بعد تجمع عدد كبير من المواطنين والنشطاء على دوار المنارة، قرر الجمع التوجه إلى المقاطعة التي يقطع الطريق إليها عدد كبير من قوى الأمن المختلفة.
اتجهت إلى مكان تمركز الأمن، بانتظار وصول المسيرة الغاضبة على كل نهج السلطة وآخر فعل اغتيال نزار بنات أثناء اعتقاله، رأيت وجهاً أعرفها من مسيرات سابقة، دورها معروف وهذا ما كان مؤشراً أولياً على ما سيحدث.
رجال أمن بلباس مدني بدأوا بضرب المتظاهرين بأيديهم، قوارير مياه تتطاير، صراخ وشتائم من شتى الأنواع، باختصار لقد ضربوا المسيرة قبل أن تصل الأمن المعد مسبقاً للقيام بهذا الدور.
بدأ الكر والفر بين الأمن بلباس مدني والمتظاهرين، وحين تراجع الطرف الأول تدخل المدججون بالسلاح، قنابل الغاز أثقلت هواء المكان، وقنابل الصوت تداخلت مع شتائم مختلفة.
بدأ الضرب والسحل والاعتقال والغاز والملاحقة، وضرب الصحفيين والصحفيات ومصادرة هواتف البعض وهذا ما رأيته بعيني، بعد قليل بدأ البلطجية بالتقدم، وخلفهم الأمن يطلق الغاز لفتح المساحات أمامهم، حتى وصلنا المنارة وبدأ الغاز من كل حدب وصوب في المكان.
وقف الأمن وأشباه الأمن كأنهم يفرضون سيطرتهم على المكان، وبدأوا بالتوجه إلى دوار الساعة وشارع القدس وشارع ركب في ملاحقة للمتظاهرين والمتظاهرات.
رأيت صبايا ينزفن، شباب يسحلون، كبار سن فاغري الفم ما الذي يحدث هنا، رأيت والد شهيد احتجز جثمانه وطلبت منه الابتعاد، رأيت مركبة فيها أطفال طلبت من صاحبها إغلاق النوافذ وتشغيل المكيف في داخلها، رأساً مفتوحة، وصحفيين لطالما كانوا في الميدان على وجوههم الخيبة من الحال الذي يغطونه إعلاميا، ووجوه أتمنى لو كنت لا أعرفها أصلا من بين من اعتدوا على المسيرة يصرخون على الناس بالعمارات المحيطة "تصوروش ولا باجي باخد تلفونكم وبفضح عرضكم" وغيرها الكثير
كل هذا الحقد غير مبرر، وغير معقول ولا مقبول، والشعب أبقى دائماً
الشعب أبقى دائما.
الشعب ابقى دائما.
وهذه البلاد لشعبها الذي لم يستكن رغم سنوات طويلة من قمع الاحتلال وبطشه فينا جميعاً.