي الاحتلال وهو يمارس احتلاله ويسرق الأرض ويتعدى على المقدسات ويوسع الاستيطان أمناً واستقراراً ولا يمكن أن يصبح الاحتلال رخيصاً".
واستكملت المصادر: "هذه الخطة لن تقبل ونستغرب أن تعرض على حركة حماس أو بقية الفصائل الفلسطينية، وهناك فرق بين ما يتداول وبين شروط المقاومة التي تطلب إعادة الأمور كما كانت دون شروط أو قيود إسرائيلية".
خطة مرفوضة
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن خطة لابيد قديمة وليست بالجديدة ولن يتم قبولها من قبل حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهي مرفوضة جملةً وتفصيلاً وهي ضمن ما يعرف بـ "السلام الاقتصادي".
وأضاف الصواف لـ "شبكة قدس": "الشعب الفلسطيني ليس جائعاً ليربط حل مشاكله وقضاياه بأمن الاحتلال وهذا الطرح يدلل على أن حالة الانهيار واضحة لدى الاحتلال فهو بالأمس كان يربط التهدئة والإعمار بصفقة تبادل الأسرى واليوم يربط الأمر بالشأن الاقتصادي".
وواصل الكاتب والمحلل السياسي الصواف قائلاً: "الاحتلال يريد أن يصور الأمر وكأن الواقع في غزة بحاجة لطعام وماء، والأمور لا تدار بهذه الطريقة".
وعن إمكانية تعرض فصائل المقاومة وحركة حماس لضغوط خارجية للقبول بهذه الخطة، علق قائلاً: "جميع الأطراف بما فيها الوسيط المصري والإدارة الأمريكية والاحتلال يريدون تقوية السلطة على حساب المقاومة وهم لا يرغبون بالمقاومة".
وشدد الصواف على أن المقاومة لا يمكن أن تستجيب لأي طرف من هذه الأطراف بما في ذلك مصر أو من أي جهة كانت، مشيراً إلى أن المقاومة لديها خطة تتمثل في رفع الحصار بأي ثمن فإن ذلك سيؤدي لتفجير الأوضاع".
وعن قبول المقاومة بتسهيلات الاحتلال الأخيرة، ذكر أن ما يجري هو حق للشعب الفلسطيني وكان يجب أن يمنح، مبيناً أن الأمور بدأت تعود رويداً رويداً إلى ما كانت عليه قبل العاشر من مايو/ أيار الماضي وهو أمر يحظى بترحيب الفصائل فيما يرفض الجميع مقايضة ذلك بأي ثمن.