فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: شكل إعلان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع محمد بن زايد عن اتفاق لإقامة علاقات بين الطرفين، برعاية أمريكية، "إشهاراً" رسمياً، لعلاقات تنامت طوال السنوات الماضية.
فوائد اقتصادية وسياسية
من جانبه يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، أنس أبو عرقوب أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، تسعى لإخراج كل علاقاتها مع الدول العربية، إلى العلن، الأمر الذي يجعلها "دولة طبيعية".
وتابع: كما أن لهذه العلاقات انعكاسات اقتصادية على "إسرائيل"، من خلال صفقات التصدير العسكري، وهذه لا يمكن المضي فيها قدماً إلا من خلال الإعلان الرسمي عن العلاقات.
وأشار إلى أن الدول العربية، كانت تشترط للتقدم في العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، بإحراز تطورات في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، لذلك فإن إبرام الاتفاقية مع الإمارات، يعتبر التفافاً على "المبادرة العربية للسلام"، وهو ما يعتبره نتنياهو انتصاراً سياسياً.
علاقات قديمة
وأوضح أبوعرقوب أن دولة الاحتلال تملك علاقات مع معظم الدول العربية، هناك استثناءات محدودة مثل الكويت، لكن نحن نعلم أن رئيس الموساد كان في زيارة للخليج قبل أسبوع".
تابع: "ربما بدأت العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، بعد وفاة الأمير زايد والد الحكام الحاليين، وتعززت بعد وصول نتنياهو لرئاسة حكومة الاحتلال".
وقال: "العلاقات السرية بين إسرائيل والدول العربية، موجودة منذ عشرات السنين، ولكن كانت محصورة بشكل أكبر في الجانب الاستخباراتي، لكن نعلم أن هناك دولاً مثل السودان أقامت علاقات منذ أيام الحكام السابقين، وحالياً هناك استئناف للعلاقات مع إسرائيل، منذ لقاء رئيس مخابرات نظام الرئيس البشير مع مسؤولين إسرائيليين في أنقرة".
وأشار إلى أن وسائل الإعلام في دولة الاحتلال، تتحدث أن العلاقة مع السودان وصلت لمرحلة متقدمة، وربما يكون هناك خطوات في هذا الاتجاه مع البحرين، أو المغرب، وليس ثمة إعلانات رسمية حتى اللحظة.
توقيت الإعلان.. ماذا يقف خلفه؟
وحول الأسباب التي تقف خلف الإعلان عن العلاقات بشكل رسمي، يقول الباحث والكاتب ساري عرابي إن "العلاقة قديمة بين دولة الاحتلال والإمارات، وبعد مجئ محمد بن سلمان إلى ولاية العهد في السعودية، وهيمنة الإمارات على القرار السعودي وبعض الدول العربية، كانت الجهود تجري للإعلان بشكل رسمي عن هذه العلاقات، وهو ما كان متوقعاً في أي لحظة، لذلك فإن هذه النقطة كان لا بد أن يصلوا إليها، وكان السفير الإماراتي في أميركا يوسف العتيبي نشر مقالاً في يديعوت أحرونوت، حول وقف مخطط ضم الضفة مقابل التطبيع".
وأشار إلى أن "الإعلان مرتبط بالانتخابات الأمريكية، فسقوط ترامب، سيؤثر كثيراً على محمد بن زايد، وهناك تحالف عميق بن نتنياهو وبن زايد وترامب، وأتوقع أنه كان هناك اتفاق بين الثلاثي، يخدم مصالحهم، خاصة أن نتنياهو يواجه ملفات فساد، وتحالفاً حكومياً هشاً، لذلك فهو بحاجة لهذا الاتفاق كي يسوق لنفسه بين الإسرائيليين".
هل سيجر التطبيع الإماراتي دولاً أخرى؟
وتوقع عرابي أن تجر الإمارات دولاً أخرى، نحو الإعلان بشكل رسمي عن العلاقات مع الاحتلال، مثل البحرين، خاصة أنها استضافت المؤتمر الاقتصادي الذي شكل المقدمة "لصفقة القرن".
وقال: "لكن البحرين قرارها مرتبط بالسعودية بشكل أكبر من الإمارات، وربما تقدم سلطنة عُمان على خطوة مثل هذه، صحيح أنها على خلافات مع الإمارات وبينهما تنافس تاريخي، ولكن مواقف عُمان بخصوص التطبيع مُشكلة، وتعمل على التناقضات، وتقيم علاقات مع إسرائيل، وأميركا، والبحرين".
وأضاف: "عُمان أصدرت تصريحاً باركت فيه خطوة الإمارات، ليس حباً فيها لكن تأكيداً على إمكانية إقدامها لخطوة مماثلة، لكنها تحاول إدارة الملف بذكاء وبشكل مغاير عن الإمارات والسعودية، وقد أصدر المفتي اليوم تصريحاً قال فيه إن تحرير المسجد الأقصى واجب على المسلمين".
وفيما إذا كانت السعودية ستقدم على خطوة مشابهة قريباً، يرى عرابي أن "السعودية وضعها مختلف، نتيجة لثقلها واعتدادها بنفسها، لذلك اعتقد أنها ستكون متأخرة، إلا إذا أقدم عليها محمد بن سلمان كخطوة مغامرة، في سياق الصراع على العرش، وأكثر الشخصيات التي باركت اتفاق الإمارات مع الاحتلال، كانت سعودية، وجرى استدعاء لفتاوى قديمة، وهناك جهود إعلامية وثقافية سعودية لتبرير التطبيع، وهذا له دلالات".
وتابع: "على المستوى بعيد المدى والاستراتيجي، قد تقدم قطر على خطوة مشابهة، لكن حالياً لا أتوقع نظراً لحساسية العلاقة مع الإمارات، وهذه الدول تتصارع في ما بينها على نفوذ دولة الاحتلال لدى الولايات المتحدة".
اعتقال المثقفين والمفكرين تمهيد للتطبيع
ويرى عرابي أن "التحالف الأمريكي الإسرائيلي مع أنظمة الخليج، مع نظام عبد الفتاح السيسي، يعمل على استغلال الفترة التاريخية وحالة السيولة التي تعيشها الأمة العربية، عقب الثورات، من أجل قتل كل عناصر القوة في المنطقة".
وتابع: "القضية الفلسطينية بقدر ما هي مقلقة لإسرائيل، فهي أيضاً مصدر قلق لأنظمة العربية، فهي نقطة قوة للجماهير العربية، وسبب من أسباب التحرك والانشغال السياسي، والأنظمة لا تريد لشعوبها أي قدر من الانشغال سياسي، لذلك فإنها ترى في القضية خطراً عليها".
وقال: "إسرائيل تشعر أن حركة الشعوب خطراً عليها، الشعوب العربية مهما كان هناك حرب على وعيها، إذا كان هناك حرية فإن الرأي العام العربي سيكون ضد إسرائيل".
وأضاف: "دولة الاحتلال تعمل على إعادة تشكيل المنطقة، لذلك تلتقي مصالحها مع الأنظمة العربية، وعليه يمكن أن نفهم دور قادة الثورات المضادة في هذا المجال".
وحول دور اللجان الالكترونية لأنظمة عربية في مهاجمة الفلسطينيين، يقول: "جهود هذه اللجان منصب على مهاجمة الفلسطينيين، وشيطنة القضية، والترويج للسردية الصهيونية، الذين كانوا يتصدون لهذا كلهم تم اعتقالهم".
وأضاف: "اعتقد أن الاعتقالات التي جرت لشخصيات ثقافية، وعلماء دين، ومفكرين، مرتبط بالدرجة الأولى بالتطبيع، وبحكم معرفتنا بالظروف في دول الخليج، أن هؤلاء الذين تم اعتقالهم، لن يكون لهم دور في الصراع بين النخب الحاكمة على العرش، لكنها كانت تجد دائماً سبباً للدفاع عن فلسطين، وهذا كان سيمس بجهود التطبيع".
تقصير إعلامي عربي وفلسطيني
وأشار إلى أن "هناك تقصير كبير وقديم في الرد على الجهود الإعلامية، لشيطنة الفلسطينيين، منذ توقيع اتفاقية أوسلو وافتتاح دول خليجية مكاتب تجارية في دولة الاحتلال، كان هناك إشكالية في التعامل مع جهود عربية تسوق إسرائيل في المنطقة، وتحويل القضية الفلسطينية لوجهات نظر قابلة للأخذ والرد، بالإضافة لبعض القنوات التي أدخلت وجهات النظر الإسرائيلية إلى البيوت العربية".
وتابع: "هذا الدور الخطير لبعض القنوات على ما بينها من بعض الاختلافات، كان يجب أن لا يتم غض النظر عنه، ولم يبدأ مع المسلسلات التي بثتها قنوات سعودية في رمضان، وهذا واجبنا نحن الفلسطينيين، كما أن الدول العربية ترفع شعار نقبل ما يقبل به الفلسطينيون، فإن شخصيات ثقافية عربية، تأخذ بوجهة نظرنا في هذه المواضيع".
ما هو رأيك بالأحاديث المنتشرة التي تتناول الاتفاق الإماراتي مع الاحتلال من زاوية "أوسلو"؟
قال عرابي: "الحدث الراهن هو أن الإمارات وقعت اتفاقاً مع الاحتلال، أوسلو تم توقيعها في 1993، وتم نقدها طوال سنوات، وعلاقات تركيا مع إسرائيل قديمة منذ سنوات الأربعينات، لذلك يجب أن يكون في المرحلة الحالية، الأولوية لنقد سلوك الإمارات وإعلانها العلاقات مع إسرائيل، وأن يتم استغلال حدث لمهاجمة طرف آخر، هي مشكلة كبيرة".
وأضاف: "من ناحية أخرى، هذا الكلام فيه جوانب صحيحة، لأن إحدى خطايا منظمة التحرير أنها فتحت الأبواب لإقامة علاقة عربية مع دولة الاحتلال، لكن ينبغي أن لا ننسى أن منظمة التحرير لو وجدت إسناداً عربياً، لما وجد فلسطيني يرحب بأوسلو، وهذا ليس تبريراً لهذه الاتفاقية المدمرة، لكن يجب أن لا ننسى الدور العربي في إيصال المنظمة لهذه المرحلة".