فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد أسابيع من زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، هادي عمرو للمنطقة، كشفت تقارير عن وثيقة تفاهم فلسطينية أمريكية تهدف إلى إعادة قوة السلطة الفلسطينية وترمم ما لحق بها، خاصة بعد معركة "سيف القدس" التي حققت شعبية كبيرة لقوى المقاومة، والاحتجاجات التي اندلعت بعد اغتيال المناضل نزار بنات، و"الغضب" الشعبي من "تدني مستوى الخدمات المعيشية وسوء الإدارة".
وفي الوقت ذاته، وصل رئيس المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز إلى فلسطين المحتلة، يوم الثلاثاء 10 أغسطس 2021، ليبحث ملفات عديدة منها سبل دعم السلطة مع الحكومة الفلسطينية في رام الله، والحكومة الائتلافية الجديدة في "إسرائيل"، وبحسب مسؤول فلسطيني لصحيفة "جروساليم بوست" فإن "زيارة بيرنز تظهر أن إدارة بايدن جادة في إعادة علاقات واشنطن مع الفلسطينيين وتعزيز القيادة الفلسطينية في عهد الرئيس محمود عباس".
إدارة بايدن: تصافحٌ مع الفلسطينيين، والمصلحة "إسرائيلية"
في حديثه لـ "شبكة قدس" يرى الكاتب والمحلل السياسي، حسن عبدو، أن الإدارة الأمريكية ترى أنه لضمان ضمان بقاء “إسرائيل” دولة يهودية ديمقراطية، وأنه لا بد من قيام حل الدولتين، هو ما يدفع الولايات المتحدة لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، باعتبارها أنها نواة لكينونة فلسطينية، ومهمة لمستقبل إسرائيل، وبايدن أكثر من مرة عندما كان يطرح أكثر من مرة منطلق حل الدولتين، كان يطرحه من منطلق المصلحة الإسرائيلية، وليست الفلسطينية.
ويوضح عبدو قائلًا: “لا شك أن انهيار السلطة الفلسطينية، سيترك فراغاً إما أن يتحول الأمر إلى فوضى أو سيبرز القوى المقاومة للاحتلال كحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، ولا شك أن الإدارة الامريكية لا تريد أن ترى مثل هذا الفراغ كونه مهدد للأمن الإسرائيلي.”
وينوّه عبدو إلى أن رئيس المخابرات الأمريكي وليام بيرنز هو دبلوماسي مخضرم وقد استلم ملف القضية الفلسطينية سابقًا، وهو من داعمي رؤية تدعيم السلطة الفلسطينية، ويحمل رؤية بايدن وطريقه وجهده الدبلوماسي.
وبينما اتخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سلسلة إجراءات ضد السلطة الفلسطينية والفلسطينيين خلال فترة رئاسته، يشير المختص في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة إلى سياسات إدارة بايدن والمتمثلة في التراجع عن كثير مما قام به سلفه ترامب، منها إعادة المساعدات للسلطة الفلسطينية والتي قطعها ترامب خلال ولايته، ويضيف المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أن أمريكا وتسعى لخلق حالة من الهدوء في الأراضي الفلسطينية، وتدفع “إسرائيل” للنظر إلى الملفات الساخنة دولية مثل الاتفاق النووي وإيران.
الرؤية "الإسرائيلية" لدعم السلطة
حول دوافع الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة في تقوية السلطة الفلسطينية ودعمها، يقول جعارة في حديثه مع “شبكة قدس” إن “إسرائيل لا تستطيع أن تدفع آلاف الجنود للسيطرة على الضفة الغربية وحكمها عسكريًا، أي إعادة احتلال الضفة، بل تريد تعزيز مؤسسة تقوم نيابة عنها، وهذا ما يريده الاحتلال، بأن تروض المفاوض الفلسطيني في رام الله أكثر مما هو عليه”
ويرى جعارة أن الحكومة الائتلافية الجديدة في”إسرائيل” ستسعى إلى التعاون مع السلطة الفلسطينية، “لعدم تكرار تجربة رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو في السنوات الأخيرة من معاداة السلطة الفلسطينية، التي تتعاون خاصة في الأمور الأمنية مع الاحتلال، وما أنتجه ذلك إلى نقده إعلاميًا في الإعلام العبري.”
من جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن أمريكا و”إسرائيل” دائمًا معنيتان بوجود سلطة قوية نسبيًا، سلطة قوية تستطيع القيام بدورها الوظيفي الذي اشترط وجودها واستمرارها به وهو الدور الأمني، إلى جانب منع حصول فراغ سياسي واجتماعي واقتصادي في الضفة الغربية يصعب السيطرة عليها من طرف الإسرائيليين.
ويقول عرابي: إنه لا يوجد أحد معني في الإقليم و”إسرائيل” والإدارة الجديدة للولايات المتحدة برئاسة بايدن بحصول فوضى أو إشكالات في ساحة الضفة الغربية، وبالتالي تقوية السلطة الفلسطينية لهذه الأهداف أمر مفهوم سياسيًا، وفي سياق وظيفة السلطة المعروفة، ولا سيما أن الولايات المتحدة عندها أولويات أخرى مثل مواجهة الصين وما شابه، وبالتالي هي تقوية لتخدير الحالة الفلسطينية وليس لتحقيق إنجاز للفلسطينيين.
وفي قراءة للمواقف الأمريكية والإسرائيلية الحالية بخصوص السلطة الفلسطينية، يشير المحلل السياسي إلى أنه قد يكون هناك ربما نظرة من الإدارة الأمريكية "لمعالجة مستقبل السلطة الفلسطينية، بعد مرحلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خاصة وأنه قد كبر بالسن، ولذلك لا شك أن مسألة مستقبل السلطة الفلسطينية ستكون مطروحة على أروقة الجهات المعنية في القضية الفلسطينية، وبالتالي قد يكون هذا جزء من التفاهمات لما بعد مرحلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. "
ماذا ستستفيد السلطة؟
على الرغم مما أنتجته معركة سيق القدس من إحراج للسلطة الفلسطينية ودورها، إلا أنها كانت ترى فيها فرصة لإثبات أهميتها للفاعلين الإقليميين والدوليين، وبحسب عرابي، في وقت لا تمتلك فيه السلطة منجزًا اجتماعيًا سواء على المستوى الاقتصادي أو القانوني، ولا تحوز بشرعية انتخابية، ويتزامن ذلك مع احتجاجات واعتراضات شعبية واسعة على سياساتها سواء الأمنية والاقتصادية والسياسية، فالسبيل الوحيد لتقوية السلطة الفلسطينية واستمرارها هو الدعم الخارجي.
ويستطرد عرابي: بالتالي تحرص السلطة على استمرار هذا الدعم، ولا سيما أنها تدرك أنها لن تتحول إلى دولة، ولذلك هي ترى أن من المصلحة استمرارها على ما هي عليه، لكن استمرارها لما هي عليه متعثر بدون هذا الدعم.