ما يجري على أرض غزة ليست معركة، إنها مقتلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى من الاحتلال الاسرائيلي، ونضال حتى قطرة الدم الاخيرة من الجانب الفلسطيني، هذه هي الصورة التي يجب أن تنقل للعالم.
لا يوجد فلسطيني على وجه البسيطة، ولا أي شخص يتمتع بحس إنساني، لا يشعر بالفخر لهذا الصمود الأسطوري، ومنسوب التضحية الذي قل مثيله من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني، في وجه المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة، في النهاية سينتصر الفلسطينيون بدمهم وتضحياتهم.
ما تحقق حتى الآن، على المستوى السياسي وخلال أسبوعين فقط منذ معركة الشيخ جراح وهبة الأقصى، أكثر من المتوقع، لأنه ببساطة أعاد القضية برمتها إلى ما قبل وعد بلفور المشؤوم، وكل ما خطط له الصهاينة وحلفاؤهم ونفذوه على الأرض في فلسطين منذ أكثر من مئة عام يتهاوى أمام الإصرار الفلسطيني على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة. سياسياً الفلسطينيون الآن يمسكون زمام المبادرة، إسرائيل مرتبكة ومرتجفة والشكوك تساور الحلم الصهيوني المزعوم.
نظرة بسيطة الى الوراء تؤكد ذلك: تكالبت كل قوى الشر العالمية وتحالفها مع أنظمة العار العربية، والماكينات الإعلامية الموجهة لتزوير الضمير العربي، وتقبل إسرائيل الكبرى كجزء من المنطقة، وإظهار الفلسطينيين كمتسولين وبائعين لأرضهم، ومحاولة حشرهم في زاوية الاعتراف بالأمر الواقع، من خلال دفعهم للتخلي عن حقوقهم المشروعة، والتخلي حتى عن كرامتهم.
ينتفض المارد الفلسطيني من البحر إلى النهر، ليؤكد على أنه شعب واحد ومصير واحد ، وأنه هو وحده صاحب القرار وصاحب الأرض.
وحتى تصل الأمور إلى غاياتها المرجوة، ولا تذهب هذه الدماء الزكية هدراً، لا بد من وضع برنامج سياسي وأهداف تليق بالمرحلة الجديدة وترقى إلى مستواها، يجب عدم السماح بالاستثمار الخاطئ أو الهزيل لهذه الدماء، وحينما تهدأ أصوات المدافع في القطاع، يجب استمرار الهبة الشعبية في كل أنحاء الوطن، وتوفير عوامل الصمود والاستمرارية، والأهم من كل ذلك تعميق هذه الوحدة النضالية، التي سوف تبنى على أسس جديدة، لا مكان للتنسيق الأمني بعد اليوم، السلطة يجب أن تتحول إلى ذراع إداري لمنظمة التحرير، إما أن تكون جهازاً مساعداً لثورة هذا الشعب أو فلتذهب غير مأسوف عليها. ويتوجب إعادة وصل ما إنقطع مع الشعوب في المنطقة العربية، وقطع ما وصل مع أنظمة الخيانة والتهافت.
النصر قادم ومن لا يصدق ذلك فليعيد النظر إلى صور الشابات والشبان الفلسطينيين الذين إستقبلوا الاعتقالات بابتسامة الواثق بحتمية النصر.