رام الله - خاص قدس الإخبارية: أعادت واقعة اغتيال الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة المحتلة فتح ملف الاغتيالات السياسية التي نفذتها السلطة بحق معارض أو معتقلين على خلفية الرأي والتعبير.
فمنذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 وقعت عشرات حوادث التصفية الداخلية على خلفية إما إشكاليات تنظيمية أو حرية رأي وتعبير أو صراعات أمنية، إلا أن عمليات التصفية السياسية كانت تلقي بظلالها على الشارع وترفع من منسوب الغضب.
وسط انغلاق سياسي: تكميم الأفواه هو "الحل"
في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إنه في ظل تمسك السلطة الفلسطينية بخطها السياسي، وعدم انتهاجها أي خيارات بديلة، وفي ظل حالة النقد السياسي التي تصاعدت ضد السلطة الفلسطينية وسياساتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، كان من المتوقع أن تعود حالة الاعتقالات السياسية، في أكثر من اتجاه، أولا في اتجاه الأصوات الاكثر نقدا للسلطة، وثانيا باتجاه النشطاء الذين نقدوها.
وتزامناً مع حالة انغلاق الأفق السياسي، وعدم وجود مشروع سياسي للسلطة الفلسطينية، أو خطة لترتيب الحالة الفلسطينية الداخلية، يضيف عرابي لـ "شبكة قدس": "نتمنى ألا نكون دخلنا في مرحلة الاغتيالات السياسية، وأن يكون ما حدث مع نزار بنات هو حادث عرضي دون قصد قتله، ومع أن حتى ما حدث أمر مخيف ومرعب، أن يتم الاعتداء على شخص أعزل بهذا العدد الكبير من الهراوات والغاز والعصي".
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي أن ما جرى سلوك ينم عن خوف شديد وحالة حقد وسخط شديد، وهو مؤشر خطير، ورأى أنه لا يوجد فرق سواء "كان القصد الاغتيال أو التخويف والإرهاب والتهديد، أو الضرب وشفاء الغليل، أو أيا كان القصد كلها ممارسات سيئة، فالهدف منها إرهاب النشطاء والمعارضين، وإسكات الأصوات العالية، وتثبيت الوجود السياسي بالقوى الأمنية وليس بالمشروع السياسي أو الانجاز الاقتصادي."
وحول ردة الفعل الشعبية المتوقعة، يشير عرابي إلى صعوبة توقع ردة الفعل الشعبية في ساحة الضفة الغربية، نتيجة استنزاف عدد كبير من الناشطين، الذين من شأنهم تنظيم ردود الفعل وإبرازها، مستدركًا: "لكن في كل الأحوال هذا النوع من الممارسات، هو لا يردع الناس بقدر ما يزيد من حنق الناس وهو حنق وغصب قد ينفجر في أي لحظة."
سابقة خطيرة
من جانبه، يقول مدير محامون من أجل العدالة مهند كراجة إن ما جرى سابقة خطيرة جداً رغم أنها ليست جديدة، مع وجود حالات سابقة مثل عملية اغتيال "أبو العز حلاوة" الذي بررته السلطة في حينه بأنه فعل صدر عن جنود غاضبين.
ويوضح كراجة لـ "شبكة قدس" أن نتائج التشريح في وفاة نزار بنات تؤكد أن هناك تخطيط لاغتيال نزار بنات، خاصة وأن في شهر أيار كانت هناك محاولة لاغتياله واغتيال عائلته، مبيناً أن السلطة دائما تحاول تبرير اغتيال النشطاء السياسيين.
ويرى مدير محامون من أجل العدالة أن السلطة تحاول إيصال رسالة تخويف للمعارضين السياسيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وقطع الطريق عليهم وعلى نشاطهم الحقوقي.
ليس الاغتيال الأول
في أعقاب الانقسام الفلسطيني عام 2007، وقعت عدة حوادث اغتيال لمعارضين سياسيين بعضها كانت على يد الأمن الوقائي والبعض الآخر على يد جهاز المخابرات العامة، وبعضها كانت نتيجة لعمليات الضرب والتعذيب الشديد.
ومن الحوادث الشهيرة التي وقعت حادثة مجد عبد العزيز البرغوثي عام 2008، وهو إمام مسجد قرية كوبر الواقعة في قضاء رام الله بالضفة الغربية المحتلة، حيث وصل البرغوثي إلى مستشفى خالد الجراحي برام الله ميتا من جراء التعذيب الشديد الذي استهدفه في مقر جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك مرور سبعة أيام فقط على اعتقاله.
وفي العام نفسه، قتل شادي محمد شاهين من سكان مدينة البيرة من جراء التعذيب على أيدي أجهزة الأمن أثناء توقيفه على ذمة القضاء العسكري في مركز الإصلاح والتأهيل التابع للشرطة في مدينة أريحا،
في عام 2016، جاءت واقعة "أبو العز حلاوة" الذي تم تصفيته من قبل الأجهزة الأمنية بعد أن سلم أبناءه وأشقاءه لحقن الدماء بنابلس، عقب أحداث شهدتها البلدة القديمة في حينه، وتم إغلاق الملف الخاص بالقضية بتشكيل لجنة تحقيق دون إعلان أية تفاصيل.
في السياق، رصدت "محامون من أجل العدالة" وجود 50 حالة تابعتها المجموعة خلال الفترة الأخيرة والتي تنوعت ما بين الاعتقال السياسي والتعذيب والاستدعاء.