يطرح استئناف إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه مستوطنات الغلاف معضلة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية في كيفية الرد، سواء احتواء الأحداث، أو الرد عليها لمرة واحدة، أم شن عملية عدوانية واسعة النطاق ضد غزة، مع أن كل خطوة من هذه التحركات لن تؤدي بالضرورة إلى النتيجة المرجوة، رغم زيادة المطالب الإسرائيلية بضرورة وضع جدار ردع ضد حماس.
ما يزيد في المعضلة الإسرائيلية بالنسبة لحرائق البلالين، أننا في فصل الصيف، والحقول الزراعية في مستوطنات الغلاف جافة جدًّا، ومشاهد البالونات المتفجرة والحارقة التي تنطلق من غزة، وتحرق الحقول، تتعمم على جميع الإسرائيليين، ورغم أن معظمها قد تم حصاده بالفعل، إلا أن ذلك لا يهم.
مع أنه منذ عشرة أيام، وللمرة الأولى، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي أهدافًا عسكرية، ردًّا على تفجير بالونات متفجرة، ويبدو أن هذه كانت أول إشارة من جانب "إسرائيل" على أن الحرائق في قطاع غزة ليست شيئًا مطروحًا على جدول الأعمال، وإذا كان هناك توقف لبضعة أيام، فهنا تعود الظاهرة من جديد.
يتابع الإسرائيليون "المزيد والمزيد" من المناطيد التي تشعل "المزيد والمزيد" من الحقول الزراعية الإسرائيلية، ورغم التطويرات التي شهدها نظام إطفاء الحرائق الإسرائيلي خلال الشهور الماضية، لكن الحقول لا تزال تحترق، والشعور بالأمن لمستوطني الجنوب أصبح يتدهور.
تعتقد الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن حماس من خلال حرائقها المستمرة في مستوطنات الغلاف تقدم لإسرائيل ذات المعضلة القديمة المتجددة، فالعمل العدواني من قبل الجيش الإسرائيلي، رداً على إطلاق تلك البلالين، يمكن أن يؤدي لإطلاق صواريخ على غلاف غزة، لكن الجيش يحاول تجنب هذا الوضع، ويفرض نوعاً من ضبط النفس، بعيدا عن أي عمل عدواني من قبل "إسرائيل" للرد على هذه الحرائق.
يزيد في المعضلة الإسرائيلية بعض المتفجرات المرافقة للبالونات الحارقة، وهي عبوات ناسفة تحمل خطرًا، مما يزيد من فرص إطلاق الصواريخ، وإدخال مستوطني غلاف غزة إلى الملاجئ، أو الغرف الأمنية، مما يعيد هذه المنطقة لأيام التوتر والقلق، وهنا تكمن المعضلة على عاتق صناع القرار الإسرائيلي، خشية الذهاب في عمل عدواني قد يؤدي لوضع أكثر حدة في غزة.
من المحتمل جدًّا أن يصل الجانبان، المقاومة والاحتلال، إلى نقطة لا يوجد فيها خيار سوى التصرف بقوة شديدة، وجباية أثمان باهظة من بعضهما بعضًا، صحيح أنهما يتجنبان ذلك قدر الإمكان، لكن من المحتمل أن تتطور الأمور، في حال شعرا أن حجم الضغط الممارس عليها ليس كافياً، صحيح أن المستويات الميدانية في الجانبين تعرف كيفية القيام بذلك، لكن المسألة تبقى قرارا يخص المستوى السياسي لديهما.