شبكة قدس الإخبارية

تصحير محيط "يتسهار" بالنار.. من أجل توسيع نفوذ المستعمرة

113162487_3089281971179181_2834128595683955563_n
سامي شامي

نابلس - خاص قدس الإخبارية: يعمل المستوطنين ضمن خطة منظمة، لحرق أشجار الزيتون وتخريب أراضي المزارعين الفلسطينيين من أجل التمهيد للسيطرة عليها ومنع أصحابها الأصليين من الوصول إليها، كي تخلو لهم الساحة ويقيموا عليها بؤرة استيطانية أو تكون حيزا جديدا لامتداد المستعمرة القريبة.

هكذا يعمل مستوطنو مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي قرى بورين ومادما وعصيرة القبلية وحوارة وعوريف وعينبابوس جنوب مدينة نابلس، وما أن يحل فصل الصيف حتى تبدأ الحرائق تشتعل كل يوم في منطقة ما وكلها تلتهم عشرات الدونمات من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون وغيرها من الأشجار.

في قرية مادما، لا يخلو يوم واحد من هجمات قطعان المستوطنين، تحت حماية من حارس المستعمرة وقوات الاحتلال التي تتواجد بشكل دائم في الأراضي المهدد بالاستيطان، ولا شك لدا الناس بنية واضحة من قطعان المستوطنين بالسيطرة والامتداد على حساب أراضي مزارعين خدموا أرضهم لسنوات طويلة، لكن غول الاستيطان لم يعد يهددها فحسب بل صار أمرا واقعا يمنع المزارعين الأصليين الاقتراب من أراضيهم.

وفي هذا الشأن، يوضح ثائر نصار وهو أحد المزارعين وعضو في لجنة حماية المزارعين، بأن الامتداد الاستيطاني أصبح واضحا وجليا أمام المتابعين للقضية، وأصبح أمرا واقعا يردع الناس الذين يحاولون أن يصلوا أرضهم لتأهيلها وحمايتها.

يقول نصار لـ"قدس": "المستوطنون يعتبرون شجرة الزيتون حاجزا أمام امتدادهم، لذا يلجؤون لحرق الأرض عن بكرة أبيها خاصة في فصل الصيف، والنار في مثل هذه الأيام تلتهم عشرات الدونمات في وقت قليل، وتروح ضحيتها أشجار كثيرة قبل أن يتم إخماد النار من قبل الأهالي وطواقم الدفاع المدني".

يوم الثلاثاء الماضي اشتعلت النار بأراضي المزارعين، ووصلت أشجار الزيتون وأشجار الصبر والتين واللوز، وامتدت لتصل عشرات الدونمات، بينما خرج الأهالي والدفاع المدني لإخماد النار وتمكنوا من ذلك بعد ساعات، لكنها كانت قد أحرقت عشرات أشجار الزيتون وأشجار صبر ولوز تعود ملكيتها لمزارعين من القرية، وفق نصار.

ويشير إلى أن جيش الاحتلال يقمع الشبان إذا ما شعر بأن النار تلتهم أشجار الفلسطينيين، في حين أنه يسمح لهم بإخماد النار إذا شعر بأنها ستمتد باتجاه مستعمرة "يتسهار"، وكان دليلا على ذلك، يوم الثلاثاء الماضي عندما كان الشبان يعملون على إطفاء النار بالأشجار المشتعلة، لكن جنود الاحتلال هاجموهم بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع من أجل إعاقة إطفاء النار وامتدادها كي تلتهم دونمات أكثر.

ولدى عائلة ثائر نصار أرضا زراعية يعتني بها مع أفراد عائلته بشكل منظم ويسعون لتعميرها وتأهيلها وحراثتها دوما، برغم الاعتداءات المتواصلة التي تعرضت لها الأرض، حيث عمد قطعان المستوطنين على قص أشجارها في السنوات الماضية، وسرقوا منها حيوانات كانت تعيش داخل مغارة فيها، لكن الأشجار كانت تعود وتكبر وتثمر وفق ما يقوله نصار، مشيرا إلى أنهم في عملية الحرق الأخيرة أشعلوا النار في أشجارها واستطاع النار إخمادها قبل التهامها بشكل كامل.

ليس ببعيد عن قرية مادما، تعاني قرية بورين المجاورة ذات المعاناة من قبل قطعان المستوطنين، ففي التاسع عشر من هذا الشهر أقدم مستوطنين اثنين كانوا يركبون دراجات رباعية الدفع على إشعال النيران بشكل مباشر في أشجار الزيتون بمنطقة الميادين في جبل سلمان جنوب القرية.

ووفق ما قاله رئيس مجلس بورين نضال النجار لـ"قدس" فإن الأهالي شاهدوا كيف كان المستوطنين يلقون مواد مشتعلة بين أشجار الزيتون على مرأى من جنود الاحتلال الذين كانوا قريبين من المكان، وسمحوا للمستوطنين بالانسحاب من المكان باتجاه مستعمرة "يتسهار".

عقب إشعال النار توجه عشرات الشبان برفقة دفاع مدني بورين لإطفاء النار دون أن يمنعهم جنود الاحتلال لكنهم سرعان ما حاولوا إعاقة الشبان، حيث هاجم عشرات المستوطنين الشبان وألقوا عليهم الحجارة بينما ساندهم جيش الاحتلال وأطلق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع تجاه أهالي القرية.

هذا الحريق التهم نحو 30 دونما من أراضي بورين، وقدرت خسائر أشجار الزيتون بحرق 150 شجرة بشكل كامل، فيما أحرقت أشجار أخرى بشكل جزئي تعود ملكيتها لتسعة مزارعين من القرية.

هذه الأراضي تصنف منطة "ج" وفق اتفاقيات أوسلو، ويمنع الاحتلال أصحابها من الوصول إليها إلا بتنسيق مسبق من أجل قطف ثمار الزيتون، وحراثتها، وفي كثير من الأوقات كان الجيش يمنع الأهالي من الوصول إليها رغم التنسيق المسبق.

يقول النجار: "هناك خطة ممنهجة وواضحة لتصحير سفح جبل سلمان من أجل توسيع نفوذ مستعمرة يتسهار، وهو ما نشهده بشكل يومي من قبل تصرفات المستوطنين الذين يمتدون على حساب أراضينا، تحت رعاية جيش الاحتلال الذي أقر بأن المستعمرة تم توسيعها وفق أوراق وصلت للمجلس القروي".

وفق نصار والنجار فإن تثبيت الوجود الفلسطيني يكون من خلال تعمير أرضه برغم الصعاب التي تواجه المزارعين، كما يقع على عاتق المؤسسات الرسمية والشعبية أن تساند المزارعين وتقف بجانبهم للصمود في وجه المستوطنين وجيش الاحتلال.