غزة – خاص قدس الإخبارية: أزاحت معركة "سيف القدس" النقاب عن تطور كبير في قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بشأن قدرتها الصاروخية، والتي لم تكن تتجاوز في السابق بضعة كيلو مترات في أفضل أحوالها.
وكان الظهور الأول لسلاح الصواريخ في 26 أكتوبر/ تشرين أول عام 2001 بعدما نجحت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس في إطلاقه تجاه مستوطنة سديروت بالأراضي المحتلة، بعد محاولات بدأها حينها الشهداء نضال فرحات وتيتو محمود مسعود، وعدنان الغول.
وكانت مواصفات صاروخ "قسام 1" بدائية للغاية حيث لم يتجاوز طوله 70 سم، وقطره نحو 8 سم، ولا يزيد مداه على 3 كيلومترات، ويحمل رأساً متفجراً يزن 1 كلغم من مادة "تي إن تي" (TNT) شديدة الانفجار، ويطلق بواسطة قاذف لا يحقق دقة في إصابة الهدف.
وبعدها أطلق القسام صاروخه الجديد "قسام 2" لأول مرة عام 2002، والذي يصل طوله نحو 120 سم مع حمولة رأس تقدر من 5 إلى 6 كيلوغرامات من مادة (TNT)، ويتراوح مداه بين 9 – 12 كيلومترا مما يتيح له الوصول لمناطق سكنية، أما "قسام 3" فقد أبصر النور عام 2005، بمدى يتراوح بين 15-17 كيلومترا، مع حمولة رأس من المادة المتفجرة تصل إلى 4.5 كيلوغرامات.
وفي أعقاب ذلك انتشرت هذه الصواريخ في صفوف الفصائل الفلسطينية واتجهت فصائل أخرى مثل الجهاد حركة الإسلامي والجبهة الشعبية نحو صناعة صواريخ محلية مشابهة لها، وتحولت هذه الصواريخ إلى مصدر لتهديد الاحتلال يومياً في مستوطناته وغلافه القريب.
وفي عام 2007 ظهر للمرة الأولى صاروخ "غراد" في إحدى جولات التصعيد، والذي يتراوح طوله من 180- 240 سنتيمترًا، ويتكوَّن من ثلاثة أجزاء: الرأس، ويبلغ وزنه من 25- 30 كيلوجرامًا، والجسم، وهو المسؤول عن توجيه الصاروخ، والقاعدة وهي مروحة لدفع الصاروخ، ويكون عيار هذه الصواريخ -أي قطر الماسورة من الداخل- من 122- 230 مليمترًا حسب النوع، ويبلغ طول الصاروخ ثلاثة أمتار ويبلغ وزنه 77 كيلوجرامًا.
وخاضت المقاومة أولى حروبها اعتماداً على صواريخها المحلية بالإضافة إلى مدافع الهاون وعشرات الصواريخ الغراد التي نجحت في تهريبها إلى القطاع بدعم إيراني.
وشكل عدوان 2009 تحولاً في تفكير المقاومة الفلسطينية بامتلاك وتطوير قدراتها الصاروخية إذ بدأ العمل على تطوير صواريخ محلية بحيث تكون أكثر دقة وأكثر قدرة على استهداف مدن المركز المحتل عام 1948، وهو ما تحقق عام 2012.
وشهد عدوان 2012 حضوراً لافتاً للمقاومة إذ تمكنت حينها من قصف تل أبيب والقدس المحتلة بصواريخ "فجر 5" الإيرانية وصواريخ "M75" التي أفصحت عنها كتائب القسام وسرايا القدس اللتان اتجهتا لاحقاً إلى تطوير صاروخ "براق" طويل المدى. ويبلغ مدى هذه الصواريخ من 75 إلى 80 كيلومترا، ويعد أول صاروخ يُطلق على مطار بن غوريون، ويستهدف مدن كل من القدس المحتلة وتل أبيب.
ولم تتوقف المقاومة عند هذا الحد إذ عادت وفاجأت أنصارها وحتى أعداءها في عدوان عام 2014 بتطويرها مزيداً من قدراتها الصاروخية بـ "صاروخ سجّيل" الذي يبلغ مداه 55 كيلو متراً والذي أطلق للمرة الأولى عام 2014، ثم أفصحت عن صواريخ "J80" نسبة إلى الشهيد أحمد الجعبري والذي أطلق تجاه تل أبيب وكان مزوداً بتقنية تسمح له بمراوغة القبة الحديدية، ثم صاروخ “R160” نسبة إلى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي وتميز هذا الصاروخ بطول مداه وقدرته على استهداف مدن حيفا ويافا والخضيرة وغيرها من المدن الواقعة أقصى شمال فلسطين.
وفي إحدى جولات التصعيد عام 2018، فجرت سرايا القدس مفاجأة نوعية حينما أزاحت الستار عن منظومة صواريخ بدر الذي أطلقت عليه حينها "جحيم عسقلان" والذي شكل دخوله تطوراً نوعياً لقدرات المقاومة نظراً لقدرته التدميرية الكبيرة.
وفي عام 2019 كشفت كتائب القسام عن صاروخ "Q20" وهي صواريخ محلية الصنع، صنعت من مخلفات قذائف وصواريخ الاحتلال من بينها قنابل أمريكية الصنع تزن " mk84"، وتعتبر هذه الصواريخ قصيرة المدى إذ لا تزيد عن (20 كم) من قطاع غزة إلا أنها ذات قدرة تدميرية عالية جدًا بسبب استخدام مادة شديدة الانفجار وأقوى من مادة TNT، ويبلغ طول الصاروخ الواحد مترين اثنين وقطره 155 ملم، ويتم إطلاقه عبر راجمات أدخل الخدمة بشكلٍ معلنٍ لأول مرة في مايو 2021.
وشهدت معركة "سيف القدس" إدخال القسام لصواريخ “A120” نسبة إلى القيادي في القسام الشهيد رائد العطار، وضربت بهذه الصواريخ تل أبيب والقدس المحتلة وأحدثت أضراراً كبيرة في صفوف الاحتلال، وصواريخ "SH85" نسبة إلى القيادي في كتائب القسام الشهيد محمد أبو شمالة، وتحمل هذه الصواريخ رؤوساً متفجرة ذات قدرةٍ تدميريةٍ عالية.
أما سرايا القدس فواصلت هي الأخرى نقلاتها النوعية وكشفت عن صاروخ "القاسم المطور" وهو صاروخ يحمل رأسًا متفجرًا بوزن 400 كيلو غرام TNT ومدى قاتل 200 متر، كما أنه يُستخدم في العديد من المهام العسكرية أبرزها دك التحشدات العسكرية والجنود الصهاينة في غلاف غزة.
وفاجأت كتائب القسام هي الأخرى الجميع بصاروخ "عياش 250" والذي استخدمته لأول مرة في هذه المعركة مستهدفةً مطار رامون الواقع أقصى جنوب فلسطين المحتلة، معلنة أن هذا الصاروخ قادر على الوصول إلى أي مسافة في فلسطين وبقدرة تدميرية كبيرة.
أسدلت كتائب القسام الستار عن صواريخ SH85، والتي جاءت تسميتها نسبة للقيادي الشهيد محمد أبو شمالة، وقد استخدمت الكتائب هذا النوع من الصواريخ لأول مرة في الضربة الصاروخية التي وجهتها فجر الأربعاء 12 مايو/أيار لتل أبيب ومطار "بن غوريون" وأسفرت عن وقوع عدد من القتلى والجرحى وتضرر عدد كبير من المنازل، ويبلغ مدى هذا الصاروخ القسامي 85 كيلومترا.
أما الصاروخ الأحدث الذي أشرنا له أعلاه باسم "عيّاش 250" فهو الأبعد مدى حتى الآن في ظل ما هو مُعلن، وينسب لأحد أبرز قادة الكتائب الشهيد يحيى عياش. وقد انطلق للمرة الأولى بتاريخ 13 مايو/أيار 2021، تجاه مطار رامون جنوب فلسطين وعلى بعد نحو 220 كلم من غزة. وصرّح أبو عبيدة بعدها بقوله "كل نقطة من شمال فلسطين إلى جنوبها في مرمى صواريخنا".