فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد سنوات من القهر والاعتقال، يستعد أسرى تحرروا مؤخراً من سجون الاحتلال، للاحتفال بعيدهم الأول في الحرية.
عادت الفرحة مجدداً، إلى بيوتهم، وأمهاتهم وزوجاتهم وعائلاتهم، الذين عاشوا الأعياد السابقة، يغمرهم الحزن والشوق، وها هم يجهزون أنفسهم، لعيد مختلف، بعيداً عن الزنازين والأسلاك الشائكة، وتنغيص إدارة سجون الاحتلال.
العيد: الغصة
ناجي الأشقر، الذي تحرر قبل أيام من سجون الاحتلال، بعد 18 عاماً من الاعتقال، يصف الأعياد في سجون الاحتلال بكلمة واحدة هي "الغصة".
ويضيف: يوم عرفة نسبة كبيرة من الأسرى يصومون، في هذا اليوم نتذكر أجواء أهلنا، وصيامهم ودعائهم، والأكلات التي يصنعونها".
وحول أجواء العيد في السجن، يقول الأشقر: في يوم العيد نحرص على صناعة أجواء مصغرة، ونحاول تعويض البُعد عن أهلنا، لكن الحزن تراه في وجوه الأسرى، وهم يجوبون ساحة "الفورة" ويكبرون، وأثناء تسليمهم على بعضهم.
ويتابع: كنا نصنع الحلويات مثل المعمول وغيره، وهناك من الأسرى من أصبحوا محترفين بصناعة الحلوى، بأبسط المواد التي تتوفر بين أيديهم.
ويعود ناجي إلى أيام شهر رمضان، يقول: رمضان يكسر روتين الأسير الذي تعود عليه، طوال العام، وكنت أنتظره بشوق، لأنه يصنع تغييراً في حياتك.
وعن أصعب المواقف التي عاشها، يروي ناجي: في العام 2004، كنت محتجزاً في سجن "هداريم"، وبينما نحن نائمين بعد صلاة الفجر، اقتحمت قوات القمع "المتسادا"، غرفنا، عن طريق إنزال بالحبال وعناصر الوحدة كانوا مدججين بالسلاح، هذا الاقتحام لن أنساه طوال حياتي، وبقيت لفترة أحلم بأحداثه، لشدة الإجرام الذي واجهناه، ولأنه أول اقتحام أعيشه في اعتقالي.
تستعد عائلة ناجي "لتفرح به"، كما يقول، ويضيف: مشاعري جياشة وأنا استعد لعيدي الأول، مشاعر ممزوجة بالحزن والفرح، الحزن على رفاقي الأسرى الذين تركتهم خلفي، وخاصة وضاح البزرة، ونهاد صبيح، الذي شاركتهم بالنضال، ويقضيان حكماً بالسجن المؤبد.
ويضيف: فرحتي كبيرة لأنني تحررت من السجن، ووجدت والدي ووالدتي في انتظاري، فقد كنت طوال سنوات الاعتقال، أدعي الله في صلاتي وقيامي، أن يبقيهما على قيد الحياة، حتى أراهما بعد تحرري.
ويتابع: "أمنياتنا بالشفاء لرفيقنا الأسير كمال أبو وعر، ونطالب القيادة والفصائل، أن تكون قضية الإفراج عن الأسيرات والأسرى المرضى والمؤبدات، على رأس أولوياتهم".
حزن على رفاق السجن
من جانبه، يقول الأسير المحرر يوسف عبد العزيز: عندما تقول "سجن"، فإنك تتحدث تلقائياً عن "حياة غير طبيعية".
ويتابع: يحاول الأسرى توفير أجواء العيد، من خلال الضغط على إدارة سجون الاحتلال، كي تفتح غرف الأسرى، على موعد صلاة العيد، لكنهم أحياناً يتعمدون التأخير، لكننا نصر على الصلاة، ويكون في منتصف "الفورة"، حلقة يسلم كل الأسرى على بعضهم، مهنئين بالعيد، ومتمنين الفرج العاجل.
ويضيف: إدارة سجون الاحتلال لا تكف عن التنغيص على الأسرى، في العيد، أذكر قبل سنوات في قسم "2" بسجن "جلبوع"، اقتحمت قوات القمع، غرف الأسرى، ليلة العيد.
ويشير إلى أن المسؤولين عن التنظيمات في السجن، يجرون جولة على غرف الأسرى، في الأعياد، كما يتوجه الأسرى إلى "عمداء الحركة الأسيرة"، مثل كريم يونس وغيره، في غرفهم، من أجل تهنئتهم والتسليم عليهم.
وحول أوضاع الأسرى، يقول: إدارة سجون الاحتلال لم توفر للأسرى، الرعاية والمستلزمات الطبية اللازمة والكافية، لحمايتهم من فيروس "كورونا"، وعدا عن ذلك، فقد استغلت أزمة "كورونا"، لحرمان الأسرى من الزيارات، وزيادة الضغط والتنكيل بهم.
ويضيف: الأسير كمال أبو وعر، يتعرض لعملية إعدام بطيئة من قبل إدارة سجون الاحتلال، نتيجة لدوره الكبير في الحركة الأسيرة، وقدرته على تثقيف الأسرى وزيادة الوعي الوطني بينهم، خاصة الأسرى الصغار والقادمين الجدد إلى السجون.
ويقول: رسالة الأسرى التي حملتها، كانت أنه يجب على الشعب الفلسطيني، تنظيم مسيرات في كل الوطن، للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عنهم، على غرار مسيرات العودة في قطاع غزة.
ويؤكد يوسف أن انتشار مرض السرطان بين عدد من الأسرى، يتطلب فتح تحقيق، في أسبابه، ودور إدارة سجون الاحتلال في ذلك.
وحول مشاعره في أول عيد له بعد 15 عاماً وشهر من الاعتقال: هناك ألم في داخلي، بعد فراقي لأصدقائي الأسرى، مثل شادي العموري، وأحمد أبو عقل، وكمال أبو وعر، وحتى هذه اللحظة، عقلي لم يستوعب أنني تحررت وتركتهم، وهناك شعور "بالذنب" يرافقني.
وعن رسالة الأسرى يقول: "وجود الأسرى هو دليل على نضال الشعب العربي الفلسطيني، حتى تحرير فلسطين، ونضال شعبنا لن يذهب أدراج الرياح".
عن أول عيد في الحرية
أما الأسير المحرر إشراق الريماوي، يقول: الأسرى يحاولون قدر الإمكان، أن يشاركوا فرحة العيد، مع قلة الإمكانيات المتوفرة بين أيديهم، ويصنعون الحلويات البسيطة "كي يحلو يومهم".
ويضيف: العيد في السجن هو عبارة عن ساعتين فقط، بعد الصلاة والتكبيرات والسلام على بعضهم، في الغرف والساحة.
ويتابع: إدارة سجون الاحتلال تعمل على تنغيص أجواء العيد، من خلال التفتيشات المتكررة للغرف.
وعن أصعب اللحظات في أعياد الأسرى، يروي الريماوي: كل أسير يحمل صور عائلته وأطفاله، ويتأملها، ويحاول أن يعيش الأجواء معهم في الأعياد.
ويقول عن الاستعدادت للعيد الأول في الحرية: حالياً أسأل عن أجواء العيد، ونظام الزيارات وغيرها، خاصة في أجواء "كورونا" التي تعيشها البلاد.
قضى إشراق الريماوي، 19 عاماً متواصلة في سجون الاحتلال، وقبل 5 سنوات من تحرره، توفي نجله الأسير المحرر أحمد الريماوي، الذي كبر واعتقل وتحرر، ووالده لا زال أسيراً.