قطاع غزة - قُدس الإخبارية: قبيل أيام من عيد الأضحى المبارك، يقصد البعض من أهالي قطاع غزة "سوق الحلال"، وهو سوق مخصص لبيع الماشية بأنواعها، لشراء الأضاحي استعداداً لعيد الأضحى المبارك، وهي إحدى قنوات دخول البهجة على الأسر الفلسطينية، خاصة وأن عيد الفطر الماضي لم يتسن للغزيين الفرح فيه بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير إضافة للأوضاع الاقتصادية الصعبة.
إلى جانب "سوق الحلال"، قد يقصد الغزيون تجار المواشي أو الأسواق الصغيرة، ولكن الكل يجمع أن الإقبال على هذه الأسواق تضاءل مقارنة بالأعوام السابقة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع والتي نتجت عن الحصار الإسرائيلي، واعتداءاته المتكررة، وتداعيات الانقسام.
وحتى من يقدرون على شراء الأضاحي، يواجهون إشكالات تبدأ بعد شراء الأضحية، منها انقطاع الكهرباء لساعات طويلة تصل أحيانا إلى 16 ساعة خلال اليوم، ففي غزة منذ قصف الاحتلال لمحطة توليد الكهرباء لا ينعم الغزيون بالكهرباء إلا من خلال جدول الثمان ساعات وصل ومثلها فصل، وهذا في أحسن الأحوال، لذا يترتب على أصحاب الأضاحي إما توفير خط كهرباء غير الخط الرسمي، أو شراء المجمدات لحفظ اللحوم.
إقبال ضعيف رغم الوفرة
التاجر طلعت عبد الباسط البيوك يقول لـ شبكة قدس: "الإقبال ضعيف بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، والوضع السياسي العام، والإقبال هذا العام أقل مقارنة بالأعوام السابقة، بسبب الحرب الأخيرة وإغلاق المعابر وعدم توفر رواتب كاملة للموظفين".
ويضيف البيوك: "هناك رغبة لدى الأهالي بشراء الأضاحي ولكن الإمكانيات المادية قليلة، وكثيرون يأتون ليسألوا عن الأسعار، ويبدون اهتمامهم بأسعار أقل".
وحول أنواع العجول المتوفرة في غزة يقول التاجر البيوك: "كل أنواع العجول متوفرة بما في ذلك الهولندي، سيمنتال، شراري، بلجيكي، وأيضا الأغنام البلدي والعساف وغيرها، ولكن أكرر أن الوضع الاقتصادي السيء، هو العائق أمام الناس في شراء الأضاحي".
ويضيف: "استخدمت نظام التقسيط مسبقا بخصوص الأضاحي، وجدت أنه يسبب الكثير من المشاكل مع سوء الأوضاع الاقتصادية، وقمت بإيقاف نظام التقسيط هذا العام"، موضحاً أن أسعار الأضاحي مقبولة فالعجل الشراري يبلغ ثمن الكيلوغرام منه 18 شاقلاً، أما الهولندي فيبلغ 16 شاقلا، والخراف من 5 إلى 6 دنانير للكيلوغرام الواحد.
ويستدرك البيوك قائلا: "على الرغم من ضعف إقبال الأهالي لأنهم يعتبرونها غالية مقارنة مع دخلهم، إلا أن المؤسسات والجمعيات الخيرية نشطت مؤخراً فحسنت نسبة شراء الأضاحي من أجل توزيعها على الفقراء والمحتاجين".
أمل برسم بسمة
بدوره؛ يقول أحد الزائرين لسوق الحلال: "لا يمكنني شراء أضحية نقداً، بسبب الأسعار المرتفعة بالنسبة لدخلي، ولكن قد أستطيع إقناع أحد التجار ببيعي بنظام التقسيط، مع خشيتي أن أخلف معه بسبب أن رواتبنا غير مستقرة".
ويضيف لـ شبكة قدس: "التجار يتحججون بصعوبة دخول المواشي للقطاع، وارتفاع أسعارها من بلدانها، وارتفاع أسعار العلف، وبالتالي يقومون برفع الأسعار، وأنا كل ما أتمناه ألا أحرم من هذه السنة التي تدخل السرور إلى قلبي وقلوب أسرتي والفقراء من حولي".
أما علاء محمد فيقول إنه اعتاد على التضحية كل عام، ولكن في هذا العام "رغم نيتي المسبقة بأن أضحي كسائر الأعوام السابقة، إلا أن تداعيات العدوان الأخير حالت دون ذلك"، موضحاً أنه اضطر لإعادة ترتيب أولوياته بسبب الحرب الأخيرة.
أما غازي سليمان فرتب أولوياته ولم يخرج الأضحية من ضمن الأولويات، رغم صعوبة ما مر به حتى يبقيها، ويؤكد لــشبكة قدس أن كثيراً من الأسر الفقيرة التي اعتاد أن يقاسمها أضحيته تواصلوا معه وهنأوه بالعيد قبل حلوله، وأنهم ينتظرون حصتهم ككل عام، وبالتالي كان ذلك دافعاً له أن يبقي الأضحية على رأس أولوياته، وذلك جبرا لخواطر الفقراء.
جهود ومتابعة
مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة بغزة حسن عزام يقول: "يتوفر 27 ألف رأس عجل، و18 ألف رأس غنم في قطاع غزة وهي كمية كافية للموسم الحالي"، مشيراً إلى وجود إقبال كبير على الأضاحي هذا العام خاصة من قبل الجمعيات الخيرية.
ويضيف عزام لــ شبكة قدس: "رغم قرب العيد إلا أن الاستيراد ما ما زال مستمر سواء عن طريق مصر أو فلسطين المحتلة 48"، موضحاً أن فتح باب الاستيراد من جمهورية مصر أوجد تنافساً كبيراً في النوعيات والأسعار، وكان هذا التنافس لصالح الأهالي.
وبين عزام أن الأسعار لا تختلف كثيرا عن السنوات الماضية، ولكن في الأيام القليلة التي تسبق العيد يرفع بعض التجار السعر لوجود إقبال كبير خاصة من الجمعيات الخيرية التي تشتري كميات كبيرة بهدف توزيع الأضاحي على الفقراء، داعيا التجار إلى التحلي بالأخلاق الوطنية والإنسانية وعدم رفع الأسعار أو الاستغلال.
وقال: "إن الطواقم المختصة في الوزارة اتخذت الترتيبات اللازمة منذ فترة حتى يكون هذا الموسم ناجحاً حيث تمت زيادة عدد المسالخ المبردة والمرخصة وفق المواصفات المطلوبة".
من جانبه، طمأن المتحدث باسم وزارة الزراعة بغزة أدهم البسيوني، الأهالي أن الأضاحي متوفرة في قطاع غزة، واصفاً الكميات بالجيدة، قائلاً في بيان صحفي: "لم نواجه أي مشكلة في قضية توفير الأضاحي بمختلف أنواعها، أما بخصوص أسعارها نحن نسعى إلى ضبط الأسعار بحيث لا يكون هناك استغلال واحتكار من قبل التجار، ولا يوجد اختلاف كبير في أسعار الأضاحي عن العام الماضي.
ولفت البسيوني، إلى أنّه بعد انتهاء الموسم، ستصدر الوزارة بيانًا توضح فيه كيفية الإقبال على المواشي، وتقييم شامل لكل الأضاحي التي تم استهلاكها.