خاص قُدس الإخبارية: شكلت الأحداث التي سبقت عملية زعترة، سواء في الضفة الغربية أو القدس المحتلة، مادة دسمة لوسائل إعلام الاحتلال للتحليل على أساسها من أجل فهم دلالات العملية، خاصة وأنها جاءت بعد أحداث باب العامود وتأجيل الانتخابات التشريعية.
وفي حديثه لـ "شبكة قدس"، يؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، أن الإعلام العبري اعتبر هبة القدس الأخيرة وتحديدا أحداث باب العامود كإحدى الدوافع الرئيسية من وراء تنفيذ عملية زعترة، بالإضافة لإجراءات الاحتلال المشددة في شهر رمضان، والتي تتمثل في منع الفلسطينيين من إحياء الشهر في المسجد الأقصى المبارك.
وأضاف أن الإعلام العبري يرى في قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية أحد دوافع العملية، بالإضافة إلى "اعتقاده أن حركة حماس معنية بزيادة وتيرة المقاومة في الضفة الغربية".
وتابع جعارة قائلا إن "الاحتلال يعتقد بأن الاستيطان قد يؤدي أيضا إلى تنفيذ مثل هذه العملية في الضفة الغربية، لذلك هناك اتجاه في حكومة الاحتلال يرى بأن الممارسات الاحتلالية على الأرض من أهم أسباب إشعال المقاومة الفلسطينية".
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية د. بلال الشوبكي أن عملية زعترة مرتبطة بالأساس "بالسياسيات الصهيونية في مدينة القدس، والاعتداءات على المقدسيين، وعمليات التهويد المستمرة في حي الشيخ جراح"، مستبعدًا أن يكون لتأجيل الانتخابات الفلسطينية أثر في توقيت العملية.
وحول التداعيات المحتملة للعملية، يقول الشوبكي، في حديثه لـ"شبكة قدس": "سيقوم الاحتلال بمراجعة الكثير من السياسات الأمنية في الضفة الغربية، بحكم أنها رغم كل ما يفرض عليها من عمليات (ترويض)، لا تزال قادرة على إنجاب مثل هؤلاء الذين يبادرون بأعمال فدائية".
أما فلسطينيًا، يعتقد المحلل السياسي الشوبكي، أن البوصلة تتجه من جديد إلى العمل النضالي، معزيًا ذلك إلى "حالة الانسداد في الأفق السياسي، والتراجع الفلسطيني عن الخطوات الديمقراطية، والتلكؤ في المصالحة الوطنية الفلسطينية"، إضافة إلى مضي حل الدولتين إلى طريق بغير رجعة، وتنامي اليمين الإسرائيلي سواء في حكومة الاحتلال أو في سياق الجمهور "الإسرائيلي".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، أنه من الطبيعي ظهور هذه العمليات في الشارع الفلسطيني بحكم سياق نضال الشعب الفلسطيني، بغض الطرف عن وجود أسباب مباشرة أو غير مباشرة، مؤكدًا على إمكانية اعتبار أحداث القدس الأخيرة محركًا فعليًا لعملية زعترة.
وفي حديثه لـ "شبكة قدس"، يستبعد عرابي إمكانية أن تكون هذه العملية مقدمة لموجة جديدة من العمليات في الضفة الغربية، موضحًا: "واقع المقاومة في الضفة صعب لظروف كثيرة"، حسب تعبيره، ويُرجع ذلك إلى "ما تعرضت له فصائل المقاومة خلال السنوات الماضية التي تلت انتفاضة الأقصى، والانقسام الفلسطيني".
ويضيف الكاتب عرابي: "جرى تفكيك بنية الفصائل، وبالتالي أصبحت عمليات المقاومة هي عمليات فردية أو متفرقة، ومن الصعب البناء أو المراكمة عليها"، بالإضافة إلى القدرات التي طورها الاحتلال خلال الفترات الطويلة الماضية، ولا سيما مع وجود الكاميرات المنتشرة على طول الطرقات.
وحول ردود الفعل الشعبية والنضالية المتوقعة، يقول عرابي: "يصعب توقع ماهية هذه الأفعال والردود، لكن مما لا شك فيه أن الفلسطينيين يكتنزون غضبًا عارمًا، وهذا الغضب قابل للانفجار، والاشتعال والتمدد"، ويتابع مستدركًا " لكن هناك عوامل كثيرة قد تقيد هذا الغضب من ضمنها عدم جاهزية الفصائل التي يفترض أن تلتقط هذا النوع من الهبات والغضب، لكي تقوم بتأطيره وتحشيده والحفاظ على ديمومته وفعاليته".