غزة - خاص قدس الإخبارية: أعاد نشر كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس لتسجيل صوتي مسرب لأحد الجنود الأسرى في غزة من خلال برنامج ما خفي أعظم الذي يبث عبر قناة الجزيرة، الحديث عن إمكانية التوصل لصفقة تبادل أسرى جديدة.
وأحدث التسجيل الصوتي الذي نشرته القسام وقالت إنه لأحد الجنود دون الإشارة إلى اسمه أو هويته أو حتى حالته الصحية؛ حالة من الجدل في الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية على حدٍ سواء، كون الاحتلال يتحدث باستمرار عن أن جنوده الأسرى في غزة هم جثث بينما الأحياء هما اثنان من المدنيين.
وسارع مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فور نشر الحلقة للتعليق عليها باتهام حركة حماس بالابتزاز والتلاعب في "مشاعر" أهالي الجنود الأسرى.
ويجمع مراقبون ومختصون بالشأن السياسي والعسكري أن المقاومة نجحت في إيصال رسائلها للاحتلال الإسرائيلي بنشرها للتسجيل الصوتي المنسوب لأحد الجنود الأسرى، وأظهرت قدرتها على خلط الأوراق في الساحة الإسرائيلية.
إشارات ودلالات
في السياق يقول المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة إن إشارات نائب قائد أركان كتائب القسام مروان عيسى لصفقة وفاء الأحرار الأولى، تنطوي على دلالات عدّة ذات صلة وثيقة بمغزاها الجوهريّ، فهي كرست واقعا سيتحكّم في عمليّات التّفاوض لإنجاز صفقة وفاء الأحرار الثانية، لأنّها كسرت سياسة "إسرائيل" باستحالة الإفراج عن معتقلين "أيديهم ملطّخة بدماء الإسرائيليّين"، في سابقة تفاوضية فريدة، وبقواعد تفاوضية جديدة في ظل واقع أمني وعسكري وسياسي معقد لا تنطبق عليه النظريات السياسية وموازين القوى في أي معركة.
ويضيف أبو زبيدة لـ "شبكة قدس": "المقطع الصوتي لأحد جنود الاحتلال الإسرائيلي لدى القسام والذي يتحدث فيه الجندي بوجوده في الأسر لدى القسام ويطالب بالعمل على استعادته، لها ما بعدها وستكون سببًا في إثارة الرأي العام الإسرائيلي -خاصة ذوي الجنود المأسورين في غزة- ضد الحكومة سواء الحالية أو الجديدة".
ويشير إلى أن المقاومة اكتسبت خبرة في التعامل مع الاحتلال في قضية تبادل الأسرى وهي تعلم أن البعد النفسي عامل مهم في تحريك العملية، إضافة لتحريك الرأي العام لدى الجمهور الإسرائيلي والمقطع الصوتي لأحد الجنود يمثل صفعة قوية على وجه نتنياهو الذي يعمل على تضليل الشارع الإسرائيلي عندما يصر أن الجنديين قتلا وهو يريد إعادة جثمانيهما إلى ذويهما وهو يجهل مصيرهما ولا توجد لديه معلومات حقيقية عن حقيقة أسرهما.
ويستكمل المختص في الشأن العسكري قائلاً: "الكشف في هذا الظرف والسياق بعد معركة "سيف القدس" يعطي زخماً جديداً ويبرز جانباً مهماً من فلسفة المقاومة وقدرتها على اتخاذ القرار الشجاع والمضي في تحمل تبعاته وتحقيق أهدافه حتى النهاية.
دليل جديد
في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن حركة حماس قدمت دليلاً واضحاً بشأن الجنود الأسرى خصوصاً بعد نفي كل من عائلة الجنديين أبراهم منغستو والسيد هشام أن يكون التسجيل الصوتي لأي منهما.
ويبين الصواف في حديثه لـ "شبكة قدس" أن هدف حركة حماس هو تحريك ملف التبادل من أجل إنجاز صفقة تبادل جديدة والتسجيل الصوتي المنشور يعكس أن هناك جديداً في هذا الملف وأن هؤلاء الجنود لا يزالون أحياء وليس كما يزعم الاحتلال.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي على أن نشر التسجيل الصوتي لا يعتبر بمثابة تنازل من قبل القسام وإنما لعب في الأوراق من قبل المقاومة ومحاولة استدراج للاحتلال وإقناعه بأن هناك شيئا كبيرا لدى المقاومة يمكن الحديث فيه.
ويردف: "حديث مروان عيسى عن وجود أوراق قوية يراد به فتح شهية أهالي الجنود الأسرى والاحتلال لإبرام صفقة تبادل، والجميع باتوا اليوم أمام حديث واضح بعد نشر التسريب الصوتي أن الاحتلال سيدفع الثمن وسيكون مختلفاً".
وعن حديث مروان عيسى عن وجود صاعق في الملف، علق قائلاً: الأمور ليست بحاجة إلى تخمين فالاحتلال يؤكد فقدانه لأربعة جنود منذ عام 2014، وقد تكون لدى المقاومة الفلسطينية جثث غير الجنود الأسرى وهي الورقة الأخرى التي تلعب بها حركة حماس.
رسائل حماس
في السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة أن حركة حماس أوصلت من خلال نشر التسجيل الصوتي المنسوب لأحد الجنود الأسرى 3 رسائل للاحتلال.
ويوضح أبو سعدة لـ "شبكة قدس" أن حركة حماس حاولت من خلال التسجيل الصوتي الذي يخضع لتحليل صوتي مكثف من قبل الأمن الإسرائيلي، الضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل التفاوض لإبرام صفقة تبادل جديدة.
وبحسب أبو سعدة فإن من بين الرسائل الموجهة تلك الخاصة بالرأي العام الإسرائيلي من أجل الضغط على حكومته لإبرام صفقة جديدة، خصوصاً مع قدوم حكومة جديدة خلال الفترة المقبلة، إلى جانب إظهار عدم تراجع المقاومة الفلسطينية عن مطالبها وأن الحل الوحيد سيكون إبرام صفقة تبادل وفقط.
ويلفت أستاذ العلوم السياسية أن الرسالة الأخرى التي أظهرها التحقيق أن حركة حماس قد تلجأ لخطف المزيد من الجنود لزيادة غلتها حال توفرت الفرصة لإبرام صفقة تبادل جديدة وتبييض السجون من الأسرى.