يعترف الإسرائيليون أن غزة ما زالت تمثل معضلة لهم، لأنه في الوقت الذي تُجرى فيه المفاوضات لإمدادها باللقاحات لمواجهة كورونا، فلا يوجد لقاح ضد "عناد" حماس، ولذلك قرؤوا أن إطلاق الصواريخ من غزة في الأيام الماضية يعني أن الفلسطينيين يريدون إرسالها لها، رغم أنهما ليسا معنيين بالمواجهة، وفي ظاهرها، لا توجد بوادر تصعيد أو حتى بقعة حرارة، لكن للواقع الميداني في غزة دينامياته الخاصة.
يندفع الإسرائيليون خطوة إضافية للأمام بالزعم أن حماس تعمل بمقولة أن "ما لا يقتلك، يقويك"، متوقعين أن الحركة ستصلب مواقفها، حتى على خلفية توقع دخول القضية الفلسطينية وضعًا جديدًا في ظل إدارة بايدن، وبالنسبة لـ"إسرائيل"، فهذه أخبار سيئة، لأنه كما هو الحال دائمًا، فكل ما يذهب جنوبًا نحو غزة بالكلمات سينتهي بالصواريخ.
جديد العلاقة الإسرائيلية مع غزة، التحضير لمناورات حربية كبيرة لشهر كامل، رغم أن جيش الاحتلال أكد رغبته مرارًا في التوصل إلى إنجاز الحرب المقبلة بسرعة، لكن اتضح أن معظم الحروب استمرت عدة أسابيع، ورغم أنه يعتقد بتقصير مدة الحرب قدر الإمكان، لكن تجربة السنوات الأخيرة تظهر اشتباكات استمرت عدة أسابيع، ومنها "العصف المأكول" في غزة 2014 لمدة 51 يومًا.
يعتقد الإسرائيليون أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة تتطلب توفر شروط ستة قبل إطلاق الرصاصة الأولى تجاهها، ويشرحون كيفية المضي قدمًا بعد انتهاء هذه العملية، والتخلص من "عش الدبابير" القائم في غزة.
تضع المحافل الإسرائيلية ما يعدّونه جملة من الشروط الضرورية لبدء العملية، أولها: أن دخول الجنود إلى غزة سيرًا على الأقدام يجب أن يقوم على فرضية استعادة السيطرة على غزة من حماس، رغم علمهم أنها لن تكون "نزهة نهاية الأسبوع"، وثانيها: أن يكون العدوان مفاجئًا، في وقت لا تتوقعه المقاومة، ليس ردًّا على قصفها، ولكن في وسط مدة هدوء، عندما لا تتوقع هجومًا كاسحًا يشمل إبادة قدراتها العسكرية.
يضع الإسرائيليون شرطًا ثالثًا يتمثل في أن تبتدئ الحملة العسكرية بتوجيه ضربة قاتلة أولية على قادة المقاومة، بهدف ترك البقية بلا قيادة ولا توجيه وأوامر، في حين يرتبط الشرط الرابع بما يخشاه الإسرائيليون من استعدادات المقاومة لمثل هذا العدوان منذ سنوات، ولذلك وضعت عقبات وفخاخًا وألغامًا لاستدراج جنود الاحتلال، ما يدفع جيش الاحتلال إلى التزود بقنابل ثقيلة ومستمرة، والتوغل في عمق الأرض، وتدمير المباني والأسلحة.
الخلاصة أنه من المشكوك فيه أن الأمور ستتحرك بسرعة قبل الانتخابات الإسرائيلية، بل والأكثر ترجيحًا، قبل تشكيل حكومة جديدة فيها، ولا أحد يعرف متى سيحدث ذلك، رغم أن "إسرائيل" أضاعت فرصة مساعدة غزة مقابل إنجازات في المفاوضات، لا سيما في المجال الإنساني بعودة أسراها من حماس.