الضفة المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: اشتكى المئات من العمال الفلسطينيين، من عدم استلامهم لمصروفات صندوق وقفة عز، بعدما أعلنت الحكومة الفلسطينية عن بدء التوزيع بقيمة 700 شيكل للعمال في المحافظات الفلسطينية بالضفة وغزة.
غزة بطبيعة الحال لم يستلم العمال فيها أي من المبالغ، وبشكلٍ جماعي، في وقتٍ قالت الحكومة في البداية إنه "خلل تقني"، لكنه يستمر لأيام حتى الآن بلا آلية صرف واضحة.
في سياقٍ قريب، ارتفعت أصوات العمال بالضفة عبر المنصات الإلكترونية، بالشكوى على أكثر من صعيد، وسط تساؤلات عن المستفيدين والمعايير المتبعة.
أحد العمال من جنين، كتب عبر فيسبوك، "المطلوب من الحكومة توضيح آلية الصرف، يعني مش معقول، صاحب محل عنده 7 عمال طلع لصاحب المحل وما طلع للعمال!"، فيما قال آخر: "كنت انتظر أن استلم 700 شيكل من صندوق وقفة عز، لتجميعها وتسديد مستحقات الايجار المتراكمة عليّ، تفاجئت إنه ما طلعي، لكن طلع لمالك البيت نفسه!"
وكان عضو الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين رياض كميل، قال إن ما حدث قائمة المستفيدين من مساعدات صندوق "وقف عز"، تشكّل حالة خزي يندى لها الجبين، حيث تتضمن أسماء المستفيدين تجار تصل رؤوس أموال إلى 3 ملايين.
وأكد كميل أن الأصل هو وجود معايير لتوزيع المساعدات على 35 ألف، ضمن قاعدة الأولى فالأولى فالأولى، لا أن تتضمن تجارًا وملاك وميسوري الحال، على حساب آخرين لا يجدون ما يهوّن مصابهم".
لهذه الأسباب..
من جهته، قال المحامي عامر حمدان، وهو أحد مؤسسي الحراك الفلسطيني الموحد، المناصر لحقوق العمال، إن أكثر من ألف عامل اشتكوا من عدم استلامهم بالرغم من كونهم مستحقين بالفعل، وجرى تجميع أسمائهم في استمارة ستُرفع إلى وزارة العمل.
وأوضح في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، أن هناك حالة تذمر واسعة من قبل الناس، إذ يرون أنفسهم مستحقين، لكنهم لم يتقاضوا شيئًا، وفي المقابل هناك مقتدرين وميسوري الحال لكنهم استلموا من "وقفة عز"، وهذه المفارقة تخلق حالة اجتماعية سلبية ومشحونة.
ووفقًا لحمدان، فإن السبب الأول يعود إلى ضعف عمل الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام للنقابات والجهات المسؤولةأصلًا عن حصر الأسماء والحالات، وكان يتعين أن تكون الآلية بشكل أسهل، مشيرًا إلى أهمية وجود "داتا" لتسجيل العمال بقطاعات مختلفة ومتابعة لأوضاعهم.
ولفت إلى التسريبات والشكاوى التي يطرحها الناس، وتشير بشكلٍ آخر إلى استفادة أشخاص بسبب القرابة والعلاقات مع شخصيات مسؤولة بالحكومة، أو مع الجهات المختصة بالتوزيع وحتى مع حركة فتح، كما ضمت قوائم المستفيدين أقارب وعدة أخوة لأسرة واحدة، فيما عائلات لم يستفيد أحد منها.
وأوضح أنه ليس هناك معايير لتحديد المستفيد من غيره، وذلك بدليل الفئات المستفيدة بمنطقة واحدة، فمثلًا قد يكون شخصين بنفس القطاع أحدهم يستفيد والآخر غير مستفيد بالرغم من كونه مستحقًا، وهنا تطرح الكثير من الأسئلة حول آلية الاختيار.
أين البقية؟
في إطار متصل، أشار المحامي حمدان، إلى أن الأموال التي جمعت بصندوق وقفة عز، هي من تبرعات الشعب الفلسطيني أصلًا وخاصة القطاع الخاص والموظفين المساهمين، وهذا أمر معلوم، والحقيقة أنه ليس "إنجازًا للحكومة"، كما يتم تصويره وطرحه.
وأوضح أن المطلوب اليوم، معرفة أوجه صرف بقية المبالغ التي وصلت إلى الحكومة الفلسطينية، من المعونات الدولية والتبرعات الخارجية والدعم المنظم خلال حالة الطوارئ، وعدم الانشغال بالثانويات التي لم تساعد على حل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت إلى أن الكثير من العمال فقدوا حقهم في التعويض المالي الأوليّ من الصندوق، بالرغم من تضررهم واستحقاقهم، ولن يتم تصحيح هذه الخطوة، لأنه من المحال أن تعود الحكومة وتطالب بالمبالغ من المستلمين غير المستحقين، لذا لا سبيل أمام الناس إلا إعلاء صوتها والتوحد للمطالبة بحقها، قال حمدان.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد تحركات واسعة على الأرض لنصرة المتضررين، والمطالبة بإنشاء محاكم عمالية، لإرجاع الحقوق للعمال خاصة الذين تضرروا بشكل بالغ بالخصم والفصل التعسفي، والعمل على إصدار تعميم لاستعادة حقوقهم.
كما لفت إلى أن العمل جارٍ، لتأسيس اتحاد عمال نقابات حر، يدعم العمال وحقوقهم، لكنه يستلزم تعديل قانون إنشاء اتحادات لدى وزارة العمل، مضيفًا: "أمامنا تحديات صعبة".
المحافظ كميل: إلغوا التسليم وابنوا لهم مصانع
من جهته، قال محافظ سلفيت عبدالله كميل، عبر حسابه بفيسبوك: "رأيي أن يتم إلغاء تسليم المتضررين من العمال مبلغ 700 شيكل، والذي خلق جدلًا وصخبًا واسعًا في الشارع".
وتابع: " كان من الممكن استخدام الستين مليون لبناء مصانع لتشغيل العمال الذين يعملون بالمستعمرات، حيث بذلك نخلق اقتصادًا وطنيًا ونسهم بالقضاء على البطالة وعلى العمالة في مستعمراتهم، ونحفظ لعاملنا كرامته".
أما وزير العمل، نصري أبو جيش، فقال إن كل الإدّعاءات الواردة بخصوص قوائم مستفيدي صندوق وقفة عز، لا أساس لها من الصحة، فيما أكد مدير عام التشغيل في وزارة العمل، رامي مهداوي أن "اللجنة الفنية التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين قامت بالتحقق من القوائم قبل اعتمادها والنشر".
وتابع: إن كان هناك من قام بتسجيل اسمه وتم قبول طلبه بناء على تلاعبه بالمعلومات المطلوبة منه أن يدونها، فانه بذلك أحدث خللًا في المال العام وكذب معلوماتيا ويجب محاسبته ومساءلة كل من تعدى على المال العام وهذه تعتبر سرقة.
الخيارات والمقترحات واسعة، لضمان وصول حقوق الناس والمتضررين والعمال، الفئة الأكثر ضررًا من حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة الفلسطينية جراء كورونا، ودفعت بالآلاف إلى التوقف عن العمل ووقف مصادر دخلهم أو تضررها بشكل كامل، ويبقى السؤال: "كيف ستتصرف الحكومة؟!".