رام الله - خاص قُدس الإخبارية: مع الانتهاء من تسجيل القوائم الانتخابية، يبدو أن الدعاية الانتخابية قد سبقت الموعد المحدد لها وهو 30 أبريل/نيسان الجاري، فكل ما يجري من نشر لصور القوائم الانتخابية وأرقامها وشعاراتها والتركيز على بعض شخوصها يأتي في سياق الدعاية إلا الاستثناءات النادرة الخبرية.
ويقع سلوك الإعلام الرسمي في أعلى سلم اهتمام القوائم والجمهور العادي، في ضوء أنه الإعلام الذي يفترض أن يمثل الجميع، وأيضا اتفاق الفصائل الفلسطينية في القاهرة في فبراير/شباط الماضي بضرورة توفير فرص متساوية في أجهزة الإعلام الرسمية لجميع القوائم.
إعلام رسمي في خدمة حزب
لكن الإعلام الرسمي الفلسطيني يشكل واحدة من أدوات الحزب الحاكم الدعائية والإعلامية، رغم أن ذلك يتناقض وحقيقته المفترضة كإعلام يجب أن يمثل كافة شرائح المجتمع الفلسطيني وتوجهاته السياسية والفكرية، لأنه يتلقى ميزانيته من الموازنة العامة، التي تعتمد على ما تجنيه الحكومة من أموال المواطنين كالضرائب والجمارك وغيرها، وفق ما يرى الأكاديمي والخبير في شؤون الإعلام معز كراجة.
ويؤكد كراجة أن الإعلام الرسمي في الأنظمة غير الديمقراطية يعمل على تبرير وترسيخ السياسة العامة للحزب الحاكم، وتوجيه الأجندة بما يتناسب ووجهة نظر هذا الحزب، وبالتالي هو يخدم هيمنة الحزب على حساب قيم المواطنة والهوية الوطنية والعملية الديمقراطية.
ميزانية الإعلام الرسمي أكبر من ميزانية عدة وزارات
وتظهر بيانات الموازنة العامة أن الإعلام الرسمي يحصل على ميزانية تصل إلى حوالي 183 مليون شاقل سنويا، أي ما قيمته 15 مليون شاقل شهريا موزعة على وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، وهيئة الإذاعة والتلفزيون وجريدة الحياة الجديدة.
وتبلغ ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون حوالي 147 مليون شاقل، أي ما قيمته 12 مليون شهريا، أما وكالة الأنباء الفلسطينية وفا فميزانيتها بلغت حوالي 23 مليون شاقل تليها جريدة الحياة الجديدة بميزانية تصل إلى 12 مليون شاقل.
وبالمقارنة مع الوزارات والمؤسسات المختلفة التابعة للسلطة الفلسطينية، يقع الإعلام الرسمي في قائمة أكثر عشر وزارات ومؤسسات كلفة لموازنة السلطة الفلسطينية، فمثلا حصلت وزارة شؤون المرأة على ميزانية 6.5 مليون شاقل، وزارة الاقتصاد 55 مليون شاقل، وزارة السياحة 33 مليون شاقل، وزارة النقل والمواصلات 67 مليون شاقل، وزارة الإعلام 9 مليون شاقل، وهذه الوزارات الخمس مجتمعة تحصل على 170 مليون شاقل، أي أقل مما يحصل عليه الإعلام الرسمي بـ 13 مليون شاقل.
الانتخابات لن تنهي انحياز الإعلام الرسمي
ويجب أن تكون منطلقات الإعلام الرسمي مرتبطة بخدمة التعددية والحالة الديمقراطية، يوضح الخبير في شؤون الإعلام كراجة، وذلك لأنه يتلقى أمواله من المواطنين، وما يحدث هو حالة تنكر من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية لهذه الحالة، وهذا يستدعي وجود مجلس تشريعي يناقش ويسائل بخصوص دور الإعلام الرسمي.
لكن وحتى اللحظة، يشكل الإعلام الرسمي في سياق العملية الانتخابية منبرا للجنة المركزية لحركة فتح أو المتحدثين الرسميين باسم الحركة، فمثلا تحول برنامج ملف اليوم على تلفزيون فلسطين إلى مناسبة للتنظير والحديث عن قائمة فتح ومشاريعها وخططها ورؤيتها واجتماعات المركزية وقراراتها، وعلى سبيل المثال حظيت عملية تسجيل قائمة فتح الانتخابية حيزا في الإعلام الرسمي مع تهميش القوائم الأخرى.
وحول ذلك يقول كراجة إن المسألة ليست قانونية في ما يتعلق بالتغطية في سياق الانتخابات، لأن الخلل في ثقافة الإعلام الرسمي التي لا تتضمن إلا معايير منحازة للحزب الحاكم، وحتى آليات التوظيف تقوم على فرز حزبي، وفي فترة الانتخابات سيكون الانحياز للحزب الحاكم أكثر ذكاء لأن القائمين عليه يعلمون أنه سيكون مراقبا من قبل الجميع.
في حين أشار أستاذ الإعلام أحمد الشقاقي، إلى أنه مطلوب من وسائل الإعلام الرسمية تقديم فرصة متوازنة ومتكافئة لكل المشاركين في العملية الانتخابية القادمة. مضيفا أنه في ظل وجود عدد كبير من القوائم المتنافسة "تصبح هناك أدوار مطلوبة من الإعلام بشكل أكبر في تقديم كل هذه القوائم بنوع من التوازن".
وأوضح: الإعلام الرسمي طوال سنوات الانقسام أخذ موقفا منحازا إلى فصيل بعينه وبالتالي أصبح يمثل السلطة الحاكمة وهو ما أثر على تعاطيه مع الكثير من القضايا، مؤكدا ضرورة الفصل ما بين الإعلام الرسمي والحزبي.