فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أليف الصباغ أن إقامة المسيرة كان بحد ذاته هدفا، وبالتالي فإن "إسرائيل" تعتبر ما جرى نجاحا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المسيرة خضعت لإجراءات أمنية مشددة تمثلت بنشر 2500 شرطي وعناصر سريين من جهاز الشاباك، بالإضافة إلى أن عدد الذين وصلوا لباب العامود لم يتعد المئات.
وقال الصباغ في حديث له عبر برنامج المسار الذي يبث عبر "شبكة قُدس الإخبارية"، إن "إسرائيل" مارست ضغطا من خلال مصر بعدم التصعيد وإطلاق الصواريخ إلى المدن المحتلة، ولهذا كان الحل لدى المقاومة بإطلاق البالونات الحارقة، ولم يرد جيش الاحتلال على ذلك بموجب التزام قدمته للمصريين إلا في ساعات الليل.
وبحسب الصباغ، فإن التنسيق لعدم تصاعد الأوضاع شمل مصر والأردن وقطر والسلطة الفلسطينية، وحتى أعضاء الكنيست العرب فقد حضروا لباب العامود بعد مغادرة المسيرة. وحول التنسيق مع السلطة، قال: ألم تدعو حركة فتح للنفير؟! أين النفير؟! لماذا لم يخرج الآلاف؟!.
وأوضح الكاتب والمحلل الصباغ أن نفتالي بينيت كان يسعى لهذا التنسيق لأنه أراد أن يمر اختباره الأول بهدوء، وبالتزامن كان الجيش يملأ فوهات المدافع والقبة الحديدية بالصواريخ، لأن التقديرات الإسرائيلية سواء السياسية أو العسكرية تشير إلى أن المعركة الأخيرة لم تردع المقاومة.
ويشدد الكاتب والمحلل الصباغ أن المقاومة العسكرية ليس مطلوبا منها أن تواجه لوحدها، وإنما يجب أن نصل لحالة من التكاملية من خلال المواجهة الشعبية، مشيرا إلى أن المقاومة العسكرية أسندت الحالة الشعبية في الداخل والقدس والضفة وحققت انتصارا.
وتابع أن على المستوى السياسي أن يستثمر في الانتصار الذي حققته المقاومة، وإذا كان المستوى السياسي لا يستطيع تحقيق أهداف سياسية أو لا يريد، أو له توجه آخر هنا تقع المصيبة، وهذه ليست المرة الأولى التي لا يستطيع المستوى السياسي فيها من تحقيق إنجازات.
وبحسب الصباغ حققت الانتفاضة الأولى انتصارا كبيرا باعتراف العالم كله، لكن عندما حان وقت الاستثمار بذلك، كانت هناك أهداف سياسية فجة وضعيفة لا تتناسب والانتصار الشعبي، وهذا أمر تكرر في أكثر من مرحلة.
وأضاف أن الانتفاضة تحتاج إلى ثلاثة عوامل ذاتية، وهي: العامل الشعبي، والمقاومة المسلحة، والمستوى السياسي الذي "ينقصنا وإذا لم يتبدل أو يستبدل هذا المستوى سنعود لذات الكرة"، وما يحدث في كل مرة أنه كلما تقدمت المقاومة والضغط الشعبي يتم تقزيمه من قبل هذا المستوى.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، أن مسيرة الأعلام ليست مسيرة مستوطنين بل مسيرة دولة، أي أن هناك حفنة من المستوطنين تحميهم دولة مدججة بالسلاح، والجديد أن المستوطن الإسرائيلي أصبح يحتاج إلى حماية الدولة ككل.
وفي المقابل يرى عرابي أن الفلسطيني الذي يواجه المسيرة لا يحتاج لدولة كي تحميه لأنه موجود في مكانه الطبيعي، وقال إن الحقيقة الكبيرة هي أن العالم كله تدخل، وقوى كبرى مثل الولايات المتحدة ودول إقليمية من أجل تنفيذ هذه المسيرة.
وأضاف أنه من غير الواقعي التخيل أن معركة من 10 أيام قد تنهي المشروع الصهيوني، لكن ما يكبح السياسات الاستعمارية هو حالة من المقاومة المستمرة والمفتوحة كما كان في الانتفاضتين الأولى والثانية.
وأشار إلى أن معركة سيف القدس استطاعت أن تحقق إنجازا رمزيا وماديا في وقت كان يتمدد فيه الاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، وفي ظل اتفاقيات تطبيع واختراق سياسي واقتصادي وثقافي إسرائيلي لبعض الدولة العربية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسن لافي، أن "إسرائيل" أرادت من مسيرة الأعلام بعيدا عن الإشكاليات السياسية الداخلية، تصفير النتائج التي حققتها المقاومة خلال معركة سيف القدس، في ما يتعلق بالترابط على امتداد فلسطين التاريخية وأن القدس قضية لا يمكن للفلسطينيين القفز عنها.
وأضاف لافي، أن هناك متغيرات مهمة، تتمثل في أن الجبهة الداخلية للاحتلال مقتنعة أن القدس عبارة عن برميل بارود، إذا تم اشتعاله ستصل شظاياه إلى كافة المستوطنين، ويمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية، خاصة بعد تصريحات لقادة المقاومة كحسن نصر الله.
وقال المحلل السياسي لافي، أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت أراد أن يظهر ليس أقل يمينية ما كان عليه قبل الدخول في الحكومة، بعد اتهامه بأنه يساري، وفي هذه المسيرة أظهر أنه أكثر براغماتية، لأنه أراد إيصال رسالة للمقاومة عبر الوسطاء بأن المسيرة ستتم بطريقة لا تغضب المسلمين، من خلال تعديل مسار المسيرة.
وأضاف: هذا تأكيد على أن المقاومة الفلسطينية استطاعت ربط القدس بغزة، وهذه المعادلة الجديدة يجب البناء عليها والمحافظة عليها وتكريسها.
ويرى، أن هذه المسيرة الباهتة أعادتنا من جديد إلى مسألة أن السيادة الإسرائيلية في القدس أمر مشكوك به وألغت الانقسام الفلسطيني حول القضايا الكبرى.
وحول المطلوب من المقاومة في موضوع، أوضح لافي: المقاومة لا تستطيع القضاء على "إسرائيل" بالضربة القاضية ولا تستطيع أن تدخل في حرب مفتوحة مع الاحتلال، لكن ما هو مطلوب منها أن تتدخل كما حدث في الثامن والعشرين من رمضان حينما تشعر أن هناك نوع من الانكسار لدى الفلسطينيين.