استيقظتُ اليوم على جريمة حرب جديدة ارتكبها الاحتلال الفاشي فجراً، مستهدفاً مذيعي ومذيعات الفكر الوطني الملتزم، كاشفاً نعيقه وبشاعته في اغتيال الكلمة الحرة. فجاءَني خبر استشهاد الصحفي يوسف أبو حسين كالصاعقة، بعد استهداف شقّته السكنية في حي الشيخ رضوان.
قبل ثلاثة أعوام، تابعت عن كثب برنامج (بالصوت العالي)، الذي يقدمه الصحفي يوسف أبو حسين عبر إذاعة صوت الأقصى، وهو برنامج مساءلة أسبوعي متخصص، يقدم بالتعاون مع صحيفة الرسالة، ويستند على التحقيقات الاستقصائية بشكل ممنهج. كان أبو حسين يستهلّ حلقته بطرح تساؤلات شيّقة بشكل مباشر، ومن ثم يبدأها بتقرير إذاعي للقضية المراد نقاشها، ومن بعدها يقوم باستضافة ذوي الاختصاص. أفضل ما في الأمر أرشفة الإذاعة للحلقات، والتي تمّكن المستمع من الرجوع اليها وسماعها مرة ثانية وثالثة...... وعاشرة إن أراد.
رجعت بذاكرتي لحلقة قام يوسف بإعدادها وتقديمها في تموز 2018 حول انتهاكات الاحتلال لمسيرات العودة، وضرورة مساءلة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، وتحويلها الى محكمة الجنايات الدولية. باستشهادك يا يوسف، قدّمت ذاتك دليلاً إضافياً، وبيّنة على جرائم الحرب المتسلسلة التي يرتكبها الاحتلال بحقّ الرواية الفلسطينية، واستهداف بيوت الصحفيين والصحفيات، عند رفع العدوان الغاشم على القطاع لمحكمة الجنايات الدولية.
إن الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين والصحفيات، وتقييد الرواية الفلسطينية الأصيلة لا (يرقى) كما يُشاع، وانما (ينحدر)، كما عوّدتنا بشاعته دوماً، الى جريمة حرب.
لقد استهدف الاحتلال حتى اللحظة 23 وسيلة إعلامية محلية ودولية، ويقوم باستخدام نفوذه في العالم للضغط على منصات التواصل لإغلاق الحسابات التي تعمل على نقل الأحداث التي تشهدها فلسطين إلى الرأي العام العالمي، بدعوى أن "محتواها غير مناسب"، الا أنها وببساطة شديدة منشورات ومواد غير منحازة للرواية الصهيونية، وبذلك محتواها لا يتماشى مع رواية المغتصِب، وماكينته المسيطرة على الإعلام.