غزة – خاص قدس الإخبارية: مرةً أخرى توصلت المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة حماس إلى تفاهمات مع الاحتلال الإسرائيلي بوساطة قطرية أوقفت تسخيناً استمر قرابة الشهر، استخدمت فيه الأدوات الشعبية مثل البالونات الحارقة للضغط على حكومة الاحتلال.
وشهدت هذه الجولة التي تعتبر الأطول منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة عام 2014 تسخيناً محدوداً تمكنت فيه المقاومة من تثبيت معادلة القصف بالقصف، إذا ردت بقصف مستوطنات غلاف غزة رداً على استهداف المواقع والأراضي الزراعية في القطاع.
وإلى جانب ذلك رفعت المقاومة من سقفها في جولة التفاوض عبر التركيز على ضرورة إنهاء حصار غزة، ورفض التنازل وتقليل سقف التفاوض، إلا أن جائحة كورونا كما يرى بعض المراقبين شكلت ضغطاً إضافياً وعزز نقطة جديدة للتفاوض مع الاحتلال لتوفير احتياجات غزة من أجهزة ومعدات صحية للمستشفيات.
وبعد توقف التصعيد الإسرائيلي، أعلن القيادي في حركة حماس ونائب رئيسها في غزة خليل الحية أن المقاومة أمهلت الاحتلال مدة شهرين لتنفيذ المشاريع أو العودة للتصعيد وبقوة، فيما سربت تصريحات لقائد فرقة غزة في جيش الاحتلال تحدث هو الآخر أن الهدوء قد يستمر شهرين أو أقل.
وتعزز هذه التصريحات فرضية عودة التصعيد من جديد على جبهة غزة الملتهبة منذ سنوات، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والصحية، وحال مماطلة نتنياهو وحكومته في تنفيذ التفاهمات التي جرى التوصل إليها بالوساطة القطرية.
في السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب إن فرصة نجاح التفاهمات مرهونة بمدى التزام الاحتلال بتنفيذ ما تم التوصل إليه وحجم التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع المتفق إليها.
وأوضح الغريب لـ "شبكة قدس" أن من ينظر إلى بنود الاتفاق الذي حصل يدرك أن هناك نية إسرائيلية للتهرب من هذه الالتزامات على اعتبار أن هناك قضايا عاجلة نفذت وقضايا ما تزال بحاجة لنقاش وجولات من التفاهم عليها.
وأضاف قائلاً: "التلويح باستمرار أدوات المقاومة الخشنة والضغط عسكرياً يجب أن يبقى قائماً إلى حين استجابة الاحتلال للمطالب"، لافتاً إلى أن الجولة الثانية من التصعيد ليست بالبعيدة ما لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ التفاهمات التي تعهد بها للوسطاء.
وبين الكاتب الغريب أنه ووفقاً للجدول الزمني هناك مشاريع يجب أن تنفذ منها مشاريع الكهرباء والمشاريع المتعلقة بالتشغيل والحد من نسب البطالة والمشاريع الاستثمارية التي قد تكون جزءاً من فكفكة حلقات الحصار المفروض.
وعن تأثيرات الكورونا، اعتبر أن ما توصلت إليها المقاومة في هذه الجولة هي حلول وسط في ظل خروج مستشفيات عن الخدمة وما جرى هو إنجاز مرحلي يبقى أفضل من لا شيء.
وهدد القيادي في حماس خليل الحية في تصريحات متلفزة قبل أيام من أن المقاومة كانت مستعدة للذهاب بعيداً في تصعيداً حتى وإن قصفت تل أبيب مركز دولة الاحتلال، مستكملاً: "المقاومة كانت جاهزة لكل السيناريوهات بما في ذلك قصف تل أبيب وتحويلها لمدينة أشباح".
بدوره، قال الباحث والكاتب ساري عرابي إنه منذ فوز حركة حماس بالانتخابات عام 2006 وسيطرتها على قطاع غزة لا يوجد استقرار أمني، حيث جولات تصعيد وحروب بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف عرابي لـ "شبكة قدس": "الاحتلال يحاول أن يجعل سلاح المقاومة عبئاً على الناس في غزة والمقاومة تحاول تثبيت معادلة أن الحصار مكلف الثمن، وهي تثبت معادلة أن كل ضربة يقابلها رداً"، موضحاً أن هناك حالة من الاشتباك مقابل الحصار.
وتابع قائلاً: "الجولة الأخيرة سيتبعها جولات أخرى خلال الفترة المقبلة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن المقاومة كانت تدرس مجموعة من الاحتمالات كان أبرزها الدخول في مواجهة واسعة لا تصل إلى الحرب".
وأتبع قائلاً: "جميعنا يذكر قبل مدة حينما قصفت المقاومة تل أبيب والعمق الإسرائيلي في الوقت الذي كان فيه الوفد الأمني المصري يتواجد في غزة وبالتالي إمكانية توسيع المشهد واستدعاء ضربة حربية إسرائيلية يبقى خياراً قائماً".
واعتبر أن احتمالية التدحرج نحو المواجهة الواسعة يبقى قائماً في الوقت الذي يوجد فيه رأي داخل المقاومة أن الدخول في حرب حالياً أمر غير محبذ بفعل غياب الظهير العربي الداعم لها، مستكملاً: "النظام المصري على سبيل المثال مشارك في حصار غزة ولا يوجد طرف يدعم المقاومة سياسياً".
واستبعد عرابي إمكانية نجاح التفاهمات الحالية بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي لعوامل منها أن الاحتلال قد يقدم على تنفيذ بعض العمليات في غزة منها اغتيالات لشخصيات أو مجموعات، وهو ما يجعل فرضية التصعيد تبقى أعلى وقائمة.
ورأى الكاتب والباحث في الشأن السياسي أن الإشكالية لا تقف عند الوسيط حتى وإن كان قطري بل في الاحتلال الذي يماطل في تنفيذ ما تم التوصل إلى اتفاق بشأنه.