جنين – خاص قدس الإخبارية: ارتفعت وتيرة الاهتمام الإسرائيلي إعلامياً وأمنياً وسياسياً بمخيم جنين في ضوء التخوفات الإسرائيلية من وصول الأسيرين المحررين من سجن جلبوع مناضل نفيعات وأيهم كممجي إليه، خاصة وأن المخيم يعدّ مركزا مهما للمقاومة الفلسطينية وعلى وجه التحديد لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وشهدت جنين ومخيمها مؤخراً عشرات عمليات إطلاق النار التي تنفذها المقاومة تجاه دوريات تابعة لجيش الاحتلال تزامناً مع عمليات الاقتحام ومحاولات الاعتقال التي تجري لشخصيات وطنية أو محسوبة على الفصائل الفلسطينية المقاومة.
ويركز الاحتلال حالياً على الحالة التي تشهدها المدينة ومخيمها من تصاعد لعمليات إطلاق النار وعجز السلطة الفلسطينية رغم ضوء التنسيق الأمني القائم، وسط ترجيحات أن يقدم الاحتلال على تنفيذ عملية عسكرية في المخيم لإنهاء الحالة القائمة.
ويستبعد مراقبون ومحللون أن يقدم الاحتلال على أي عمل عسكري واسع النطاق في المخيم خشية من انفجار الضفة بشكلٍ حقيقي في وجهه، بالتزامن مع التهديدات التي أطلقها الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأن أي عمل عسكري تجاه الضفة ومخيم جنين سيدفع المقاومة في غزة للقيام بواجبها "الديني والوطني" ضد الاحتلال الإسرائيلي.
خطوة محسوبة.. وغير مستبعدة
وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إنه من غير المستبعد قيام الاحتلال بخطوة من هذا النوع، إلا أن هذه الخطوة قد تكون توفير الذرائع للاحتلال لترسيخ ذرائع أمنية وسياسية معينة وابتزاز السلطة بشكل أكبر من ناحية سياسية.
وأضاف عرابي لـ "شبكة قدس": "الاحتلال الإسرائيلي ليس معنياً بأي طرح سياسي بينه وبين السلطة الفلسطينية، وعلى الأغلب أن أي عملية دخول لمخيم جنين ستكون مختلفة عن تلك التي حصلت في اقتحام المخيم خلال انتفاضة الأقصى".
وعن أسباب ذلك، أوضح الكاتب والمحلل السياسي أن ذلك يعود لعدم وجود قوة كبيرة للمقاومة بشكل منظم مثلما كان عليه الحال سابقاً، إلى جانب عدم وجودة حالة كفاحية شاملة، عدا عن عدم مشاركة السلطة في العمل المقاوم حينما شاركت قطاعات من الأجهزة الأمنية في تلك الانتفاضة.
وأردف قائلاً: "أي دخول لمخيم جنين والمدينة سيكون محسوباً من قبل الاحتلال ولن يكون هدفه البقاء والمكوث، إلى جانب أن الأحداث لن تكون لمجرد اعتقال أو تفكيك بعض الخلايا التي تطلق النار تجاه الجنود الإسرائيليين وستكون العملية ذات طابع سياسي وأمني".
وعن تهديدات المقاومة للاحتلال، علق عرابي قائلاً: "الاحتلال أعلن بشكل واضح أنه غير معني بالمواجهة مع المقاومة في غزة وأن المواجهات المتكررة أضعفت صورته وبالتالي فإنه يريد ممارسة عملية مزدوجة تتمثل في الضغط والاحتواء وإضعاف حركة حماس وتقوية السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن الاحتلال يريد شراء الهدوء مع القطاع عبر إدخال الأموال وترميم شبكة الكهرباء والمياه وهو سلوك إسرائيلي مشابه لما يجري في الضفة عبر شراء الهدوء بالسماح بالمقاصة والسلام الاقتصادي والعمالة داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
واستدرك قائلاً: "لكن من غير المستبعد أن أي عملية اقتحام لجنين بحيث يحيد المقاومة داخل قطاع غزة وأيضاً ضمن الظروف السياسية الراهنة من غير المستبعد أن يسعى الاحتلال لجر الفلسطينيين إلى مواجهة محسوبة تمكنه من السيطرة عليها مستغلاً الظروف السياسية التي يعيشها الفلسطينيون".
وبشأن تعاظم عمليات إطلاق النار، رأى عرابي أن جنين متصدرة المشهد من ناحية عمليات إطلاق النار مقارنة بمناطق أخرى بالضفة المحتلة، وهو أمر يعود لظروف تاريخية مرتبطة بالمخيم الذي لا يوجد به حضور سياسي كبير للسلطة إلى جانب وجود مسلحين من حركة فتح والجهاد الإسلامي.
وأتبع قائلاً: "جنين جزء من حالة عامة في الضفة الغربية التي بات واضحاً أنها تعيش حالة تململ في الآونة الأخيرة وهناك بوادر تصعيد في ساحة الضفة وما يجري في المخيم حالياً هو جزء من حالة عامة تجري حالياً مع حالة ضعف في المناطق الشمالية للضفة".
استهداف أمني وإعلامي
من جانبه اعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي والكاتب في الشأن السياسي حسن لافي أن الاحتلال يستهدف جنين منذ فترة عبر التحريض الكبير في الإعلام الرسمي وتصريحات قادة الاحتلال عدا عن السلوك الأمني والميداني فيها مقارنة ببقية المناطق.
وقال لافي لـ "شبكة قدس" إن الاحتلال من الممكن أن يفكر بخطوة استباقية تجاه جنين إلا أن الظروف لا تخدم "إسرائيل" في الوقت الراهن في ظل ارتفاع الروح المعنوية للفلسطينيين المرتبطة بمخيم جنين خصوصاً وأن الأسرى منفذي عملية الحرية من جنين.
وأضاف قائلاً: "السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تصطف تجاه التنسيق الأمني مع الاحتلال خاصة مع هذا الالتفاف الجماهيري والإقليمي حول جنين وأسراها الستة الذين حققوا المعجزات"، مبيناً أن من ضمن الأسباب هو اشتعال جبهة غزة عبر إطلاق الصواريخ لليوم الثالث على التوالي.
وواصل لافي بالقول: "لا مصلحة لإسرائيل بفتح جبهة جديدة في جنين وساحة غزة في نفس الوقت خاصة مع تهديدات القسام الأخيرة أن جنين لن تكون وحدها وكأنها خطوة استباقية لمنع أي تغول إسرائيلي على المدينة والمخيم".
ورأى أن فصائل المقاومة أثبتت جديتها في أكثر من موقع في تهديداتها خصوصاً في معركة سيف القدس حينما خاضت المعركة من أجل القدس المحتلة، منوهاً إلى وجود إدراك إسرائيلي بجدية المقاومة بعدما حاولت تمرير مسيرة الأعلام في القدس في مايو/ أيار الماضي كانت المقاومة حاضرة بالصواريخ.
وتابع قائلاً: "هناك إدراك إسرائيلي واضح جداً أن الأمر في غزة قابل للانفجار مما سيسهل تنفيذ هذه التهديدات من قبل المقاومة خصوصاً بعد الروح المعنوية العالية التي أحدثتها عملية "نفق الحرية" ووجود غضب جماهيري تجاه الحصار على القطاع".
واستبعد لافي وجود عملية عسكرية واسعة النطاق تستهدف جنين في المدى المنظور كون هذه العملية من شأنها خلط الأوراق في الضفة الغربية بشكل كبير وتؤدي إلى توحيد الجبهات الفلسطينية في معركة ضد الاحتلال وهذه الوحدة حول خيار المقاومة مرفوضة إسرائيلياً.