غزة-خاص قدس الإخبارية: يعيش المريض الخمسيني باسل شبات، والذي يعاني من سرطان الرئة وورم في الدماغ حالة مرضية صعبة للغاية بات يصارعُ فيها الألم متنقلًا بين أروقة الشؤون المدنية بقطاع غزة، ولجنة الصليب الأحمر علّه يتحصل على تنسيق لعلاجه في الخارج.
يحاول شبات إنقاذ ما تبقى من حياته، بعدما تأخر موعد تلقيه لجلسة العلاج الاشعاعي بمستشفى "المطلع" بالقدس المحتلة، والذي اعتاد الحصول عليها بشكلٍ دوري، قبل جائحة كورونا ووقف التنسيق المدني مؤخرًا.
وكان لإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، "حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية"، بما في ذلك اتفاقات التنسيق الأمني مع إسرائيل، بتاريخ 20 مايو الماضي تداعيات على الأرض، بجوانبها الأمنية والمدنية من بينهم المرضى المحتاجون للتصاريح الطبية والعلاج بالخارج.
يقول باسل في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، "تزداد حالتي الصحية سوءًا يومًا بعد يوم، مع وجود ورم في الدماغ، فأنا بحاجة للخضوع لجلسات إشعاع فورية لاستئصاله، كان من المفترض خروجي لتلقي العلاج للقدس بتاريخ 31 مايو/آيار الماضي، لكن مع وقف التنسيق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي تم حرماني من تلقي العلاج، كما أن علاجي في قطاع غزة مرهون بحصولي أولًا على جلسات مسح ذري قبل أي خطوة للعلاج".
يضيف: "استمرار حياتي والتخفيف من حالتي المرضية متعلق بسفري لتلقي العلاج في الخارج بعد توقف كل محاولات علاجي بغزة، توجهتُ للشؤون المدنية والصليب الأحمر علّني أجد حلًا للتنسيق لي للسفر، لكن الجميع رفعوا أيدهم عن الموضوع، كون القرار رئاسي ومتعلق بالسلطة الفلسطينية ولا يوجد حتى الآن أي حلول لعلاج مرضى السرطان تلوح بالأفق".
ولم يبد المريض أي اعتراض على قرار وقف التنسيق المدني، لكنه في ذات الوقت ناشد الجهات الحكومية أن تنظر بعين الاعتبار للحالات المرضية والانسانية للإيجاد حلول سريعة لإنقاذ المرضى، على الأقل بتنسيق ترعاه منظمة الصليب الأحمر الدولية، ولا تتعارض مع القرارات الرسمية.
ويعيش مرضى السرطان في قطاع غزة ظروفًا صحية ونفسية وواقعًا معيشيًا صعبًا للغاية، ووفق إحصائية لمركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن 8515 مُصابًا بالسرطان في قطاع غزة، يواجهون أخطارًا يومية متزايدة تمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، 38% منهم لم يتمكنوا من الوصول إلى المرافق الصحية خارج قطاع غزة لتلقّي العلاج.
لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للمرضية حنين حمدونة مصابة بسرطان الغدة الدرقية، والتي تكابد المرض بسبب تأخر حصولها على جرعة علاجها المخصصة، وفقًا للبرتوكول الطبي لها في مستشفى الأهلي بالخليل والتي من المفترض الحصول عليها بداية يوينو/حزيران الحالي.
تشرح حنين حالتها لـ"قدس": نحن كمرضى سرطان بغزة، بالأساس نعاني من صعوبة الحصول على تحويلات طبية، بعض منّا كان يتوجه للعلاج في مستشفى المطلع، لكن بسبب كورونا مؤخرًا و إغلاق حاجز "إيرز"، تم تأجيل بعض الحالات لشهر يونيو الحالي، لكن تفاجأنا بقرار وقف التنسيق وقطع العلاقات مع الاحتلال، هذا بدوره أوقف العلاج للخارج بشكل كلي".
تضيف "أبلغنا مستشفى الرنتيسي بغزة أن الحالات التي تتلقى علاج بالمطلع، سيتم معالجتها في مستشفى حياة بالقطاع، منها بعض حالات تخضع شهريا لجلسات العلاج الكيماوي، لكن بعض آخر لم يتعرف على جسدها الكيماوي مثل حالتي، وبحاجة للخضوع لجلسات تسمى" يود مشع" وغالبية الحلات تحتاج لجلسات بشكل دوري خارج غزة، كون الأجهزة الطبية الخاصة بها غير متوافرة في مشافي القطاع".
تتابع: "توقفنا عن العلاج بسبب كورونا، والآن بسبب توقف التنسيق المدني، وهذا ما زاد الأمور سوءا نحن بحاجة لاتخاذ قرارات عاجلة تنقذ حياتنا ومصيرنا.
وتقف حنين أمام خيارين للإنقاذ حياتها: الأول أن تتلقى العلاج خارج غزة في مشافي مصرية، أو مركز الحسيني بالأردن لكن السلطة لم تغطي تكلفة العلاج مما قد يعرضها حياتها للخطر، مناشِدة بضرورة إيجاد بدائل فورية للمرضى سواء كان من قبل منظمات حقوقية أو دولية أو صحية أو أي حلول تلوح في الأفق.
الصليب الأحمر يوضح
تواصلت شبكة قدس مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لمعرفة تفاصيل هذه القضية، حيث قالت بدورها المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة سهير زقوت: "حتى الآن لا يوجد أي رؤية واضحة من قبل السلطة الفلسطينية لطبيعة الدور الذي سيقوم به الصليب في هذا الجانب، ورغم كونها منظمة دولية فإنّها لا تحل محل السلطات في أي دور، دون أن يكون هناك تواصل مباشر بين الجانبين أو استراتيجية معينة للعمل بها سواء كان في الضفة أو قطاع غزة".
وأكدت في حديثها لـ"قدس الإخبارية"، أن اللجنة تعمل بشكلٍ محايد، وغير متحيزة، ولا تقوم بالتعليق على أي خبر سياسي، ومن جهة أخرى تبقى على استعداد لتقديم خدماتها كوسيط بين الأطراف حين يطلب منها ذلك على أرضية إنسانية فقط.
الشؤون المدنية تتحدث
فيما علّق مدير دائرة الاعلام في هيئة الشؤون المدنية وليد وهدان، قائلًا إن الشؤون المدنية هي فقط جهة تنفيذية لقرار سيادي سياسي، وهناك قرار يقتضي بوقف التنسيق يتوجب تنفيذه دون أن نستثني أحدًا، وبموجبه لا نتواصل مع الجانب الإسرائيلي على الإطلاق، نحن التزمنا استنادًا لهذا القرار، وفي حال تم إصدار أي قرارات بهذا الشأن، فالرئاسة هي من تحدد، وقيادة منظمة التحرير كونها هي من أصدرت القرار".
وأشار وهدان بحديثه لـ"قدس"، إلى أنه في مؤتمره السابق نبّه رئيس الوزراء محمد اشتيه إلى أن مرضى السرطان بغزة سيخضعون للعلاج في القطاع.
قرار مهم يحتاج لخطة
بدوره عقّب الحقوقي والباحث مصطفى إبراهيم، قائلَا إن "القرار مهم، لكن كان عليه أن يكون أكثر عمقًا، ومبني على خطة سابقة، واستراتيجيات واضحة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الصعبة والمتدهورة التي يعيشها الفلسطينيين تحديدا في قطاع غزة في ظل الحصار المفروض عليهم منذ 14 عامًا، واشتداد أزمة كورونا مؤخرا".
وأشار في حديثه إلى أنه تم الإعلان عن مركزين لاستقبال مرضى السرطان في قطاع غزة، كبديل عن سفرهم لتلقي العلاج بالخارج، وهما مركز حياة ومستشفى القدس، لكن دون النظر في هل إذا كانا مؤهلان لاستقبال المرضى فيما يخص الإمكانات الطبية، والمعدات، ومدى استطاعتهما توفير البرتوكول العلاجي الكامل، وإلا سيكون مرضى السرطان هم من سيدفعون الثمن.