غزة – خاص قدس الإخبارية: مرت مهلة الشهرين التي منحتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة للاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ تفاهمات التهدئة التي جرى التوصل إليها بوساطة قطرية دون أن يلتزم الأخير بتعهداته التي قطعها على نفسه.
ومع انتهاء المهلة، يتوقع أن تذهب المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة حماس إلى تسخين المشهد بوتيرة مسحوبة خلال الأيام والأسابيع المقبلة من أجل إعادة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإلزامه بتنفيذ التفاهمات التي تنصل منها.
وفتحت حماس خطوط اتصالات مع الوسطاء من أجل الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ هذه التفاهمات خشية من انزلاق الأمور نحو جولة جديدة من التصعيد تقود المنطقة نحو حرب واسعة النطاق، في ظل موجة التطبيع الحالية.
وتوقع مراقبون للشأن الفلسطيني والعسكري في غزة أن تشهد ساحة القطاع جولة جديدة من التصعيد على غرار مماطلة وتسويف الاحتلال بتعهداته بشأن تخفيف الحصار المفروض وتنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى من ضمنها محطات معالجة المياه وحل أزمة الكهرباء وخلق فرص عمل والسماح بعبور العمال إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
مماطلة وتسويف
وقال الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب لـ "شبكة قدس"، إن الاحتلال تنصل من تنفيذ تفاهمات التهدئة بغزة باستثناء بند المنحة القطرية وهذا يؤكد أن الاحتلال يماطل في تنفيذ الجولة الماضية من التعهدات التي رعتها قطر.
وأضاف الغريب: "شعبنا ومقاومته لن يقبل باستمرار حالة التسويف والمماطلة فما يجري هو شكل من أشكال العدوان وهو يوصل الشعب الفلسطيني للموت البطيء وهذه الجريمة يجب أن تنتهي على قاعدة أن استمرار الحصار بات مرفوضاً".
وشدد الكاتب والمحلل السياسي الغريب على أن السيناريو القائم حالياً هو أن الوضع الميداني في مهب الريح في أي لحظة ولن يصمت الشعب أو الفصائل على استمرار هذا الحال، مبيناً أن تنصل الاحتلال من تخفيف حالة الحصار لن يولد إلا التوتر وتجدد المواجهات سواء بالوسائل الخشنة الشعبية أو المواجهة العسكرية المسلحة إذا ما تدحرجت الأمور في لحظة ما.
واستكمل قائلاً: "كل السيناريوهات مطروحة ما لم تتراجع "إسرائيل" عن مماطلتها وتسويفها، في الوقت الذي يبدو واضحاً تمسكها بشروطها المتمثلة في قضية إظهار مصير الجنود الأسرى لدى حركة حماس وهو ما انعكس على الأرض من خلال عدم تنفيذ التفاهمات".
ورجح أن يتكرر ذات السيناريو السابق من خلال عودة البالونات الحارقة التي تعتبر ضمن الوسائل الخشنة، مستدركاً: "في تقديري أن كل المنطقة مرهونة بشكل أساسي بمستقبل ما يجري في الولايات المتحدة من خلال الانتخابات الرئاسية وهو عامل ومؤشر أساسي مع الاحتلال بشكل أساسي سواء تجدد المواجهة أو تصعيد نتيجة لاستمرار السياسة الإسرائيلية بحق 2 مليون فلسطيني يواجهون الموت البطيء".
وبشأن تأثيرات الحملة الإعلامية التي شنتها وسائل إعلامية مصرية، علق الغريب قائلاً: "هذه قضية منفصلة تماماً وما يصدر عن الإعلام المصري يأتي في إطار توظيف جهات أمنية متنفذة غير راضية عن ترتيب العلاقة مع حماس من جديد".
وواصل قائلاً: "الزيارة الأخيرة كانت إيجابية وكانت هناك تفاهمات جرت مع جهاز المخابرات المصرية العامة وفقاً لرؤية جديدة، والحركة أعطت الضوء الأخضر للوسيط المصري لمواصلة جهوده في فتح ملف صفقة التبادل مع الاحتلال".
لعبة التفاهمات
من جانبه، ذكر الكاتب والباحث في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة أن ما جرى يعكس بشكل واضح أن الاحتلال لعب على عامل الوقت وماطل في تنفيذ ما جرى التوصل إليه في آب/أغسطس الماضي بوساطة قطرية.
وقال أبو زبيدة لـ "شبكة قدس" إن الاحتلال راوغ من أجل منع جولة تصعيد عسكري لأسباب داخلية من أبرزها كورونا وموجة التطبيع الحاصلة ومحاولة استثمار الوقت في زيادة عدد الدول التي يدخلها بشكل رسمي ضمن إطار اتفاقيات التطبيع.
وواصل: "الاحتلال غير جاهز لموضوع التصعيد وحاول المراوغة بتقديم التفاهمات الأخيرة وهو يعلم أن الأمور الاستراتيجية والكبرى مثل مشروع الغاز تحتاج إلى وقت طويل وهو يسوف في بقية الإجراءات، أما المقاومة فهي منحت الاحتلال مهلة لمدة شهرين ليثبت التزامه والآن الكلمة للمقاومة لتقول كلمتها".
وأتبع أبو زبيدة: "السؤال المطروح حالياً هو هل ستبدأ المقاومة ضغطها لإجبار الاحتلال على تنفيذ المشاريع التي تعهد بها؟ وهو أمر وارد جداً، إلا أن ذلك مرهون بحالة ترقب على الصعيد السياسي لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية".
وأشار إلى أن جميع الأطراف تنتظر ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات لتحديد المسارات التي سيشهدها الميدان خلال الفترة المقبلة، مبيناً أن المقاومة غير معنية بالوصول لحالة الحرب الشاملة كونها ستسبب أزمات ونكسات جديدة على شعبنا.
وبين أن المقاومة من خلال الضغط الذي تقوم به معنية بتخفيف الأزمات عن الناس وتحسين الأوضاع المعيشية دون الوصول إلى المواجهة المفتوحة، موضحاً أن المقاومة ترى في بعض وسائل الضغط طريقة لإلزام الاحتلال في تنفيذ التفاهمات.
واستطرد أبو زبيدة: "الواضح أن الاحتلال يناور من خلال إدخال ملف الجنود الأسرى في بعض المرات ومرات أخرى يستغل أزمة كورونا وانشغال العالم وكل ذلك من أجل كسب الوقت وصولاً لمرحلة يتمكن من خلالها بتوجيه ضربة تؤثر على قدرات المقاومة".
ولا يستبعد الباحث في الشأن العسكري فرضية المواجهة العسكرية في ساحة غزة، قائلاً: "في ساحة مثل قطاع غزة لا يوجد شيء مستبعد لو تحدثنا عن الذهاب للضغط بالوسائل الخشنة فالاحتلال قد يبطش بالشعب الفلسطيني وبالتالي فالمقاومة لن تصمت هي الأخرى واللعب على خيط رفيع ليس من السهل ضبطه في كل مرة".