فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: منذ مايو/آيار الماضي، تنفذ قوات الاحتلال حملات اعتقال مستمرة بحق شبان ونساء وأطفال وقادة رأي من مدن وقرى الداخل الفلسطيني المحتل 48، والتي طالت أكثر من 2000 فلسطيني، وتركزت أشرس الحملات في مدينتي اللد وعكا المحتلتين.
وفاق إجمالي عدد المعتقلين في كلا المدينتين حاجز الـ500، بقي منهم 40 شابًا بين قضبان السجون الإسرائيلية في اللد، فيما لا يزال 26 شابًا عكاويًا رهن الاعتقال، بالإضافة إلى 3 شبان في الحبس المنزلي.
اعتقلت قوات الاحتلال 253 شابًا من اللد منذ اندلاع أحداث هبة الكرامة المتزامنة مع العدوان الإسرائيلي على غزة والقدس خلال مايو/آيار الماضي، بقي 40 شابًا منهم في السجون الإسرائيلية.
ويقول المحامي المتابع لملفات قضايا المعتقلين في اللد تيسير شعبان، إن 40 شابًا يقعبون الآن في السجون الإسرائيلية بينهم قاصران، ومنهم شاب رهن الاعتقال الإداريّ، فيما لا يزال أحد المعتقلين في زنازين تحقيق المخابرات حتى الآن.
ويضيف شعبان أن لوائح الاتهام بحق المعتقلين تدرجت ما بين لوائح الاتهام الخطيرة المتمثلة بالقتل أو الشروع به، حتى الأقل خطورة المتمثلة بإلقاء الحجارة والتحريض.
ويقول المحامي شعبان إن لوائح الاتهام مقسمة مجموعات وكل مجموعة تضم عددا من المعتقلين وهناك لوائح اتهام لمعتقل وحيد (فردية).
ويضيف شعبان أن لائحة اتهام وجهت لـ8 شبان بزعم إلقاء الحجارة على مركبة إسرائيلي والتسبب بموته، وتعتبر هذه اللائحة أخطر لوائح الاتهام.
ويتابع شعبان أن لوائح اتهام أخرى وُجهت لـ5 شبان بزعم حيازة سلاح وإلقاء زجاجات حارقة وإطلاق نار للاعتداء على مستوطنين على خلفية قومية، مضيفًا أن اللائحة الثالثة من لوائح الاتهام موجهة نحو 8 شبان حول التخطيط وتنفيذ وتصنيع وإلقاء جماعي لزجاجات حارقة لقتل مستوطنين أي شروع بالقتل حسب الوصف القانوني، منهم قاصر تم إطلاق سراحه.
في حين يُشير شعبان إلى أن الملف الرابع لـ5 شبان -بينهم قاصر أطلق سراحه- بتهمة حرق محطة شرطة وحرق علم “إسرائيل” وإغلاق شارع والتهجم على شرطة الاحتلال، فيما هناك ملف لقاصر بتهمة طعن مستوطن وإصابته إصابة بالغة على خلفية قومية.
ويؤكد شعبان أن بعض المعتقلين متهمون بحيازة قنابل صوت ودخان، في حين أن شابًا متهمًا بإلقاء زجاجة حارقة بملف منفصل، وصولًا لتهمة التحريض التي وُجهت للشيخ يوسف الباز، بالإضافة إلى باقي لوائح الاتهام التي تمثلت بإلقاء الحجارة.
ويلفت شعبان إلى أن الاعتقالات لم تتوقف حتى الآن في اللد، فحتى لحظة إعداد التقرير هناك شاب تلاحقه شرطة الاحتلال.
شبان عكا في السجون
ويقول المحامي محمد الحج إنه حتى الآن يقبع 26 شابًا من عكا في السجون على خلفية الهبة الأخيرة بالإضافة لـ 3 شبان يقبعون في الحبس المنزلي بعد أن تم الإفراج عنهم بشروط مقيدة.
ويضيف الحج، أن 23 شابًا معتقلًا من عكا وجهت لهم النيابة الإسرائيلية لوائح اتهام، في حين بقي 6 شبان بينهم قاصران من المتوقع أن يتم توجيه لوائح اتهام بحقهم خلال الأيام القادمة.
ويلفت المحامي محمد الحج إلى أن لوائح الاتهام متنوعة ما بين البسيطة التي تتمثل بإلقاء الحجارة، إلى الاتهام بالقتل، مشيرًا إلى أن أصعب لوائح الاتهام وُجهت لشابين من عكا تتمثل باتهامهم بالقتل.
ويُشير إلى أن لوائح الاتهام التي تُصنف صعبة أيضًا هي إشعال الحريق وإطلاق النار سواء على محلاتٍ تجارية أو على شرطة الاحتلال.
ويتوقع المحامي محمد الحج استمرار الاعتقالات خاصة في عكا القديمة، ويقول إن أحداثًا كثيرة وقعت في عكا خلال الأشهر الماضية، ومن المتوقع أن الاعتقالات توقفت في عكا الجديدة لأنه النيابة استطاعت توجيه لوائح اتهام في حادثة القتل هناك.
وبحسب تقديرات الحج فإن الاعتقالات في عكا القديمة ستستمر، ويقول إن شرطة الاحتلال تدعي أن “إسرائيليًا” توفي بعد استنشاقه دخانا نتيجة الحريق الذي اندلع في فندق الأفندي وتسبب بوفاته، ولم تستطع النيابة الإسرائيلية توجيه لوائح اتهام في هذه الحادثة حتى الآن لذلك فالاعتقالات غالبًا ستبقى مستمرة.
ويلفت إلى أن موجة الاعتقالات هادئة ووتيرتها منخفضة بعكس الأيام الأولى للأحداث لكن الحج وصفها بـ “الخبيثة” فيقول: “الاعتقالات ليست عشوائية الآن وإنما يقومون بانتقاء من يريدون اعتقاله”.
وحسب تقديرات مصادر محلية، فإن عدد المعتقلين من المدينة منذ مايو/آيار تجاوز 250 فلسطينيًا واجه الكثير منهم تعذيبًا قاسيًا في تحقيق الشابات.
ويتابع الحج أن 80% ممن وجهت لهم لوائح اتهام تم اعتقالهم من قبل الشاباك.
ويُشير الحج إلى أن إمكانية الإفراج عن المعتقلين صعبة إلا في حال الإفراج بشروط مقيدة والتحويل للحبس المنزلي، في حين أن ملفات المعتقلين تحتاج لعدة أشهر من التداول في المحاكم حتى يتم البت فيها أخيرًا، ويقول: “نحن نتكلم عن لوائح اتهام مختلفة.. كل لائحة لديها ما بين 60 حتى 200 شاهد في الملف”.
شهادت مرعبة
وتم رصد شهادات مرعبة من معتقلين خرجوا مؤخرًا من السجون الإسرائيلية أو شهادت لأهالي المعتقلين حول اعتقالهم والتنكيل بهم وبعائلاتهم.
ويقول المعتقل (أ، ح) من عكا الذي أُفرج عنه مؤخرًا إن الاحتلال الإسرائيلي تعمد ممارسة أساليب تعذيب نفسية وجسدية مرهقة بحقه، ويروي جانبًا مما قاساه داخل غرف التحقيق والعزل الانفرادي.
ويقول إن إدارة المعتقل كانت تتعمد مراقبته أثناء النوم، لمنعه من النوم لمدة ثواني أو دقائق فعندما يحاول النوم يتم ركله أو ركل بوابة الزنزانة حتى يستيقظ.
ويضيف أن أحد أنواع التعذيب التي مورست بحقه هي تشغيل المكيّف على درجة حرارة منخفضة جدًا، دون إحضار أي قطعة للاحتماء بها من البرد، ويصفها قائلًا “كأني في ثلاجة واسعة جدًا ولا غطاء أحتمي به”.
ويضيف الشاب أن قوات الاحتلال استخدمت أثناء التحقيق أسلوب الاستفزاز معه، إذ أحضر المحقق الطعام والسجائر في محاولة لإغرائه وعليه إما الاعتراف والحصول على الطعام والتدخين أو حرمانه من الطعام.
ويتابع أن أحد المحققين قام بالتدخين أمامه ونفث الدخان في وجهه كخطوة استفزازية لإثارة غضبه.
ويروي الشاب أن المحققين تعمدوا التلفظ بألفاظ نابية والشتائم بحقه، وتهديده بإحضار أمه والتحقيق معها أمامه داخل الزنزانة.
في حين يقول الشاب (ع،ز) إن المحقق قام بتهديده بقطع التأمين الوطني عن والدته، ويضيف، “أمي تعتاش من التأمين الوطني، هددوني بقطعه عنها، وقالوا لي سنرى كيف ستستطيع مساعدتها وأنت داخل الزنزانة”.
في حين تروي نجود سويدان والدة المعتقل المصاب مصطفى المصري من عكا عن حالة ابنها الصعبة في الأسر وتقول “في 13/5 تصاوب مصطفى وتم نقله للمستشفى، ولم يسمحوا لي برؤيته، واستطاع المحامي أخذ إذن لأرى ابني في غرفة العلاج المكثف بعد أكثر من 3 أيام.. لكنه كان نائمًا فلم أستطع الحديث معه”.
وتتابع نجود: “أجروا له العملية دون علمنا في البداية.. وأزالوا كليته، وعندما رأيته للمرة الأولى كان مقيدًا في السرير”، مضيفةً أنه بعد أسبوع من جلوسه في غرفة العلاج المكثف أخرجوه للغرفة ولكن لم يخبروا والدته أنه خرج واستيقظ، ولم يقبلوا أن تراه.
وتقول إن مصطفى ظلّ في المستشفى قرابة 20 يومًا، وقبل خروجه بيوم كان يشعر بالتعب لكنّ قوات الاحتلال حولته لتحقيق المخابرات.
وتلفت سويدان أن قوات الاحتلال قامت بتقييد مصطفى أثناء التحقيق في كرسي لمدة 3 أيام ولم يتكلم معه أحد.
في حين يروي الشاب غازي شعبان من اللد عن عملية اعتقاله ليلة عيد الفطر الماضي، ويقول، “سمعتُ وأمي أصوات ضرب عنيف على باب المنزل، وما إن تساءلتُ عن سبب الضرب حتى وجدت مجموعة من القوات الإسرائيلية تكسر الباب وتقتحم المنزل”.
ويتابع شعبان أنه كان على وشك النوم حين اقتحم المنزل عشرات الجنود، وسحبوه من سريره، ثم أخرجوا أفراد العائلة، وانهال عليه أربعة عناصر بالضرب فيما تولى أحدهم مهمة صفعه على وجهه حتى فقد الوعي.
ويضيف في حديثه: “ما ظهر في الفيديو هو فقط آخر مرحلة من الضرب، فبعد ضربي في غرفتي، أخرجوني سحلًا من المنزل، واستطاع ابن عمي الصغير تصوير آخر لحظات الضرب لي بالمنزل”.
ويقول غازي شعبان إن القوات اقتادته من المنزل إلى سيارة الشرطة حافيًا، بعد أن مشى مسافة 700 في الشارع قبل الوصول إلى السيارة، وغطوا رأسه بـ “كيس أسود”.
ويُكمل غازي روايته عن الاعتقال في محطة الشرطة، فيقول، إنه عندما وصل إلى محطة الشرطة، احتجزوه في غرفة مظلمة من الساعة الثامنة مساءُ حتى الثالثة فجرًا، مع الاعتداء عليه وضربه خلال هذه الفترة ما قبل التحقيق.
فيما يقول إياد خاسكية والد المعتقل خليل خاسكية من عكا إن قوات الاحتلال منعته من الحديث مع ابنه في المحكمة وقاموا بتهديده بإخراجه من الجلسة إن تحدث معه.
ويتابع: “لم نعلم من اعتقل خليل.. إن كانت شرطة أو قوات خاصة، فقد اقتحموا المنزل وهم ملثمون دون أن نرى وجوههم فلم نعلم هويتهم”.
ويضيف أنه لم يعلم أي معلومة عن نجله خليل لمدة شهر كامل بعد اعتقاله، وحتى المحامي لم يستطع معرفة موقعه أو معلومات عنه.
وحول الإجابة عن سؤاله “أين خليل”، يقول والده: “في كل مرة أسأل فيها عن ابني، يُجيبون في مراكز الشرطة أنه في تحقيق الشاباك ولا شيء غير ذلك”.
فيما تقول أميرة الحلواني والدة المعتقل محمد حلواني من عكا إن ابنها بكى عندما تحدث مع محاميه، وقال له بصوتٍ مخنوق، “طلعنّي من هون بعذبوني طلعني من هون”.
وتتابع أميرة أن ابنها لم يُبّدل ملابسه منذ اعتقاله قبل أكثر من شهرين، نتيجة منع الزيارات.
وتقول أميرة حلواني: “عندما رأيته لأول مرة في جلسة المحكمة كان مصدومًا ولم يستوعب ماذا يحصل معه”.
المصدر: الجرمق الإخباري