قطاع غزة –خاص قُدس الإخبارية: نتائج الثانوية العامة موسم للفرح في قطاع غزة، فرغم كل المآسي التي يعيشها القطاع في ظل الحصار والانقسام وجائحة كورونا، والعدوان الإسرائيلي المتواصل، إلا أن نتائج الثانوية العامة جعلت من غزة مدينة تملؤها الحياة والفرح.
بيوت الناجحين تزينت بالألوان ورائحة الحلوى تفوح من شوارع المدينة، والابتسامة على وجه الجميع، رغم وجود غصة في قلوب البعض، فمنهم من خسر عزيزاً أو بيتاً في العدوان الأخير، ومنهم من يفتقد أسيراً في سجون الاحتلال.
حقق أبناء الأسرى نجاحاً مميزاً في الثانوية العامة هذا العام، رغم غياب الأب، في رسالة للاحتلال أنه باعتقال الأب لن تنثني عزيمة أبنائهم، بل سيواصلون طريق العمل حتى النجاح.
في بيت الأسير رمزي محمد عابد عمت أجواء الفرحة والسرور بنجاح نجله الأكبر محمد في الثانوية العامة، وحصوله على معدل 97.6%، في الفرع الصناعي قسم تطبيقات الهاتف المحمول.
ويقول محمد لـ"شبكة قدس": إن غياب والدي ترك أثراً كبيراً، ولكني كنت مُصراً على أن أرفع رأسه عالياً، وأن أحقق نجاحاً يجعل من والدي فخوراً بي"، مشيراً إلى أن والدته خلال فترة الثانوية العامة لعبت كل الأدوار التي تساعده في التركيز والتفوق فكانت الأم والأب والصديق والمعلم.
ويضيف محمد: "والدي كان بين الفنية والأخرى يتصل بي من سجنه، وكانت هذه الاتصالات ترفع معنوياتي لعنان السماء، ورغم لحظات الألم حينما استذكر والدي وما أعرفه من معاناة الأسرى، إلا أنني سعيد اليوم بما حققته".
بابتسامة يتابع محمد: "اليوم بعد أن صدرت النتيجة تفاجأت بهاتف والدتي يرن وكان والدي، وهنا بشرته والدتي بتفوقي وهي تبكي من الفرح، وبعدها تحدثت معه وهنأني وهنأته وسمعت ضحكاته وتهاني الأسرى له".
ويوضح محمد أنه رغم بعد والده عنه، وجائحة كورونا، والعدوان الأخير على قطاع غزة، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمته، وكان يشعر أنه بنجاحه يتحدى إرادة الاحتلال بتغييب والده وتجهيل شعبه، وقتل الأمل فيه وفي قلوب الشباب.
وأهدى محمد نجاحه لوالده ولكل أسرى الحرية، مؤكداً أنه سيتجه لدراسة هندسة تكنولوجيا المعلومات، وهو تخصص قريب من تخصص والده، حتى يسير على ذات دربه.
كنا بأمس الحاجة للفرح
أما أم محمد، التي قالت لـ"شبكة قدس"، إنها كانت وكل أفراد أسرتها بحاجة لفرحة كبيرة وتحققت بتفوق نجلها محمد"، معبرة عن سعادتها الغامرة أن يتوافق موعد اتصال زوجها الأسير في ذات اليوم الذي صدرت فيه نتائج الثانوية العامة.
وتوضح أم محمد أن زوجها المهندس رمزي محمد عابد معتقل لدى الاحتلال منذ عام 2017، حيث تم اعتقاله على حاجز بيت حانون "إيرز"، بينما كان في طريقه لحضور مؤتمر علمي في الخارج، وحكم عليه الاحتلال بالسجن لمدة 5 سنوات.
وتقول أم محمد إن زوجها كان محروما من الزيارات تماماً لأنه مصنف لدى الاحتلال من أسرى حركة حماس، "فلم نستطع رؤيته أبداً منذ الاعتقال، كما أنه كان محروما وكنا محرومين أيضا من الاتصالات بسبب وضعه في العزل الانفرادي في أول عامين من الاعتقال".
وتضيف: "لكن بعد أن تم إخراجه من العزل، كان دوماً يتعمد رفع معنوياتنا جميعاً خاصة محمد خلال الثانوية العامة، واليوم بعد أن أعلنت النتائج وأبلغناه بتفوق محمد؛ انتقلت أجواء الفرح من البيت إلى السجن".
وتتابع أم محمد أن نجلها كان على قدر المسؤولية وكان رجل البيت في غياب والده، ومستشعرا لعظم المسؤولية التي عليه، متمنية أن يفرج عن زوجها قريبا وأن يشاركهم فرحة أبنائه محمد وإسراء وميس وأحمد في كل محطات حياتهم.
محامية تدافع عن المظلومين
وإلى بيت الأسير جمعة إبراهيم عزام في شمال قطاع غزة، الذي نجحت ابنته إيمان في الثانوية العامة بحصولها على معدل 72%، والتي كانت سعيدة للغاية خاصة أنها تلقت اتصالاً من والدها اليوم هنأها فيه بنجاحها.
وتقول إيمان لـ"شبكة قدس": "إن غياب والدي أثر بشكل كبير على حياتي، حيث اعتقل عام 2006، وكان عمري آنذاك فقط عامين، وأتمنى دوماً أن يكون والدي موجوداً بجواري ليشاركني فرحتي والذكريات الجميلة في حياتي كباقي صديقاتي اللاتي اسمع منهن أن الحياة بوجود الأب لها رونق وجمال خاص".
وتضيف إيمان أن والدها الذي يقبع حالياً في سجن النقب فرح كثيراً بنجاحها وتحولت زنزانته إلى مكان للفرح والبهجة بمجرد أن أخبر زملاؤه بخبر نجاح ابنته، متمنية أن تنقضي الـ20 عاماً التي حكم بها والدها سريعاً أو أن تشمله صفقة لتبادل الأسرى عما قريب.
وتقول إيمان إنها ستدرس الحقوق لتدافع عن المظلومين، وذلك استشعاراً منها بالمسؤولية خاصة بعد أن اعتقل والدها والظلم الكبير الذي وقع عليه.