فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: لا شك أن فجر يوم الاثنين الماضي كان وقتًا مفصليًا في تاريخ الحركة الأسيرة، الذي أعطى أفقًا لفرد صفحات التاريخ عن بطولات الأسرى في التسلل والفرار من معتقلات الاحتلال، وصفحاتٍ أخرى دُونت في الإجابة عن سؤال ظنت جيوش العرب أن لا إجابة عملية له، ألا وهو: كيف تُكسر منظومة وقوة الاحتلال أمنيًا؟ وكانت الإجابة بملعقة طعام الأسرى وإرادتهم حين انتزع 6 منهم حريتهم بعدما تمكنوا من حفر نفقٍ في سجن "جلبوع" المقام على سفوح جبال الأراضي المحتلة في الشمال.
محمد ومحمود العارضة ويعقوب قادري وزكريا زبيدي، هم الأسرى الذين تمكنوا من الفرار مدة خمسة أيام وتمكنت قوات الاحتلال بعدها من اعتقالهم في صورة شكلت حالة ضعف لدولة لم تستطع الكشف عن مكان تحركهم وهم المعزولون عن العالم في حين أن قوات الاحتلال ما زالت تبحث عن اثنين آخرين وهما أيهم الكممجي ومناضل نفيعات.
فشلٌ وراء فشل
الأسير المحرر الذي خاض تجربة الفرار من السجن والمبعد للخارج ماجد الجعبة أوضح خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية"، أن اعتقال الأسرى لا يعتبر فشلًا بحقهم كونهم تمكنوا من التسلل خارج أسوار السجن وأن العائق الوحيد أمامهم كان بانعدام الدعم اللوجستي والمادي الكافي لهم مما يمكنهم من الخروج من دائرة منطقة سجن جلبوع.
وأوضح الجعبة أن الأدوات التي يستخدمها الأسرى دائمًا في الحفر لأنفاق الهروب تتمثل بالملاعق والأدوات الحادة التي يتم إعادة تدويرها وبعض الأدوات المهربة، ولا يمكن لإدارة السجون حرمان الأسرى منها على اعتبار أنها أدوات بسيطة وضرورية وهي نتاج إضرابات سابقة، وهذا يصنف ضمن دائرة الفشل للاحتلال بأن الهروب دائمًا يأتي بنفس المعدات البسيطة، مبينًا أن في كل عملية هروب تدخل إدارة السجون بمشاكل داخلية وحملة إقالات جماعية وتحقيق مع السجانين فيما إن ساعد أحدهم الأسرى في الهروب أو في إدخال معدات الحفر، ولفشلهم أيضًا في مراقبتهم أمنيًا.
مرحلة كيّ الوعيّ الإسرائيلي
معركتنا مع الاحتلال الذي يتسلح بالطائرات بدون طيار وكاميرات المراقبة والأقمار الصناعية في كل مكان والسيطرة الفعلية على أرض الواقع، مما يمكنهم من إقامة حواجز دائمة وطيارة – لا تحسب بالضربة القاضية، بل بتسجيل النقاط والإخفاقات التي تعرضت لها دولة الاحتلال مرتين، الأولى عند تسلل الأسرى الستة من السجن وخصوصًا أن ثلاثة منهم يصنفون في قائمة من هم "احتمالية هروبهم عالية" والثانية عند تأخر اعتقالهم لخمسة أيام في الأراضي المحتلة، حسبما يؤكد الباحث السياسي في الشأن الإسرائيلي، أشرف بدر، مبينًا أن الأسرى لم يتمكنوا فقط من كسر المنظومة الأمنية للاحتلال وإنما تغلبوا على مسار مُحكم خضعوا له على مرّ السنين لتحطيمهم معنويًا ونفسيًا.
وأشار الباحث السياسي إلى أن الإعلام الإسرائيلي حذر من "التهور" بقتل الأسرى فور إعلان هروبهم من السجن تحسبًا من رد المقاومة الفلسطينية في غزة على اعتبار أن الرد سيكون فتيل حربٍ جديدة لا تسعى لها دولة الاحتلال في الفترة القائمة، مبينًا أن القيادات السياسية الإسرائيلية تتخوف من تعرض جمهورها لحالة كيّ الوعي للوعي الذين ظنوا من خلاله أن روح الثورة والانتقام الفلسطيني قد أُخمدت وتراجعت وهذا ما أثبتته معركة سيف القدس منتصف العام الجاري وما أكده الأسرى عند فرارهم من سجن جلبوع.
الفصائل تعقب
وأكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي أنور أبو طه لـ "قدس الإخبارية" أن الجناح العسكري لحركته "سرايا القدس" جاهز للرد عمليًا على أرض الواقع وبما يتلاءم مع ردع الاحتلال الإسرائيلي حال ارتفعت وتيرة التصعيد في السجون وخارجها أو حال التعرض للأسرى الفارين "الكممجي ونفيعات". مبينًا أن الجهاد الإسلامي تتواصل مع الأسرى في المعتقلات بطرقها الخاصة وتتابع الأوضاع داخل السجون.
وأشار، إلى أن اعتقال الأسرى لن يهبط من عزيمة المقاومة ولن يخمد محاولات الأسرى بتكرار العملية وانتزاع الحرية بطرقهم الخاصة.
أما حركة فتح فإنها ستستعيد قواها وهي جاهزة للاستنفار على صعيد أفرادها وأطرها التنظيمية على أرض الواقع حال استفردت إدارة السجون بالأسرى المعتقلين حسبما يشير عضو مجلسها الثوري تيسير نصر الله خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية" مبينًا أن حركته تسعى لاستنهاض الحالة الوطنية من خلال جمع الفصائل الوطنية على طاولة واحدة وتحديد آلية لمواجهة الاحتلال في الفترة القادمة، مشيرًا إلى تخوفات حركة فتح من أن يمارس الاحتلال عملية اغتيال بحق الأسرى الذين لم يعتقلوا بعد الهروب.
وفي سياق الحديث عن الأسرى أكد القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان أن الاحتلال لن يكون جاهزًا بعد عملية الفرار من جلبوع للذهاب نحو إبرام صفقة تبادل أسرى مع المقاومة في الفترة الحالية، كونهم يعيشون أزمة داخلية عليهم الانتهاء منها قبل الجلوس للتفاوض، موضحًا أن حركته ستدافع عن الأسرى بأي ثمن إن حاول الاحتلال ترميم صورته المهزومة على حساب أوضاعهم في السجون.