نسري إلى المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر، نمشي من طريق سوق الجمعة باتجاه باب الأسباط (أحد أبواب البلدة القديمة)، وعلى يميننا وشمالنا بسطات تجارية تحوي بضائع عديدة ومتنوعة، نردد التكبيرات بصوت خافت وإن سمعنا أحدا يرددها نرفع أصواتنا عاليا، وما إن نصل باب الأسباط حتى نرى بالونات العيد الملونة تنتظر أولادنا، فيشتري كل من الأطفال ما يحب، متوجها للمسجد الأقصى.
نصلي الفجر جماعة في رحابه، ثم تبدأ تكبيرات العيد تصدح أرجاء المكان، في هذا الوقت يشد عشرات آلاف المصلين رحالهم إليه من القدس والداخل المحتل وأهلنا في الضفة ممن سمحت لهم سلطات الاحتلال بدخول المدينة، إلا أنها حرمت مئات الآلاف من هذا اللقاء في هذه المناسبة الدينية.
نكبر ونهلل حتى يحين موعد الصلاة، نترك كل شيء، نقف صفوفا متتابعة، ونصلي صلاة العيد وقد امتلأت مصليات وباحات المسجد الأقصى بالمصلين الفلسطينيين إضافة إلى مسلمين من جنسيات مختلفة، في هذا الوقت يعتلي الصحفيون من المصورين سطح المصلى القبلي بالتنسيق مع حراس الأقصى ليلتقطوا أجمل الصور لصلاة العيد.
تبدأ الخطبة وتبدأ معها المعايدات والمصافحة والتصوير لترك ذكرى جميلة في المسجد الأقصى في هذا اليوم المبارك، عائلات كاملة تجتمع في رحابه، الأب والأم والإخوة والأخوات والأحفاد في مشهد نفتقده كثيرا اليوم.
أطفال سعداء ومبتسمون يلبسون أطقم العيد، نساء يحملن التمر والمعمول ويوزعنه على أحباب المسجد يهنئونهم بالعيد، مهرجون يرسمون بسمة على وجوه أطفال الأقصى، وآخرون يوزعون عليهم البالونات والألعاب.
كعك القدس لا يغيب أبدا في هذه المناسبات، فبعد انتهاء الخطبة تتخذ بعض العائلات من المصاطب مكانا لها، يتناولون فطورهم الذي يكون أساسه كعك أفران القدس القديمة الساخن وما قسم الله لهم.
تلك كانت أجواء العيد التي غابت جميعها اليوم، باستثناء أن التكبيرات والصلاة والخطبة أقيمت جميعها بوجود حراس وسدنة المسجد الأقصى والعاملين في دائرة الأوقاف الإسلامية، فالمسجد الأقصى مغلق أمام المصلين، فقد حرمنا "كورونا" منه!
الأحياء القريبة من المسجد الأقصى سمعت كل ذلك، لكن لا شيء يضاهي لذة الوجود في باحاته والصلاة في مصلياته المسقوفة، والحصول على صور كذكرى في رحابه مع الأهل والأصدقاء، خاصة أولئك المعتكفين من أهلنا في الضفة الذين قالوا إننا لم نعرف طعم العيد وجماله إلا عندما عشنا أجواءه في المسجد الأقصى.
هكذا بدا المسجد الأقصى صباح اليوم ..
وهكذا كان الوضع عندما حاول المصلون الوصول إلى أقرب نقطة لأبوابه ..
