نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية مقالة للكاتب والمحلل السياسي في الشؤون الفلسطينية للصحيفة "جدعون ليفي" تناول فيها الاعتداء الذي تعرض له الشاب محمد العملة من مدينة الخليل الشهر الماضي على يد جنود الاحتلال وكلابهم البوليسية والذي أسفر عن إصابته بجراح مختلفة في معظم انحاء جسمه نتيجة تعرضه لعدة عضات من قبل تلك الكلاب المدربة على القتل أثناء محاولته التسلل للداخل المحتل بحثا عن عمل.
وضرب "ليفي" في مقالته مثالا على هذه الوحشية التي يتصف بها جنود الاحتلال الممارسات المشابهة الي كان الجيش النازي والاتحاد السوفيتي ينتهجها في قمع المواطنين الذين كانوا يحاولون التسلل عبر الحدود ويستخدمون نفس الكلاب التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته على المتظاهرين أو المتسللين الفلسطينيين وهي من نوع "الراعي الألماني".
ويضيف "ليفي" أنه زار الشاب العملة في منزله في قرية بيت أولا في الخليل حيث يقول "لقيت الشاب محمد العملة وكان ظهره وعنقه مُجرحين على طولهما بعضات كلب الجيش الاسرائيلي وهو من نوع الراعي الالماني بالطبع، إن العملة هو عامل مُعسر وأب لبنتين يعمل منذ 12 سنة في اسرائيل، حيث كان يملك مالا يرشو مقاوله الاسرائيلي بمال كثير (ألفي شيكل كل شهر) كي يحصل له على تصريح عمل في اسرائيل؛ واليوم احتاجت ابنته الصماء الى عملية جراحية في أذنيها ونفد ماله تسلل للعمل في إسرائيل بلا تصريح وكانت النتيجة علاجا له في مستشفى مع جراح عميقة في ظهره وعنقه".
ويوضح ليفي في مقالته "كمن له جنود الجيش الاسرائيلي الملثمون ولصديقيه قبل نحو من شهر في المساء بالقرب من منفذ في جدار الفصل، وحينما اقتربوا منه وقبل ان ينجحوا في اجتيازه أغروا كلابهم بهم، وبعد أن كان يُخيل الينا ان الجيش الاسرائيلي كف عن إغراء الكلاب بـ"الماكثين غير القانونيين"، عادوا في الآونة الاخيرة الى هذا الاشتغال الفظيع وهو إغراء الكلاب بأناس غير مسلحين، لأنه يجب ان يوجد عمل لوحدة "هعوكتس" العظيمة حتى في فترات الهدوء النسبي".
ويضيف ليفي "لا يمكن ان نتجاهل الإحالة التاريخية؛ ولا يمكن ان تبقى غير مكترث بهذا التداعي الحتمي، إن استعمال النار الحية أكثر فتكا، لكن إغراء الكلاب بالبشر أشد قسوة، وكان يجب أن يثير التفكير في جنود إسرائيليين يُغرون الكلاب أكثر من كلمة زعزعة وخجل، لكن الامر ليس كذلك حتى حينما تكون الاحالة صارخة الى السماء".
ويتابع "لقد تخلى متحدث الجيش الاسرائيلي الذي كان يُجهد نفسه ذات مرة في الحفاظ على السمعة الطيبة لـ"أكثر الجيوش أخلاقية في العالم"، تخلى كما يبدو ايضا عن هذا، فقد اكتفى رده الصلف وغير المكترث على وصف ليل الكلاب ذاك بثلاث كلمات سخيفة جدا وهي: "الموضوع تحت الفحص".
ويقول ليفي "إلى أن ينتهي "الفحص" الذي لا ينتهي على نحو عام أبدا، يجب أن نسأل أنفسنا بصدق: هل نريد هذا حقا؟ لأنه لو انتهى تسلل مواطن اسرائيلي الى أراضي السلطة الفلسطينية الى إغراء الكلاب به وعلاجه في المستشفى كما حدث للعامل "العملة" لضجت البلاد وربما العالم ايضا، وكانت آلة التاريخ ستُجند بكامل قوتها إزاء صورة الجندي الفلسطيني الذي يغري كلبا بيهودي، وليحفظنا الله".
ويختم ليفي مقالته بالقول : إن العملة يتعافى في هذه الاثناء في بيته من جراحه لكنه غير قادر على العمل الى الآ،. ويقول ايضا إنه لن يعاود التسلل الى اسرائيل كما اعتاد ان يفعل كل ليلة آلاف طالبي العمل الفلسطينيين بسبب ما أصابه من خوف الكلاب، حينما أطبق الكلب فكيه على عنقه اعتقد عملة أنه يوشك أن يموت".
ويوضح ليفي "هذا في ظاهر الامر انجاز كبير آخر لإسرائيل لأن "العملة" لن يعود الى ترميم بيوتها على نحو غير قانوني، لكنني من غرفتي في الفندق في براغ وهي المدينة التي وجدت فيها إسمي جدتي وجدي اللذين قُتلا منقوشين في لوح حجري، والمدينة التي تُدوي فيها من كل ركن ذكريات الاحتلال النازي والاحتلال السوفييتي و"ربيع براغ" – يقلقني ويثير كآبتي جدا التفكير في جنود اسرائيليين أغروا كلابهم بعملة ويصبح لذلك معنى آخر.