شبكة قدس الإخبارية

تحليل: هل ينتقل ملف المصالحة الفلسطينية من مصر إلى تركيا؟

120093405_314015679898485_468790443255009563_n
محمد سنونو

غزة – خاص قدس الإخبارية: بعد سنوات من بقاء ملف المصالحة الفلسطينية حكراً على الوساطة المصرية وجهاز مخابراتها، يشهد الملف تحولاً مفاجئاً هذه المرة باتجاه تركيا لأول مرة في خطوة تبدو مستغربة في الشارع الفلسطيني.

ويتزامن التحول الحاصل مع هجوم إعلامي مصري تجاه حركة حماس من جانب وبعض الشخصيات الفلسطينية متمثلة في الرئيس محمود عباس لأول مرة منذ سنوات، إلى جانب ارتباط ذلك بمواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

وعلمت "شبكة قدس" من مصادر مطلعة أن توتراً حصل مؤخراً في العلاقات بين حركة حماس والمخابرات المصرية على خلفية الهجوم الذي حملته حلقة برنامج ما خفي أعظم الاستقصائي وهجومه على مصر واتهامها بمحاصرة غزة والمقاومة.

وتتفق حركتا فتح وحماس على أن اللقاءات تعقد هذه المرة بإرادة فلسطينية خالصة بدون تدخل أي ضغوط أو تأثيرات دولية وإقليمية، حيث سيعقد اللقاء على الأراضي التركية، إلا أنه يعتبر فلسطيني محض بدون تدخل أي من الدول.

في ضوء ذلك، تبدو السلطة هي الأخرى متخوفة إذ تكرر في الآونة الأخيرة الحديث عن وجود بديل متمثل في محمد دحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إلى جانب شعورها بطعنة من قبل النظام العربي الذي كان داعماً لها منذ تأسيسها.

ويتفق محللان في الشأن السياسي الفلسطيني على أن السلطة ترسل رسائل واضحة للقاهرة بأنها لا تقبل الإملاءات وترغب في إيجاد محور جديد لها يدعم توجهاتها ما دفعها نحو السماح لتركيا باستضافة الحوارات فضلاً عن الاتصالات المتتالية بين أبو مازن وأردوغان.

في السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة حسام الدجني أن هناك استدارة لموقف مصر يعكسه مواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهناك توتر في العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس من جانب ومصر من جانب آخر.

واستدل الدجني في حديثه الخاص لـ "شبكة قدس" بالهجوم الإعلام المصري المتصاعد خلال الأيام الأخيرة على القيادات التابعة لحركة حماس والقيادات المحسوبة على فتح والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، مستكملاً: "هناك كذلك استدارة للرئيس أبو مازن يعكسها نقل الحوارات واللقاءات تجاه أنقرة وانسحاب فلسطين من رئاسة الجامعة العربية".

وأوضح أن أبو مازن حينما قرر أن يكون الحوار واللقاء مع حماس في تركيا هو يعلم أنها خصم لمصر التي تعتبر الوكيل الحصري لملف المصالحة بقرار الجامعة العربية، مستطرداً: "هناك فرص لنجاح المصالحة لأن محور واحد تتبع له كلا الحركتين، خصوصاً إذا حسم أبو مازن علاقته مع قطر وإيران تركيا وبالتالي فمن الممكن أن يكون الخميس المقبل تتويجاً لملف المصالحة باتفاق جديد".

واعتبر الدجني في حديثه أن ما يجري حالياً يعكس أن الرئيس الفلسطيني بات غير مقتنع بوجود عملية سياسية في المرحلة الحالية وهو ما دفعه بالاتجاه نحو البيت الداخلي الفلسطيني وتقرير المقاومة الشعبية خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل.

إلا أن الدجني في حديثه، رأى أن حالة الاستقطاب التي قد تنشأ عن الخلافات مع مصر ونظامها السياسي قد يكون ضاراً على القضية الفلسطينية خصوصاً أن غزة تتبع لمصر في ملف معبر رفح الذي يعتبر منفذها الوحيد، منوهاً إلى أنه إذا كان أبو مازن استدار عن مصر على حماس ألا تستدير عنها وأن تعمل على بناء التحالفات بشكل ذكي.

وأتبع قائلاً: "واضح أن أبو مازن يريد أن يرسل رسالة لمصر على خلفية افشال القرار الفلسطيني في الجامعة العربية وموقف السيسي من التطبيع، عدا عن العلاقة مع دحلان كلها، عوامل يريد أبو مازن أن يثبت أنه يمتلك قراراً منفرداً مستقلاً ولا يقبل بالابتزاز".

حلفاء الأمس.. خصوم اليوم

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي حسن عبده أن السلطة والرئيس عباس يصطدمون حالياً مع الممولين الرئيسيين للسلطة الفلسطينية ومع من شاركوا في وجودها وشكلوا دعماً وقوة لها في الماضي، إذ بات هؤلاء لا يرون في وجود السلطة أمراً ضرورياً وتحولوا لخصم.

وأضاف عبده في حديثه الخاص لـ "شبكة قدس": "الموقف اليوم بالنسبة للسلطة هو إما الانسجام مع التحالفات الدائرة والمنسجمة مع صفقة القرن أو التغيير وبناء محاور جديدة في الإقليم، بعد تحول النظام العربي ودول الاعتدال لخصوم لها".

وتابع الكاتب والمحلل السياسي عبده: "ما يجري اليوم مرتبط بطبيعة العلاقة في المحور الجديد المتمثل في مصر والإمارات وإسرائيل الذي لديه عداوة مع الإسلام السياسي وحركة الاخوان التي تعتبر حماس جزءاً منها في المنطقة".

ويستبعد أن تستطيع تركيا تحقيق اختراق كبير في ملف المصالحة الفلسطينية بعد استضافتها للقاءات والحوارات مقارنة بالمحاولات السابقة سواء لمصر أو غيرها، مستطرداً: "ما يجري هو أن السلطة تشعر أنها في مواجهة مع الداعمين الرئيسيين لها على رأسهم دول الاعتدال العربي".

وبشأن التخوف من ورقة دحلان، رأى عبده أن هناك تخوف واضح من أن يحاول الإقليم فرضه بقرار جمعي وبنفوذه تماماً كما جرى إبان اتفاق أوسلو الذي لم يكن نتاج موافقة شعبية وإنما نتيجة دعم وموافقة إقليمية ودولية.