شبكة قدس الإخبارية

السلطة ووقف التنسيق الأمني.. خطوات جادة أم مناورة تكتيكية؟

6d629l8jt354
محمد سنونو

رام الله – خاص قدس الإخبارية: تدور حالة من التشكيك في الأوساط الفلسطينية بشأن وقف السلطة الكامل للتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي خصوصاً بعد التجارب السابقة التي شهدتها السنوات الـ 5 الأخيرة على وجه التحديد.

ويشكل عدم تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والتنفيذي ذريعة للكثير من المشككين بقرار السلطة وقف العمل بكافة الاتفاقيات بما في ذلك التنسيق الأمني، وهو ما تنفيه السلطة وقيادات حركة فتح بالكلية حيث تصر على أن العمل بالاتفاقيات توقف كلياً.

ويجمع محللان على أن تجربة الفلسطينيين مع السلطة على مدار السنوات الماضية أحد أسباب التشكيك في وقفها للتنسيق الأمني واعتبار ما يجري محاولة للمناورة ضد خطوات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة خصوصاً في ظل غياب برنامج سياسي للمواجهة.

في الوقت الذي تنفي فيه حركة فتح استمرار التنسيق الأمني وتطالب بعدم التشكيك في قرارات الرئيس التي أعقبت اجتماع الفصائل الفلسطينية في رام الله قبل أكثر من أسبوعين.

من جانبه، قال الناطق باسم حركة فتح حسن حمايل إن التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي هو جزء بسيط من الاتفاقيات بين فلسطين والاحتلال، وأن التنسيق الآن متوقف بعد إعلان الرئيس محمود عباس وقف العمل بكل الاتفاقيات.

التنسيق متوقف

وأضاف حمايل في تصريحات خاصة لـ "شبكة قدس"، مساء اليوم الأحد: "علينا عدم الاستمرار في التشكيك بوقف التنسيق الأمني، لأنه بالفعل توقف، والاحتلال أبلغ السلطة الفلسطينية منع الأجهزة الأمنية من التوجه للقرى والمدن وأعلن أنه سيتعامل مع أي محاولة بقوة النار".

وواصل الناطق باسم فتح قائلاً: "الاحتلال يتعامل بصلافة في هذه القضية حيث أوقف التنسيق المدني المرتبط بالصحة والتجارة وغيرها من الملفات وأبلغ السلطة رسمياً بذلك"، مستكملاً: "قبل أيام روجت إشاعة على لقاء سري عقد بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية وهذه إشاعة وكذب مصدرها الإعلام الإسرائيلي".

وأشار حمايل إلى أن الاحتلال يحاول الالتفاف على السلطة الفلسطينية عبر دعوة الفلسطينيين للتنسيق المباشر والتوجه لمقرات الإدارة المدنية وهي تحاول من خلال العمل أن تفكر بخلق جسم بديل وقيادة بديلة عبر المحاولة من خلال الفصائل التي سترفض ذلك أو من خلال بعض "الخونة" ولن تفلح في ذلك، حسب قوله.

هل هناك جدية؟

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي وجود صعوبة في تصديق السلطة الفلسطينية بتوقف التنسيق الأمني بمستوىٍ عال نتيجة للتجارب الكثيرة التي عايشها الفلسطينيون معها طوال السنوات الممتدة من فترة نشأتها وحتى الآن.

وأضاف عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس": "هناك اختلاف قليل هذه المرة عن المرات السابقة وهو أن السلطة أرادت أن تعبر عن حالة الغضب من قرار الضم والوصول إلى طريق مسدود وهو فشل الغطاء السياسي لفكرة وجودة منظومة السلطة".

وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أن السلطة تعتقد أن التنسيق الأمني هو أقوى الأوراق التي تمتلكها في سياق الضغط على الاحتلال وتجربة هذه الورقة واستخدامها بدرجة قليلة، منوهاً إلى أن تصريحات قيادة السلطة توحي بوقف كامل للتنسيق الأمني.

وواصل قائلاً: "تصريحات السلطة تؤكد على أن وقف التنسيق لا يعني السماح بأي عمل ضد الاحتلال وهو تحديداً العمل العسكري وهو ما يعني أن التنسيق مستمر لكن بأسلوب مختلف، إلى جانب عدم وجود انتفاضة شعبية تقودها حركة فتح في الضفة".

ونوه إلى أن السلطة لا تخاطب جمهورها والشعب الفلسطيني لتضعه في صورة خطواتها المقبلة خصوصاً وأن الحديث يدور عن وقف التنسيق الأمني والعمل بالاتفاقيات الأخرى، منوهاً إلى أن الأمر الملاحظ هو قرار الاحتلال وقف التنسيق المدني رداً على قرار السلطة.

وأردف قائلاً: "هذه الخطوة الإسرائيلية تمنح السلطة الفلسطينية نوعاً من المصداقية لدى الجماهير الفلسطينية بعد القرار الإسرائيلي وتضغط في ذات الوقت على الجماهير خصوصاً وأن الكثير من الأمور الحياتية ستشكل عنصراً ضاغطاً على الفلسطينيين".

وشدد عرابي على أن السلطة الفلسطينية لم تخطو أي خطوة جدية ضد الإدارة المدنية وإحيائها من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي عزز أساليب التواصل مع الفلسطيني، منوهاً إلى أن الاحتلال لا يعتبر نفسه متضرراً بشكل كبير من وقف التنسيق.

واتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس عبد الستار قاسم مع عرابي في أن التجارب السابقة للسلطة الفلسطينية مع الجماهير تجعل من الصعب تصديق فكرة توقف التنسيق الأمني بشكل كامل مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال قاسم لـ "شبكة قدس" إن الكثير من التحركات ستجري من الأمريكيين والأوروبيين والاحتلال الإسرائيلي للحديث مع السلطة الفلسطينية ووقتها ستتضح الصورة أكبر من الفترة الحالية، مضيفاً: "من الواضح أن الاحتلال سيقلص صلاحيات السلطة المدنية وهناك ضغوطات تجري لجعل لذلك مؤقتاً لضمان استمرار السلطة وبقائها كجسم".

ورأى أستاذ العلوم السياسية أن السلطة الفلسطينية متورطة بسبب التنسيق الأمني وورطت معها الشعب الفلسطيني والتنسيق أحد مبررات بقاء السلطة كجسم، وإذا ذهبت الخدمة الأمنية فبقاء السلطة سيصبح بلا جدوى.

وواصل قائلاً: "عباس وقيادات السلطة أصدروا الكثير من التصريحات والمواقف الوطنية بعدم الالتزام بالتنسيق الأمني إلا أنهم لم ينفذوها وفي النهاية التزموا ببقاء التنسيق".