رام الله - خاص قدس الإخبارية: مع انطلاق شرارة هبة الأقصى في فلسطين 48 عام 2015، قررت سلطات الاحتلال حظر أنشطة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، واعتبارها "خارجة عن القانون بدعوى تحريضها على العنف"، وما لحق القرار من حملات اعتقال طالت أعضاء الحركة، أبرزهم الشيخ رائد صلاح رئيس الجناح الشمالي للحركة، الذي تعرض لما يزيد عن سبعة اعتقالات منذ تصاعد نشاطه السياسي، كان آخرها عام 2020، والذي جاء على إثر إصدار محكمة إسرائيلية قرارَا بإدانته بتهمتي "التحريض على الإرهاب"، و"تأييد منظمة محظورة"، والحكم بالسجن الفعلي لمدة 28 شهرًا.
وخلال الأحداث الأخيرة التي شهدها الداخل الفلسطيني المحتل 48، اعتقلت شرطة الاحتلال نائب رئيس الحركة الإسلامية الشيخ كمال الخطيب، موجهة إليه ذات التهم التي وجهتها إلى الشيخ صلاح.
اعتقال الرواية ورمزية الحضور
بحسب عضو لجنة المتابعة العليا في الداخل الفلسطيني المحتل توفيق محمد، فإن الاحتلال يهدف إلى تغييب "الرواية الفلسطينية الإسلامية العربية من فلسطين 48، خاصة وأن الشيخان صلاح والخطيب يعتبران من قادة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس منذ عقود".
ويرى محمد في حديث مع "شبكة قدس"، أنه وعلى الرغم من التغييب الفعلي للشيخين خلال الأحداث الأخيرة، إلا "أن رمزيتهما بقيت حاضرة في نفوس الشباب خلال الأحداث الأخيرة، وأن الثوابت التي بثوها في أبناء شعبنا كانت لها تأثيرات عظيمة".
من جانبه يرى الكاتب والصحفي حامد اغبارية، أن الاعتقالات التي تشنها شرطة وقوات الاحتلال "لا تنفصل عن استراتيجية المشروع الصهيوني والمؤسسة الإسرائيلية، والتي اعتمدتها منذ النكبة وأخذت أشكالًا وصورًا متعددة طوال سبعة عقود، والتي سعت من خلالها إلى تدجين فلسطينيي الداخل 48."
ويضيف اغبارية في حديث لـ"شبكة قدس": "أرادت المؤسسة الإسرائيلية إبعاد القيادات ذات التأثير الأكبر عن الساحة وعن المشهد السياسي والمشهد العام، وذلك من خلال تلفيق ملفات مفبركة للشيخ رائد صلاح وسجنه، والآن تلفيق ملف آخر الشيخ كمال الخطيب، ثم هذه الحملة المجنونة من الاعتقالات في أوساط الناشطين على خلفية الحرب الأخيرة على غزة وقضية المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح".
في ظل الغياب.. ما المطلوب ميدانيًا؟
لم تقتصر ملاحقة الاحتلال على قيادات الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، بل امتدت لتشمل قيادات حركة أبناء البلد، على خلفية الأحداث الأخيرة، وتشير الإحصائيات إلى أن الاحتلال اعتقل نحو 2000 فلسطيني من بلدات ومدن الداخل المحتل، ولا تزال حملة الاعتقالات مستمرة حتى اللحظة، وتعتقد سلطات الاحتلال أنه ومن خلال الملاحقات وتغييب القيادات وحملة الاعتقالات ستتمكن من إخماد الشارع المنتفض وإعادة الأمور إلى هدوء حذر خاصة في المدن المختلطة.
ويقول اغبارية "إن المطلوب ميدانيًا في هذه المرحلة هو إبقاء هذا الحراك حيا من خلال التفاعل الدائم مع كل القضايا ذات الصلة وعلى رأسها قضية القدس والمسجد الأقصى، والوقوف في وجه الممارسات القمعية التي تنتهجها أجهزة الأمن الإسرائيلية ضد القيادات والناشطين الفلسطينيين".
ويشير الكاتب والصحفي من الداخل الفلسطيني 48، إلى ضرورة توحيد الصف والصوت وتوحيد الرسالة التي يجب أن توجه "للمؤسسة الإسرائيلية"، وضرورة تكاتف الأطر السياسية الفاعلة لمواجهة هذا التغول الإسرائيلي غير المسبوق، مضيفًا: "مستوى الوعي والتفاعل مع القضية يتصاعد بشكل غير مسبوق، والذي لم تفهمه المؤسسة الإسرائيلية أن القيادات إذا غيبت فهناك قيادات أخرى تواصل الطريق".