فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: لم يهدأ اللوبي الصهيوني في أمريكا بعد حملة التضامن الواسعة التي شهدتها الساحة الدولية في أعقاب أحداث حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء، والحرب على غزة في مايو\ أيار الماضي، وبدأ يشن حملات واسعةً على المتضامنين خاصة المؤثرين والمعروفين دوليًا، مثل العارضة الأمريكية من أصول فلسطينية بيلا حديد، والتي ضغط بشدة على شركات عالمية لوقف التعامل معها.
وبالتوازي مع الجهد الفلسطيني الناشط خلال الأشهر الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال رسالة القضية الفلسطينية، تصاعدت عمل اللوبيات الصهيونية في الغرب وبشكل خاص في أمريكا، الذي وصل إلى أروقة صنع القرار في الكونغرس الأمريكي والبيت الأبيض، من خلال الضغط، واستصدار مواقف رسمية تدين كل من يحرض "ضد اليهود ويعادي السامية."
حضور على منصات التواصل
في حديثه لـ"شبكة قدس"، يقول أستاذ العلاقات العامة في الجامعة العربية الامريكية، عمر أبو عرقوب، إنه رغم ما شهدته قضية الشيخ جراح من حراك دولي وإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي، جيد إلى حد ما، كان هناك استراتيجيات استخدمها اللوبي الصهيوني وحاول من خلالها الإضرار بالقضية الفلسطينية والحراك التضامني معها.
ويوضح أبو عرقوب: لقد رأينا الكثير من المتضامنين مع القضية، ورأينا كيف تمت شيطنتهم والضغط عليهم لحذف منشوراتهم، "نعم هناك تأثير على قادة الرأي في المجتمعات الغربية، وبالتالي لم يعد أحد يستطيع الكلام عن الموضوع، حيث أصبح بُتهم بمعاداة السامية وحملات المقاطعة كما حدث مع بعض الشركات، وهذا يؤدي إلى ضعف حضور القضية الفلسطينية في أذهان الغرب".
وحول هذه الاستراتيجيات، يشير أبو عرقوب إلى تواجد للوبي الصهيوني على كل التطبيقات، والمنصات الرقمية بشكل رسمي وغير رسمي، إضافة إلى استخدامهم الحملات الرقمية الموجهة والتي لها علاقة بعكس الرؤية الإسرائيلية والصهيونية للقضية الفلسطينية، وحقيقة الصراع والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي الموجود، "وبالتالي نرى أن هناك حملات رقمية تكون موجهة، لفئات وجماهير ودول معينة أو حتى لجماعات عرقية معينة في أمريكا."
في منتصف يوليو\ تموز الماضي، فصلت قناة الـ BBC البريطانية الصحفية الفلسطينية تالا أبو حلاوة بسبب تغريدة نشرتها عام 2014، أدانت فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، وفي تعليقها على فصلها من القناة، كتبت أبو حلاوة في منشور عبر فيسبوك: "بدأت الحملة بعد إعدادي وظهوري في تقرير ل بي بي سي يتحدث عن الثمن الذي يدفعه المشاهير حول العالم عند دعمهم للقضية الفلسطينية، وبمجرد نشر التقرير قامت جماعات متطرفة داعمة لإسرائيل بالنبش في حسابي على تويتر والترويج للتغريدة".
حادثة أبو حلاوة وغيرها من السلوكيات التي تهدف إلى مراقبة أراء الفلسطينيين والمتضامنين معهم، والضغط عليهم وحذف منشوراتهم أو حساباتهم، يعود إلى اعتماد اللوبي الصهيوني على تحشيد وسائل الإعلام والتواصل معها، من أجل مراقبة كل ما ينشر عليها حول القضية الفلسطينية، وبحسب أستاذ العلاقات العامة فإن ذلك يمكنهم من متابعة وتحديد إذا كان هناك أي مشكلة تتناقض مع الرواية الإسرائيلية والعمل على تعديلها.
الشيطنة والهجوم: وسيلتان للنيل من المتضامنين
فضلًا عن حضور اللوبي الصهيوني إعلاميًا بشكل كبير، ومحاولتهم تفنيد الرواية الفلسطينية من خلال نشر روايتهم المضادة بشكل مكثف، تلجأ اللوبيات إلى أسلوب شيطنة الشخصيات والمؤسسات والوسائل التي تعرض جزءًا من الرواية الفلسطينية أو تحاول التضامن معها.
منذ أيام، نشر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية "آيباك" منشورات تحريضية على النائبة المسلمة في الكونغرس الأمريكي إلهان عمر، واصفًا إياها بـ "الإرهابية"، وقد زادت من حد حملات الشيطنة التي تمارس ضد النائبة عمر بعد تصريحاتها بأن الضربات "الإسرائيلية" على قطاع غزة "إرهابية".
يرى منسق عام "الحركة الدولية لمقاطعة إسرائيل دوليًّا" محمود نواجعة أن اللوبيات تعمل من منطلق هجومي باتجاه التضامن مع شعبنا الفلسطيني وباتجاه اي ناشط وأية مجموعة تحاول تعميم الرواية الفلسطينية، وتحاول الدفاع عن حقوق شعبنا ضد كل منظومة الاحتلال والاستعمار.
ورقميًا، يقول نواجعة في حديث لـ "شبكة قدس": "يتم استخدام الجانب الرقمي من خلال الترهيب، بمعنى هناك منصات ومواقع للتشهير بنشطاء على أساس أنهم داعمين للإرهاب من ضمنهم موقع اسمه كناري، كما أنهم يستخدمون الانفوغراف والمقاطع المصورة لناس لديهم مكانة مرموقة ثقافيًا وأكاديميًا، ويستخدمون فيها أحاديث معينة في غير موضعها لنشطاء متضامين مع القضية الفلسطينية ويقومون بتزويرها."
ويشير نواجعة إلى أن اللوبي الصهيوني يحاول تعميق الصورة النمطية في الغرب ضد الفلسطينيين، "بمعنى العربي والمسلم هو الإرهابي، وأن الفلسطينيين هم دائما من يرفضون الحلول منذ عام - أي قبل النكبة- و1947 حتى اليوم، وأن الصهاينة منفتحون على الحلول لكن الفلسطينيين يرفضون."
وتدعيمُا لروايتهم، يلجأ اللوبي الصهيوني إلى تعتيم الوقائع على الأرض، فهو يغيّب الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد والفصل العنصري، ووفقًا لمنسق عام "الحركة الدولية لمقاطعة إسرائيل دوليًّا"، فإن اللوبي يعمل على إجهاض أي حديث عن هذا الموضوع، وجعل التيار العام الإعلامي باتجاه تعميق الصورة النمطية بالذات في الولايات المتحدة، وأيضا قمع واضطهاد الفلسطينيين من خلال محتوى رقمي، وأن يكون هناك رقابة عارمة وصارمة عليهم.
ما المطلوب فلسطينيًا؟
في الوقت الذي ينشط فيه الاحتلال من خلال اللوبيات والأفراد والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وبلغات شتى على منصات التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام، ويحاول بشتى الطرق التغلغل إلى المجتمعات المختلفة لنشر روايته، لا بد للفلسطيني أن يتخذ خطوات مضادة تحد من التأثير والضغط الصهيوني.
"لا بد من الاعتماد على لغة خطاب قائمة على القانون الدولي وحقوق الإنسان، هذا النوع من اللغة لا يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي منعها أو قمعها، لأنها غير مخالفة للقانون أو اتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها، بهذا النوع من الخطاب يكون لدينا انفلات أو انعتاق من الضغط الرقمي ومحاولات وقف نشاط شعبنا الفلسطيني"، يقول نواجعة.
ويستطرد: من ناحية أخرى، علينا اعتماد لغات غير اللغة العربية، لا يمكن نبقى نكلم أنفسنا، بل يجب أن نتوجه للمجتمعات الأخرى وهي داعمة للحريات بشكل عام، وكذلك مشاركة نضالات الشعوب الأخرى المضطهدة حول العالم، وهذا مهم لجعل الناس يشعرون أنهم ليسوا فقط من سيكونون جزءًا من نضال الشعب الفلسطيني، بل الشعب الفلسطيني سيكون أيضا جزءًا من نضالات الشعوب الأخرى.
ويؤكد نواجعة على أن "لا نضيع وقتنا في الرد على الصهاينة، إذ قد نقع بالتطبيع، ولكن من المهم أن نتواصل مع الجمهور الغربي، خاصةً عندما يكون هناك أحد مشهور واقع في فخ دعم الاحتلال، يجب أن يكون هناك ضغط مباشر من قبلنا وإقناع ومطالبة بأن يعلم الحقائق أكثر."