منار التي أزهرت أكثر بعد ارتباطها بأسامة، عرفت جيداً أن المسألة ليست بكل تلك السهولة، وليست ضرباً من الجنون كما يعتقد البعض من بعيد، بقدر ما هو تحدٍ صارخٍ لكل منطق الحياة، فأثبتت أن منطق الحرية وزرع الأمل في داخل من يستحق رهان لا بعده رهان.
هو الأمل الذي يتسلل ويخرج من بين قضبان السجن وزنازينه.. فاختار الأسير أسامة الأشقر المحكوم ثمانية أحكام بالمؤبد، أن يجدد الأمل والعهد بأن للسجن مذاقٌ آخر.. نعم للسجن مذاقٌ آخر هو اسم كتابه الجديد الذي أطلقه بالتزامن مع عقد قرانه على المناضلة منار خلاوي على الرغم من هذه المؤبدات التي يقضيها داخل معتقلات الاحتلال.
للسجن مذاقٌ آخر.. وهو مذاق الحياة رغم الألم، مذاق الأمل الذي يحيكُ من خلاله حلمه بالحرية، حلمه بحياةٍ مليئة بالأمل والتفاؤل والحلم بحياة سعيدة، تزخر بالحب، تتمتع بالأناقة رغم سوء واقعها.
بالأمس القريب ارتبط أسامة بمنار خلاوي التي أصبحت منذ أيامٍ رفيقة دربه، والتي أصرت على تقاسم الأمل معه رغم أحكامه التي يحملها معه.
تقول منار عندما قابلتها إحدى الوكالات الصحفية إن ارتباطها بأسير يعتبر جزءا من قضية فلسطين، وتصر على قولها بأن أزواجنا الأسرى أبطال يستحقون الانتظار. بهذه الكلمات البسيطة لخصت سبب ارتباطها بأسامة، وهي لأنهم "يستحقوا".
اختارت منار أن تكون دليل أسامة خارج السجن، وجسدت قصة أسامة ومنار قصة شعبٍ بأكمله تواق للحرية، ويصنع الأمل من المستحيل، ويتحدى الحاضر ليرسم مستقبل مشرق.
صنعوا طريقاً لأملِ مئات الأسرى في سجون الاحتلال، واستطاعوا أن يخطوا حلما أصبح واقعا رغم ضنك العيش تحت الاحتلال.. أسامة الذي عرف كيف ينسج أملاً من داخل زنزانته، وكيف يزرع الورد رغم جرحه، وكيف تصبح الحياةُ عنده رهاناً على الحياة.
يتسلل المستحيل هارباً وينسحب من كل تفاصيل الأسر والقضبان.. أسامة الذي أصدر كتابه "للسجن مذاقٌ آخر"، عرف كيف يتحرر من أسره عبر صفحات كتابه، وخطت كلماته نهج حياة، عرف كيف يذلل الوقت ويطفو على السطح، ويبث الأمل في قلوب رفاقه الأسرى.
كتب أسامه في إحدى صفحات أمله التي خطها من خلف القضبان:
"أحلق بخيالي، والقيد حول معصمي، أسمع زقزقة الطيور وأراها تحلق بعيداً ثم تعود إلى أعشاشها، وأرى صغار الحي يعدون خلفها ورؤوسهم تعلو وعيونهم ترنو إلى الأفق البعيد وبسمة الأمل على وجوههم، أدرك حينها الجدوى العظيمة لتضحيات الأسرى"