في نهاية الثمانينيات كانت صواريخ الكاتيوشا هي أداة النضال الأساسية لدى المقاومة اللبنانية لم يكن لتلك الصواريخ في ذلك الوقت فعالية كبيرة، ولم تستطع أن تشكل قوة ردع حقيقية. لذلك كان الإسرائيلي يطالب حكومته بالانتقام عند أبسط حادث
اختفت الكاتيوشا تماما وأصبحت اليوم جزءاً من أرشيف المقاومة اللبنانية، التي طورت آليات ووسائل نضالها التي ظهرت بوضوح عام 2006 وهنا تغيرت ردة فعل الإسرائيلي فلم يعد بنفس تلك الرغبة بالانتقام.
هذا التطور لدى المقاومة اللبنانية ساهم في ظهور حركة ما سمي " الأمهات الأربع" التي شكلت نواة المطالبة والضغط لخروج الاحتلال من جنوب لبنان.
قبل أكثر من عشر سنوات اطلق اول صاروخ من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الحدودية، وكان مداه وتاثيره مشابه للكاتيوشا اللبنانية.
لكن في عدوان 2014 أظهرت المقاومة تطورا ملحوظا في قدراتها ووسائلها حتى وصلت صواريخها إلى مشارف " تل أبيب " وإن كانت قدرتها التدميرية متواضعة.
في 2019 وصلت هذه الصواريخ لمدى أبعد، مع تطور ملحوظ في قدرتها على الإصابة والتدمير، ومخزونها الكبير لدى المقاومة - حوالي 700 صاروخ أطلقت في أقل من 48 ساعة - وإطلاقها على شكل زخات في مناورة ومحاولة التفاف على القبة الحديدية، إلى جانب دخول الكورنيت، دقيق الإصابة.
يبدو أن هذه التطورات في قدرات المقاومة، والمستوى التنسيقي العالي بين فصائلها، والتوثيق الإعلامي لعملياتها - مما يمنع الاحتلال من التفرد في روايته لمجرى الأحداث -قد وضع بعض القيود على سياسة " العدوان المفتوح" الذي يستمر لشهر واكثر كما حصل في 2008-2014.
والأهم من ذلك، أن هذه التطورات انهت زمن الحرب البعيدة التي يتابعها الإسرائيلي فقط عبر الإعلام، حيث بات مجبرا على عيش الحرب وأختبارها ودفع ثمنها وبالتالي لم يعد ينادي بها عند أبسط حادث.
إنجاز عمره سنوات طويلة وثمنه دماء كثيرة. هكذا تراكم الشعوب قدراتها وتحقق التحولات الاستراتيجية.