قُدس الإخبارية: في تصريحات أدلى بها يوم أمس، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بصراحة إن الولايات المتحدة ستحاول التحكم بملف إعمار آثار العدوان الذي شنه جيش الاحتلال على قطاع غزة.
بايدن قال إنه "سيعمل على إعادة إعمار غزة دون السماح لحماس أن تعيد بناء ترسانتها العسكرية"، حسب زعمه، وأكد مجدداً على التزام الولايات المتحدة بدعم دولة الاحتلال "لا يوجد تحول في التزامنا بأمن إسرائيل على الإطلاق".
تشير تصريحات بايدن، إلى نوايا أمريكية ودولية لاستغلال ملف الإعمار للضغط على المقاومة، بعد أن فشل جيش الاحتلال باعتراف قادة سابقين في الجيش والحكومة، في تحقيق أي إنجاز خلال القتال.
سنوات الحصار الطويلة التي فرضه الاحتلال بتعاون من أطراف عربية ودولية، أثبتت فشلها في تجحيم قدرات المقاومة، رغم حزمة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع الفلسطيني في القطاع، تركت آثاراً قاسية على الاقتصاد ومستقبل الشباب المنهكين بالبطالة، بهدف دفعهم للخروج على المقاومة.
في حروبه على قطاع غزة، تعمد جيش الاحتلال إلحاق أضرار واسعة بالمنازل والبنايات والبنية التحتية، ضمن ما يسمى بعقيدة الضاحية، التي تقوم على استهداف المدنيين بوحشية لدفعهم للخروج على المقاومة. وفي العدوان الأخير كان واضحاً نوايا جيش الاحتلال ترك دمار واسع في غزة في أقصر وقت.
ليس واضحاً حتى اللحظة كيف ستسير قضية إعادة الإعمار، لكن الواضح أن الاحتلال وحليفته الولايات المتحدة سيعملان للضغط على الفلسطينيين من هذا الملف الذي يمس حياة الآلاف.
تجاوز الضغط الأمريكي الإسرائيلي في قضية إعادة الإعمار، يحتاج لخطوات عملية عربياً وإسلامياً، وهو ما بدأ في الكويت التي أطلقت فعاليات شعبية واجتماعية فيها حملة لجمع التبرعات لصالح إعادة بناء المنازل والمنشآت التي دمرها طيران الاحتلال.
في سياق قريب، تطرق بايدن إلى الأوضاع في الضفة المحتلة ومستقبل السلطة الفلسطينية، وقال إن الولايات المتحدة "ستقدم الدعم في الضفة"، حسب وصفه، واعتبر أنه "يجب أن يتم الاعتراف بعباس رئيساً للسلطة الفلسطينية".
تصريحات بايدن حول السلطة والرئيس، تطرح عدة احتمالات أولها شعور الولايات المتحدة "بضعف شعبية السلطة"، خاصة بعد إلغاء الانتخابات والغضب الشعبي من صمت السلطة خلال العدوان على غزة، وثانيها تأكيداً على الرفض الأمريكي لإجراء الانتخابات في المرحلة الحالية بعد تخوفات من فوز حماس فيها.
كما يشير حديث بايدن عن تقديم الدعم المالي في الضفة، إلى احتمال أن تكون الولايات المتحدة تخطط لمواجهة احتمالات اندلاع انتفاضة في الضفة، بمشاريع اقتصادية ومالية، وهي السياسة التي اعتادت مع أطراف دولية أخرى على ممارستها، طوال سنوات ماضية.
تبقى كل الخيارات في المرحلة المقبلة مفتوحة، لكن ما هو واضح ومؤكد أن الحرب الأخيرة على قطاع غزة، واشتعال مدن وبلدات الداخل تزامناً معها والحراك الذي شهدته الضفة والتأييد الشعبي الواسع للمقاومة فيها، سيكون له آثار كبيرة في فلسطين والمنطقة، وسيحاول كل طرف استغلال الأحداث لصالح رؤيته.