رام الله - خاص قدس الإخبارية: أثار قرار رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية تشكيل لجنة تحقيق في حادثة اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات تساؤلات عن جدوى اللجان التي شكلتها السلطة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية للتحقيق في قضايا الرأي العام.
ويتزامن قرار تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة اغتيال بنات مع لجنة مشابهة شكلتها الحكومة برئاسة اشتية للتحقيق في فضيحة لقاحات فايزر التي أبرمتها مع الشركة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي في نفس الوقت والتي أحدثت ضجة كبيرة ضد السلطة.
ومنذ عام 2005 شكلت السلطة الفلسطينية والحكومات المتعاقبة عدداً لا بأس به من اللجان للتحقيق في ملفات وقضايا أثارت الرأي العام وكانت مرتبطة إما بقضايا قتل أو فضائح فساد طالت ملفات عامة أو بعض المسؤولين.
في عام 2005 شكلت السلطة لجنة للتحقيق في تورط شخصيات مسيحية للتحقيق في تسريب عقارات في مدينة القدس المحتلة ولم يُعلن عن نتائجها أو يتم تقديم المتورطين للمحاكمة.
وتكرر ذات الأمر عام 2012 حين شكلت الحكومة حينها لجنة للتحقيق في واقعة وفاة حسن منصور داخل أحد السجون في مدينة رام الله، وتم تشكيل لجنة للتحقيق في الواقعة بناءً على طلب عائلته ولم يتم الكشف عن تفاصيل أو مخرجات هذه اللجنة.
وفي ذات العام اتخذت الحكومة قراراً بفتح تحقيق في واقعة اعتداء الأجهزة الأمنية بالضفة على فلسطينيين تظاهروا بمدينة رام الله، ولم يتم الكشف عن مخرجات التحقيق أو اتخاذ قرارات بحق المسؤولين عن الاعتداء أو محاسبتهم.
واتخذ الرئيس محمود عباس عام 2013 قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق في تفاصيل اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات وتقديم المتورطين للمحاكمة، ولم يتم الكشف عن مخرجات اللجنة بالرغم من التلميحات التي تحدث بها أبو مازن عن معرفته لقاتل عرفات.
وفي أعقاب اغتيال الأسير المحرر والمناضل عمر النايف داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا عام 2016، قررت السلطة تشكيل لجنة للتحقيق في الواقعة التي وصفت فلسطينياً بـ "السوداء"، ولم يتم الإفصاح عن مخرجات التحقيق وبقية هذه القضية طي الكتمان هي ونتائج التحقيق.
ولم يتوقف الأمر عند هذه اللجنة، إذ فتحت قضية مقتل الشابة نيفين العواودة عام 2017 التي هزت الرأي العام الباب لتشكيل لجنة تحقيق، أعلن في حينه عن نتائجها إلا أن النتائج كانت ممتلئة بالثغرات ما أثار حفيظة الفلسطينيين.
أما قضية مقتل الشاب رائد الغروف عام 2018 التي كانت في حينه قضية رأي عام، فتم تشكيل لجنة تحقيق في الواقعة لم تفضِ إلى حل الملف حتى تاريخه واتخذ قرار مؤخراً بالإفراج عن أحد الشبان الذين وجهت لهم الاتهامات وبقي 3 آخرين يحاكمون.
وشهد عام 2020 تشكيل 3 لجان للتحقيق في 3 قضايا مختلفة كانت الأولى في تورط مسؤولين وشخصيات فلسطينية في تسريب عقارات في القدس المحتلة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى لجنة للتحقيق في أحداث مقام النبي موسى ولجنة للتحقيق في إعطاء لقاحات كورونا للمسؤولين وذويهم قبل الجمهور الفلسطيني.
انتقادات
وانتقد أستاذ القانون والمختص في الشأن القانوني عصام عابدين كثرة لجان التحقيق عبر منشور كتبه في فيسبوك قائلاً: "كثرة لجان التحقيق تعني أن النيابة والقضاء في حالة موت سريري".
وأتبع قائلاً: "عندما نكون أمام اغتيال سياسي بهذا الحجم وبدم بارد فالمسؤولية تكون سياسية بامتياز وجنائية بامتياز؛ سياسية تستهدف المستوى السياسي (الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة محمد اشتية) وجنائية تستهدف كل مَن شارك من المستوى السياسي والأمني وفق قواعد الاشتراك الجرمي في جريمة "القتل العمد" المعاقب عليها بالإعدام (مادة 328 عقوبات) راجعوا القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) وقانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 يا عصابة القَتَلة".
أما الصحافي أيمن الجرجاوي فكتب:إذا لم يُحدِث اغتيال نزار بنات تغيّرًا إيجابيًا جذريًا على الساحة السياسية في الضفة الغربية ويقربنا من الحرية والكرامة التي أرادها أبو كفاح؛ فإن دمه ذهب هدرًا، للأسف، وهذه مسؤولية الجميع".
وأردف قائلاً: "من المثير للاستهجان أن رئيس الوزراء، المسؤول الأول عن الأمن بصفته وزير الداخلية، لم يتوعد بمحاسبة المتورطين في الجريمة خلال بيان إعلانه تشكيل لجنة التحقيق، وكأن الهدف من الأمر استخلاص العبر للمرات المقبلة، وليس اقتياد المجرمين إلى السجن".
وكتب الباحث عرفات الأعرج: "لجنة التحقيق هي جزء من أدوات القتل، تماما كالهراوة وأعقاب البنادق وكاتم الصوت.. لا تتحدث عن لجنة تحقيق امسك هراوة انزل بها على رأس من يعارض السلطة هشم رأسه اقتله يمكنك أن تتبادل الدور مع أي شخص آخر في المنظومة".