شبكة قدس الإخبارية

عن الرعب الذي لا ينسى: مسعف خرج لأداء واجبه فوجد أطفاله في مركبة الإسعاف

دعاء شاهين

غزة - خاص قُدس الإخبارية: على مدار 11 يوماً، كان رجل الأمن حازم سليم يتنقل كالجندي المجهول بين أروقة مستشفى الشفاء بقطاع غزة وسيارات الإسعاف، حاملاً بين يديه مصابي وشهداء العدوان الأخير على القطاع، ليتحول لعنصر أمن برتبة مسعف وسط العجز الكبير الذي كانت تعاني منه طواقم الإسعاف في المستشفيات.

تحول حازم سليم سريعاً للعمل بأقسام الطوارئ بسبب العدوان، وباشر عمله في قسم الإسعاف وفرغ نفسه لذلك، تاركاً خلفه عائلته التي كانت تعيش أجواء الحرب، وتسمع أصوات القذائف والصواريخ من وقت لآخر.

وفي ذات صباح بينما كان خارجًا للعودة للمستشفى، ألقى نظرة الوداع على وأطفاله فشعور داخله يتوجسه بأنه قد لا يعود لهم، بسبب القصف الذي كان كثيفاً على القطاع ولا يفرق بين مدني أو رجل إسعاف، وأكل الأخضر واليابس.

قال له حينها طفله بهاء "خليك يا بابا لو صار قصف راح تسعفنا بسرعة إحنا خايفين"، فرد عليه والده "ماما عندكم راح تحميكم ديروا بالكم على بعض"، لكن قلبه يحدثه أن شيئا ما سيحدث.

تاهت المشاعر والملامح، في ذلك اليوم، مشهد لا يمكن أن يسقطه الزمن من ذاكرة المسعف حازم سليم، عندما كان في عمله سمع صوت أطفال يصرخون، جميهم ينزفون وأصيبوا بإصابات خطيرة.

ذهب سريعًا لنقلهم من سيارة الإسعاف إلى أسرة المشفى للعلاج، لكن ما شاهده كان المفاجأة الكبرى فالأطفال الأربعة الذين ينزفون هم أطفاله.

يقول حازم: "أن تعمل كرجل إسعاف في الحرب يعني أن تحمل روحك على كفك من جهة، وأن تبقى قلقًا على عائلتك من جهة أخرى، عشت ضغوطات كبيرة لا تزال آثارها في داخلي، صعب جدًا نساينها خاصة عندما جاءني أطفالي مصابين".

يكمل ما حدث مع عائلته بينما كان هو في عمله: "قصفت طائرات الاحتلال المنزل على رؤوس أطفالي الأربعة وزوجتي، جميعهم تعرضوا لإصابات، باستثناء طفلتي الصغيرة مرح وطفلي بهاء كانت إصابتهما الخطيرة، ولا يزالا يرقدان للعلاج في المستشفى".

وأردف: ما زاد من لوعتي أن أطفالي حين القصف كانوا يستنجدون بي لإنقاذهم لكنني كنت في عملي، لم أسمعهم فجاء شقيقي وأنقذهم من تحت الركام".

بينما كان المسعف حازم يروي ما حدث معهم قاطعته مرح، حيث كانت تحتضن دميتها الصغيرة على سرير العلاج وتتألم من الوجع بين الفترة والأخرى قائلة: "كنا نايمن أنا وإخوتي بالبيت، وسمعنا صوت قصف عالي حاولنا الهروب ونادينا على بابا ينقذنا بس ما كان موجود".

تضيف بلهجة طفولية "إسرائيل قصفت البيت علينا وضاعوا ألعابي وأغراض وأواعي العيد اللي شريتهم، بس بابا حكالي راح يجيب لي أحسن منهم".

سكتت فرح فالوجع باغتها مرّة أخرى في قدمها التي تعرضت لنزيف بسبب شظايا الصواريخ، ووصف الأطباء حالة قدمها بالخطرة.

وتحدث شقيقها بهاء وهو نائم على ظهره على سرير العلاج بمشفى الشفاء، ويلهي نفسه في اللعب على أحد الأدوات الموسيقية، عله لا يشعر بألم إصابته، فشظايا الصواريخ لم تدع جزءًا في جسده إلّا وضربتها.

وقال شقيقها بهاء الذي أصيب بشظايا الصواريخ الإسرائيلية في كافة أنحاء جسده، إن "إسرائيل قصفتنا، لا يوجد لي منزل أعود له، حتى المدرسة التي أذهب إليها تم قصفها"، الدمار في منزل حازم سليم أصاب كل شيء جسد أبنائه وممتلكاته.

غادرت مرح قطاع غزة إلى الأردن لاستكمال علاجها من آثار القصف الذي تعرضت له مع عائلتها.

ورغم الاستهداف المنظم الذي تعرض له المسعفون خلال فترة الحرب إلا أنهم واصلوا عملهم بعزيمة، وكان لافتًا تسجيل عشرات الفلسطينيين أنفسهم كمتطوعين في خدمة الإسعاف في ظل الأوضاع الصعبة.